تشكل الأموال عصب الاقتصاد الذي يعتبر عماد الحياة المعاصرة وأحد مقومات الأنظمة السياسية والاجتماعية السائدة في العالم ، ويقاس رقي وتقدم الشعوب برقي وتقدم اقتصادها. وقد أصبح الاقتصاد نظاما عالميا ارتبطت به الأسرة الدولية بصورة عضوية ، فأصبح يشكل كيانا مترابطا تتفاعل أجزاءه فتتأثر وتؤثر في المتغيرات التي تتجاذب العالم المعاصر. إن كلمة غسيل الأموال وكلمة تبييض الأموال يلتقيان في دلالة مفهومهما. وهذا يعني استخدام حيل ووسائل وأساليب للتصرف في أموال مكتسبة بطرق غير مشروعة، وغير قانونية، لإضفاء الشرعية والقانونية عليها. وهذا يشمل الأموال المكتسبة من الرشوة والاختلاسات والغش التجاري وتزوير النقود، ومكافآت أنشطة الجاسوسية. فاصطلاح غسيل الأموال، وتبييض الأموال اصطلاح عصري وهو بديل للاقتصاد الخفي أو الاقتصاديات السوداء أو اقتصاديات الظل. وهو كسب الأموال من مصادر غير مشروعة، وأحياناً يتم خلط هذه الأموال الحرام بأموال أخرى حلال، واستثمارها في أنشطة مباحة شرعاً وقانوناً لإخفاء مصدرها الحرام والخروج من المساءلة القانونية، بعد تضليل الجهات الأمنية والرقابية. فمن الأساليب التي يجري على أساسها غسيل هذه الأموال غير المشروعة التي يتم تحصيلها من عمليات السرقة وتسهيل الدعارة والرشوة وتهريب المخدرات وتهريب البشر والمتاجرة بالأطفال، ونوادي القمار أن يقوم أصحاب الأموال غير المشروعة هذه بإيداعها في بنوك أو تحويلها بين البنوك لدمجها مع الأموال المشروعة، وإخفاء مصادرها الأصلية. وقد يتم تحويل هذه الأموال من البنوك الداخلية إلى بنوك عالمية لها فروع كثيرة في العالم. ثم تقوم البنوك الخارجية نفسها بعملية تحويل أخرى للأموال عبر فروعها المختلفة، وبعد ذلك يقوم أصحابها بسحب أموالهم من البنوك لشراء الأراضي، أو المساهمة في شركات عابرة القارات. ويصف الفقهاء عملية غسيل الأموال بأنها التصرفات المالية المشروعة لأموال اكتسبت بطرق وأساليب غير مشروعة عن طريق استخدامه ولمرات عديدة وفى أوجه مختلفة وبأساليب عديدة فى وقت قصير فى الاستثمار مثل الإيداع فى البنوك المحلية والخارجية عن طريق إدخال الأموال أو إخراجها أو تحويلها عبر عدة عمليات مصرفية أو تدوير ذلك المال فى أنشطة مشروعة كثيرة مثل شراء الارضى والعقارات والمشروعات السياحية والصناعية أو تأسيس الشركات وبعضها وهمية أو المضاربة بالمال فى البورصات أو التجارة وغير ذلك من الأساليب لإخفاء المصدر غير المشروع للمال وتضليل الأجهزة الرقابية والأمنية للإفلات من العقوبات القانونية المقررة على تلك الجرائم الاقتصادية المسماة بجريمة غسيل الأموال.. ولاشك في أن سلامة الاقتصاد الوطني عامل أساسي في استقرار الحياة السياسية والاجتماعية ، إذ يوفر التوازن بين الإمكانات والرغبات مما يعطي للسياسة مفهومها الأصيل ، وهو حسب تعريف الفارابي في كتابه " السياسة المدنية " ، السياسة فن إدارة المدينة وهذا يؤكد ارتباط الأمن السياسي بالأمن الاقتصادي وارتباط الاثنين بالأمن الاجتماعي. وقد تأثرت حياة الفرد إلى درجة بعيدة بالتطور الاقتصادي والصناعي ، فتطور نهج حياته ، كما تطورت علاقاته الإنسانية ، فارضة أنماطا جديدة من السلوك والمواقف ، وقد اتصف بعضها بالأنانية والمادية المطلقة بحيث أصبح هاجس الربح سائدا بغض النظر عن المساوئ الناتجة عن العمليات المؤدية إليه أو الأصناف المنتجة وأصبح الإنسان اليوم يسيطر على قوى الطبيعة وتحويلها إلى خدمة مصالحه اليومية بصورة لم يعهدها من قبل. وتعتبر تبييض الأموال أو غسيل الأموال أو الجريمة البيضاء من التعبيرات التي تداولت مؤخرا في كافة المحافل المحلية والإقليمية و الدولية لذلك وحتى تتضح معالم هذا الموضوع. تعتبر ظاهرة غسيل الأموال إحدى أخطر الظواهر السلبية العالمية التى تؤثر على الوضع الاقتصادي لأى دولة وتلقى بظلالها على نمو أي استثمار سواء كانت داخليا أم خارجية. 1 2 3 4 › »