كنت محظوظة لأننى التقيت بنجوم الزمن الجميل قبل رحيلهم، وذلك منذ عشرين عاماً تقريباً وكان حوارى معهم تتخلله زيارات متعددة لقلوبهم.. كنت أرصد أسراراً لم يسبق البوح بها أو نشرها فى أى جهة إعلامية.. رصدت بعض الذكريات فى كواليس حياتهم بعيداً عن أضواء الفن.. اخترت بعضها إذ تكشف عن معان سامية وراقية كانت توجه أفعالهم من أجل تحقيق أهداف حققت لهم ولغيرهم السعادة.. هى أسرار لونها أبيض وأسود وبطعم الزمن الجميل!! روت لى القديرة الراحلة شهرزاد الفن زوزو نبيل قائلة: قررت أمى أن تعجل بزواجى: فقد وصل عمرى 13 سنة.. وجاءت جارتنا لتطلب يدى من أمى لابنها الضابط، فالشاب يحبنى ويراقبنى فى الرايحة والجاية مع أن نشاطى وقتها كان يتركز فى لعب الكرة الشراب ورفع الأثقال.. كان فريقنا للكرة الشراب وملعبه الرسمى الشارع فريق من صبيان وبنات الحى كل البنات ملابسهن طويلة إلا أنا!! كنت حلوة قوى وأمى مدلعانى وكنت بطلة كروية لا يستهان بها.. أشوط الكرة بقدمى الذهبية شوطة قوية فتستقر فى الجول ويتعالى التصفيق.. وحدث أن وصل أبى إلى شارعنا فى اللحظة الحاسمة وأنا أرفع قدمى لفوق وأشوط الكرة.. وياخبر اسود لم يحتمل أبى المنظر.. فقد اكتشف لون ملابسى الداخلية لكنه سيطر على أعصابه ووقف صامتا يتابع المباراة حتى نهايتها وعاد إلى البيت وعدت ثم قال لى: تعالى!! واقتربت منه وأنا أقول له: نعم يا بابا!! وبصيت لقيت قلم على خدى ده وبظهر يده على خدى التانى واندهشت وقلت له: فيه إيه يا بابا؟! وبعد صمت رهيب قال: آخر مرة تلعبى كرة شراب فى الشارع!! وهكذا اعتزلت الكرة قبل الأوان وركزت على رفع الأثقال فى نادى أبوسريع الرياضى بحى عابدين.. حتى أمرتنى أمى باعتزال رفع الأثقال.. فلقد جاء العريس واستخرجوا لى شهادة ميلاد مزورة تقول إن عمرى 16 سنة بدلا من 13 سنة وتزوجت وعشت فى بيت يطل على سجن طرة!! أما العندليب عبدالحليم حافظ.. فلقد ذكر لى الراحل عبدالله أحمد عبدالله الشهير بلقب - ميكى ماوس - عنه قائلاً: لم يدخل عبدالحليم السجن لجريمة ارتكبها.. ولكنه دخل سجن «أرميدان» للترفيه عن المساجين والغناء لهم داخل السجن بدعوة من وزير الداخلية نفسه لباها وزار مساجين سجن مصر وأمضى بينهم يوماً حافلاً بالبهجة يستمع إلى من يقرأ القرآن الكريم منهم ومن يغنى ومن يقول الزجل والشعر وغنى لهم أكثر من وصلة بالعود فقط.. وأكل معهم ولعب ألعاب الألغاز والمسابقات وفجأة لمح مسجونا يحاول أن يختفى عن أنظار عبدالحليم يجتهد ألا يراه ولكن عبدالحليم رآه فصاح يناديه باسمه.. وقام من مكانه يهرع إليه ويعانقه ويقبله فى حرارة وشوق ويدمع الاثنان فى لحظة درامية مثيرة.. كان الرجل هو الترزى الخاص لمطربنا وكان تورط فى إحدى القضايا وحكم عليه بالسجن وأعلن عبدالحليم على المساجين أن هذا الرجل صديقه وأن يدعو الله أن يقرب له الفرج ولهم وكان هذا التصرف من العندليب محل تقدير ضباط ومساجين السجن. أما فاتنة المعادى الراحلة كريمة.. فلقد التقيت بها سنة 2005 وقبل رحيلها بعدة أشهر وهى أرملة المطرب الفنان محمد فوزى وروت لى قائلة: عندما مرض محمد فوزى وسافرنا فى رحلة علاجية طويلة إلى لندن أخذت دورة تدريبية فى التمريض لكى أقوم بنفسى برعاية زوجى، ولاحظت أن محمد فوزى كان قد استسلم لحالة من الاكتئاب بعد أن انخفض وزنه كثيراً وأحس بأن نجوميته قد نسيها الناس فقمت باستئجار فتاة إنجليزية واتفقت معها أن تدخل