حرب البرلمان علي المحكمة الدستورية العليا مذبحة جديدة للقضاء بعد مذبحة عبدالناصر عام 1969.. مذبحة عبدالناصر استهدفت أشخاصا بعينهم من القضاة لابعادهم.. أما مذبحة البرلمان فقد استهدفت مؤسسة دستورية وتغيير هيئتها ورئاستها وادخال عناصر من خارجها في تشكيلها! أراد البرلمان اصدار كارت ارهاب أحمر لاغتيال المحكمة الدستورية والتخلص من رئيسها المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تحسبا لصدور حكم الدستورية بحل البرلمان. تقدم نائبان من حزب النور السلفي حسن أبوالعزم ومحمد جعفر بمشروع قانون بتعديل قانون المحكمة الدستورية رقم 48 لسنة 1979 وبإعادة تشكيل هيئة المحكمة وأن يتخلص البرلمان من الرقابة الدستورية بموافقة 3 أرباع الأعضاء فيكون القانون محصنا من الرقابة القضائية كما أن التعديل يتضمن نصا كارثيا يكشف بصورة فاضحة في تشكيل هيئة المحكمة وكأنهم يختارن أشخاصا معينين وهذه احدي محاولات التيار الديني للقضاء علي مؤسسات الدولة بما يخدم مصالحهم وأهدافهم. البرلمان بمناقشة هذه التعديلات في لجنة الاقتراحات والشكاوي الذي وافقت علي هذا المشروع الكارثي يمارس الآن الانحراف التشريعي الذي يجعل من احكام المحكمة الدستورية العليا مجرد رأي استشاري غير ملزم.. كما نصت المقترحات علي وقف تنفيذ أي نص قانوني يترتب عليه حل مجلسي الشعب والشوري والمجالس المحلية إلا بعد انتهاء مدتها.. البرلمان أراد أن يحض هذه المجالس التي قد تخضع لحزب الأغلبية أوحزبي الحرية والعدالة (الاخوان) وحزب النور (السلفي) ضد أي أحكام تنال دستوريتها. أراد البرلمان أن يجعل هذه المحكمة الدستورية تابعة له ولا يلتزم بأي حكم من أحكامها إلا بموافقة أغلبيته!! هذه الاقتراحات الكارثية والمشروع المشبوه لم يجرؤ نظام مبارك من كسر المحكمة الدستورية التي قضت بحل مجلس الشعب مرتين في عهده وخاضت معارك مع نظامه الاستبدادي. هذا المشروع المشبوه يؤدي الي استبداد البرلمان. المشروع الكارثي والمشبوه كما وصفوه القضاة وأساتذة القانون الدستوري آثار غضب القضاة في المحكمة الدستورية وعقدت الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية اجتماعا للتصدي لمشروع القانون باعتباره انتهاكا صارخا لدولة سيادة القانون وانحراف تشريعي ينسف المحكمة الدستورية ويغتالها وتدخلا سافرا في أعمال السلطة القضائية. كما أن البرلمان أغفل أن هناك مرسوما من المجلس الأعلي للقوات المسلحة في 18 يونيو الماضي يحدد آليات اختيار رئيس المحكمة بموافقة الجمعية العمومية بما لا يجعل من سلطة رئيس الجمهورية مطلقة المجلس الاستشاري برئاسة نقيب المحامين سامح عاشور يناشد المجلس العسكري التدخل لحماية المحكمة الدستورية.. بعدها أعلنت الهدنة المؤقتة.. فالاخوان أعلنوا انهم لم يطلبوا تعديل قانون الدستورية وتأجلت المواجهة بين القضاة والبرلمان بعد سحب النائب جعفر بسحب الاقتراح وأكد أبوالعزم تمسكه بمشروع القانون وأصبح المشروع قنبلة موقوتة داخل البرلمان. الهدنة قد تنفجر في أي لحظة!