في حياة عبد الحليم حافظ نساء كثيرات.. لكن امرأتين لم ينساهما ابدا .. احداهما كانت تهدده بالقتل .. والثانية كانت اخر من تمناها زوجة له !! زوجة الوزير !! الاولي كانت امرأة رائعة الجمال ! كانت زوجة وزير عربي اشتهر بالبطش والتنكيل بخصومه.. وسحل أعدائه.. وتشريد معارضيه.. وإرهاب الجميع حتي رئيس الدولة.. لم يكتف هذا الوزير باغتيال كل المشكوك في ولائهم نحوه داخل بلده.. لكن مؤامرات الاغتيال والتصفية الجسدية التي يجيد التخطيط لها بمهارة فائقة جاوزت حدود دولته إلي باقي العالم العربي. فأصبح مهابا حتي من رؤساء وحكام الدول العربية وتشاء أقدار هذا الوزير الجلاد أن يكون أسيرا في حب زوجته التي لم يعد متفرغا لها.. بينما تفرغت هي لحب عبدالحليم حافظ! دب الرعب في قلب المطرب الكبير.. لو رفض حبها ربما دبرت له مكيدة لدي زوجها يكون ثمنها روحه!.. كانت تتصدر الصفوف الأولي إذا أقيمت لعبدالحليم حفلات في دولتها بتحريض منها.. وكانت تزور القاهرة خمس مرات في العام بحجة عشق مصر.. بينما تأتي خصيصا لتزور العندليب بعيدا عن عيون المعجبين والمعجبات وفي كل مرة كان عبدالحليم يسرف ويبالغ في الترحيب بها وإكرام وفادتها فاعتقدت أن المطرب الشهير يبادلها الغرام الملتهب! في إحدي الزيارات سمعته يدندن في حجرته قبل أن يخرج للقائها بالصالون.. سألته وهو يصافحها عن اسم "الغنوة" التي كان يشدو بها في الحجرة.. أجابها بسرعة.. "الرفاق يتساءلون.. حبيبتي.. من تكون؟".. طالبته أن يجلس ويغنيها كاملة.. انصاع لطلبها صفقت له بحرارة.. اندفعت تطبع قبلة فوق جبينه.. صاحت بأعلي صوتها:" - "قصيدة رائعة.. لابد أن تسجلها فوراً" يتكهرب جسد عبدالحليم حافظ.. ويحييها محاولا إقناعها: - "يا ست الكل.. هذه القصيدة لن أغنيها أبدا.. أنا أدري بالمسائل الفنية من أي شخص آخر.. لكني سوف أرددها لنفسي فقط.. لو غنيتها للجمهور سوف تفشل.. لكني أحبها وأغنيها لنفسي". نظرت إليه زوجة الوزير في حدة.. ثم قالت: - لكنك ستغنيها وإلا فسأقتلك! - ربما كانت تداعبه بهذا التهديد.. لكنه لم يغامر.. وظل يقنعها في كل زيارة أنه انتهي من تسجيل جزء جديد.. ويمنحه لها لتسمعه.. ثم يردد لأصحابه بأن نهايته قد تكون علي يد هذه المرأة زوجها!... لكن نهايته كانت في إحدي مستشفيات لندن.. لم يشعر الوزير الجلاد بحب زوجته للعندليب.. وكانت المفاجأة عندما مات عبدالحليم أنهم قاموا بتجميع الأجزاء المسجلة بصوت عبدالحليم حافظ من قصيدة "الرفاق يتساءلون" حيث كان يغنيها تحت ضغط أوامر زوجة الوزير.. وتمت إذاعة القصيدة كاملة دون أن يعرف الناس لماذا لم تذع قبل وفاة المطرب الكبير؟! وشهدت آخر ساعات عمره آخر أسراره أيضا! نظر العندليب إلي من حوله.. كان يبدو كأنه استرد كل صحته في هذه اللحظة.. قال لأحدهم. - "اطلبوا لي مصر.. اتصلوا بناهد في النمر اللي مكتوبة في أجندتي الخاصة!.. لازم أكلمها ضروري.. حاولوا تلاقوها يا جماعة!" من بين كل الحاضرين لم يكن أحد يعلم بقصة ناهد غير صديقه الشاعر الغنائي الكبير محمد حمزة.. فتاة في العشرينات. صورة أخري طبق الأصل من الحبيبة الراحلة التي هبطت عليه فوق شاطئ ميامي.. لكن ناهد تختلف في شيئين.. فهي تصغره بأكثر من ربع قرن من الزمان.. كما أن والدها الوزير اللامع تربطه به صداقة وطيدة.. أحبها عبدالحليم بكل صدمات الماضي وجروح القدر.. قرر أن يتزوجها.. ويوم مصارحتها قبل سفره الأخير.. انتحي بها جانبا في منزل والدها.. وأخبرها أنه يريد محادثتها في أمر مهم.. أسرعت تقول له.. "قول يا عمو".. شعر المطرب الكبير في كلمة "عمو" بالواقع الذي أفاق علي صخرته لتنقلب سفينته الحالمة.. خجل من الفتاة.. اختنق صوته.. داري عنها دموعه.. لفت به الدنيا.. استأذن متعللا بأن "دوخة" قد أصابته فجأة. انصرف دون أن تدري الحسناء الصغيرة أن كلمة واحدة نطقت بها في حياتها كلها دفعت ثمنها غاليا! حرمتها من أن تكون أشهر زوجة وأعظم حبيبة في مصر والوطن العربي كله! وسافر عبدالحليم دون أن يعرف أن القدر ينتظره هناك. وقبل ساعتين فقط من وقوع الواقعة شعر وكأنه شفي تماما.. تذكر ناهد.. قرر أن يفاتحها في الأمر مهما كان الثمن.. استكثر علي نفسه الانتظار حتي يعود إلي مصر.. طلب أن يتصل بها أصدقاؤه من المستشفي ليكلمها فورا! اتصلوا بها في منزل والدها فلم يجدوها! كلموا النادي فعرفوا أنها لم تزر النادي منذ ثلاثة أيام؟ اتصلوا بخالتها فقالت ان ناهد كلمتها منذ لحظات من منزل إحدي صديقاتها.. ومنحتهم الرقم! كلموا الصديقة فأخبرتهم أن ناهد عادت إلي منزلها! اتصلوا بالمنزل مرة أخري.. فأجابت أمها بأنها لم تصل بعد.. تركوا لها رقم المستشفي لتتصل بعبدالحليم فور وصولها! - مرت اللحظات ثقيلة.. وعادت الغيبوبة إلي عبدالحليم وفجأة دق جرس التليفون في حجرة عبدالحليم حافظ.. ظل رنين التليفون لحظات طويلة حتي رفع أحد الموجودين السماعة.. أخيرا جاء صوت ناهد من القاهرة تسأل عن عبدالحليم حافظ.. قالت إنها تتحدث قبل أن تخلع ملابسها لأنها هي الأخري تريد أن تخبر عبدالحليم بأمر مهم.. لكن ناهد لم تسمع إلا دموع أصدقاء عبدالحليم حافظ في حجرته بالمستشفي، أخبروها أنه قد مات!