حجرة زوجى فى المستشفى وتحضنه وتقبله وتطلب منه أن يوقع لها فى الأوتوجراف.. وبالفعل أعطيت لها مالاً كى تقوم بدورها مع زوجى ووقفت أراقب المشهد من الخارج دون أن يشعر بى فوزى.. ودخلت الفتاة وأخذت تقبل خد محمد فوزى وتصافحه بحرارة واندهش فوزى بأن هناك من الأجانب من يعرفه كفنان مصرى.. وتهلل وجهه وبعد أن خرجت الفتاة من حجرته تابعت مراقبتى له فإذا به يتجه إلى الحمام ويقف ليحلق ذقنه ويدندن فى سعادة.. وأنهيت مراقبتى له ودخلت عليه أسأله عن سبب سعادته فقال لى: تصورى يا كريمة إن فيه من الإنجليز اللى يعرفنى فى لندن أنا لازم أهتم بشكلى عشان المعجبات بيا يشوفونى فى صورة حلوة!! وتواصل كريمة قائلة: ولا أستطيع أن أنكر أننى أحسست بالغيرة أثناء تقبيل الفتاة الإنجليزية لزوجى ورغم أن الحكاية كلها تمثيل فى تمثيل إلا أننى كنت أحاول بذل ما فى مقدورى لإسعاد شريك حياتى. أما ابتسامة الشاشة شويكار.. فلقد كان أطرف اعتراف اعترفته لى عن حبها الشديد للفنانة ليلى مراد.. فتقول لى: ليلى مراد دى أمى فى الوقت الذى حرمت فيه من حنان الأم.. كنت أرى فيها صورة أمى بشفافيتها وطيبتها ومع ذلك لم أكن قد رأيتها بعد.. وإذا كان لأحد الفضل فى حبى للفن فهى ليلى مراد، كنت فى صغرى أحب فيها كل شىء، مرة كدت أنتحر خوفاً عليها إذ حدث قبل أن تلد ابنها زكى أن نشرت الصحف عنواناً مازلت أذكره يقول «حياة ليلى مراد فى خطر» وكان السبب أنها ستلد بالعملية القيصرية يومها شربت عدداً من أقراص الاسبرين ولولا أنهم نقلونى إلى المستشفى لانتهت حياتى وفى ثانى يوم قالت الصحف إن ليلى اجتازت العملية وإن صحتها تتحسن.. أذكر يومها أن أبى أحضر الصحيفة وقرأ لى الحكاية وهو يبكى ويقول: إن ليلى لم تصب بشىء فلا تخافى!! وتضيف شويكار قائلة: ليلى مراد تمثل فى نظرى الحب والماضى العظيم لقد كانت شخصيتها تؤثر فى حتى على البعد. أما الراحل القدير كمال الشناوى فلقد دار بينى وبينه حوار تليفونى قبل رحيله بعام واحد.. قال لى: أنا رجل يمتلك مفاتيح الغرام، فالمرأة هى أكثر من عرف طبيعتى وهى كائن يحتاج إلى الكلمة الناعمة والحنان والشهامة وما لا يعرفه الجمهور عنى أننى إذا أمسكت يد شخص ذكراً أو أنثى أعرف ما يدور بداخله بسهولة وكثير من الشيوخ قالوا إن هذه هى الحاسة السادسة. ومن المواقف التى لا يعلمها الكثيرون موقف إقبالى على الانتحار حينما أفلست شركة إنتاجى لظروف الإنتاج وتراكمت على الديون ولولا شيخ معمم دخل مكتبى وقرأ علىّ القرآن وأنقذنى من فكرة الانتحار لكنت الآن فى خبر كان!! أما القدير الفنان جميل راتب فيقول لى معترفاً: أنتمى لعائلتين إقطاعيتين فى سلوكهما الاجتماعى والطبقى ورغم ذلك فوالدى وأعمامى جاهدوا الاحتلال الإنجليزى ولك أن تعرفى أن هدى شعراوى هى عمة والدتى أما أنا فاشتراكى ديمقراطى أدافع عن الحقوق الإنسانية وأندد بالظلم الاجتماعى وأنادى بالعدالة الاجتماعية وعندما عدت من باريس سنة 1975 انضممت إلى حزب التجمع، وربما الناس لا تعلم عنى أننى فى سبيل حبى للفن سافرت إلى باريس بزعم دراستى للاقتصاد والعلوم السياسية، ولكننى التحقت فى نفس الوقت بمعهد التمثيل ونجحت فى المعهد ولم أنجح فى الجامعة وجاء عقاب العائلة بقطع المصروف الجامعى، واضطررت وأنا سليل عائلة كبيرة أن أعمل كومبارس ثم حمالا فى سوق الخضار ثم مترجماً ثم عاملاً فى المطاعم على مدى ثلاث سنوات هى مدة دراستى فى معهد التمثيل