ثورة يناير من وجهة نظري، هي الطريق المظلم الذي سلكه المصريين من اجل الوصول للنور. كان هناك عدة طرق اخرى بإمكاننا ان نسلكها لنصل الى نفس الهدف، لكن للاسف لم نتمكن من السير فيه، ولم يكن امام الشعب الا باب الثورة. كنت كالملايين من المواطنين المصرين احلم بأن ارى بلدي تنافس الدول المتقدمة في كل المجالات، ولكن الفساد واليأس من التغير كانو يحولون الحلم لكابوس، حتى جاء يوم تنحي الرئيس زين العابدين بن علي من حكم تونس، شعرت وقتها ان هناك بادرة امل، لكن امتداد نفوذ مبارك وسطوته على كل مفاصل الدولة كانت ترسم ملامح الحزن على وجهي والخوف من فقدان الامل مرة اخرى. لم اتتردد في تأيد دعوات التظاهر يوم 25 يناير، كانت الاحلام وردية، وكنت اظن انها دعوات شعبية خالصة، حتى انهم بعد ذلك كانو يرددون ان هذه الثورة بلا قائد، لتمر الايام واكتشف ان من يقود الثورة هم الاخوان بالاتفاق مع امريكا والمنظمات الاجنبية الممولة من قطر، وتتوالى الاحداث لأرى بلدي التي حلمت بتقدمها تنهار امام عيني، فلا امان ولا استقرار ولا اقتصاد ولا سياحة صراعات سياسية ومظاهرات وقطع طرق وحرائق وسجون تفتح واقسام تحرق، في كل لحظة خبر جديد عن حرق منشأت او جريمة قتل نهاراً جهاراً. كنت اسأل نفسي والحزن يعتصر قلبي هل هذا هو التغير الذي حلمت به!!، ثم تتوالى الصدمات واكتشف ان كل هذه العمليات الاجرامية كان الهدف منها ابتزاز المجلس العسكري لتسهيل عملية وصول الاخوان الشياطين للسلطة، حتى وصل مندوبهم لكرسي الحكم، كم من الدماء التي اريقت وكم منشأة احرقوها وكم حجم الخراب الذي تسببتم فيه، ناهيك عن حملات التشويه الممنهجة للجيش والجنود، بداية من حملة اخلع يا دفعة وحملة عسكر كاذبون وحملة عسكر ميحكمش، اكثر من مائة حملة لتشويه الجيش، حتى صدق الكثير من الشعب تلك الحملات، بدأت اشعر اني افقد بلدي حرفياً. انا من اسرة متوسطة لم اسافر خارج مصر، ولم اتمنى يوما العيش خارجها، لا وطن لي ولاولادي الا مصر، جذوري واجدادي من الام والاب جميعهم مصريين، كنت ارى ما يحدث حولي في ليبيا وسوريا واليمن والعراق، ازداد رعباً وخوفا، حتى شعور الاحباط والخوف اصبح يلازمني، شعور لا يقارن ابداً بذلك الشعور الذي انتابني قبل 2011، فأثناء حكم مبارك كان طموحي ان يتغير النظام وينتهي الفساد وتتطور الدولة في كل مجالاتها، اما بعد ثورة يناير والاحداث التي مرت بها مصر اصبح اقصى طموحي ان لا تنقطع الكهرباء اثناء استخدام المصعد، او ان استيقظ يوماً دون ان اقرأ خبر عن جرائم تلك الجماعة الارهابية. كانت الاحداث في مصر تشبه لعبة البازل، التي يجيب عليك ان تجمعها لتحصل على صورة نهائية ذات شكل مفهوم وواضح. فكان عامان من الانهيارات والمؤامرات كفيلة ان تجعل هذا الشعب ينتهي تماماً من تجميع لوحة البازل، ليفهم جيداً ان ما حدث مؤامرة مكتملة الاركان، ولم يكن ثورة المقصود منها الإصلاح. لكنها كانت ثورة المقصود منها هدم الاجهزة الامنية وعلى راسهم الجيش، ثم هدم مؤسسات الدولة ثم انهيار الدولة وتفكيكها وتسليمها رسمياً للإرهاب الدولي. لملم الشعب اوجاعه واسترجع عافيته واستدعى قوته وحماسه وخرج في شكل حضاري منظم وثار الثورة التي تليق به وبعراقته وخرج ليعلن للعالم كله في 30 يونيو 2013 انه لن يقبل بوجود جماعة ارهابية تحكم بلاده، ولن يقبل ان تعبث ايادي خارجية ببلاده، ولن يقبل بوجود مرتزقة وممولين في المشهد السياسي في بلاده. خرج الشعب في 2013 ليصحح الطريق الذي سلكه في المرة الاولى، وبتوفيق من الله وبمساندة من الجيش، اعلن الشعب انتصاره.