منذ فجر التاريخ والبشرية تعاني من هذه الجريمة.. فقبل آلاف السنين أقيمت أسواق الرقيق.. وانتشرت تجارة البشر عبر كل البلاد.. واستمرت هذه التجارة مئات السنين.. حتي انها كانت من أكبر أشكال التجارة عبر هذه العصور. المثير وكما يبدو أن هذه التجارة اختفت بشكلها القديم.. لتعود للظهور في أشكال أخري أكثر خطورة مثل استغلال النساء في الدعارة.. وسرقة أعضاء الغلابة.. أو خطف الأطفال وضمهم إلي العصابات.. أو استغلالهم جنسيا.. لتبدو الجريمة أكثر خطورة وصعوبة. يوم السبت الماضي.. أقامت وزارة الداخلية ندوة مثيرة جدا.. شاركت فيها العديد من الجهات الحكومية وغير الحكومية.. وقدموا خلال الندوة 08 دراسة وبحث دارت حول الأشكال المختلفة للاتجار بالبشر.. وتداعياته الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.. والتحديات التي يثيرها التطبيق العملي للاتفاقيات الدولية وطرق مواجهتها.. ليس هذا فقط بل والأهم هو تنفيذ كل هذه الأفكار لمحاربة تلك الجريمة. »أخبار الحوادث« حضرت الندوة.. وسجلت العديد من المفاجأت المذهلة.. فماذا حدث؟!.. وماذا قال القائمون عليها؟!.. هذا ما سنعرفه الآن ومن خلال السطور القادمة. علي مدار 7 أشهر كاملة.. كان مركز بحوث الشرطة يستعد لهذا الحدث المهم.. وهو الاعداد لخطة محكمة للقضاء علي كل أشكال الاتجار بالبشر. وعلي الرغم أن تلك الجريمة لم تستفحل شرورها علي أرضنا.. إلا أن رجال الأمن فضلوا الاستعداد المبكر لها.. واستئصال جذورها في حالة ظهورها.. خاصة أن موقع مصر الاستراتيجي جعلها دولة معبر لهذه الجريمة. عدالة جنائية! في البداية قال اللواء دكتور عماد حسين مساعد وزير الداخلية - رئيس أكاديمية الشرطة - أن تنظيم الندوة جاء تنفيذا لتوجيهات السيد حبيب العادلي وزير الداخلية.. لأهمية دراسة الظواهر الاجرامية المستحدثة.. بالتنسيق مع الاجهزة الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني.. حتي يتوصل الجميع لصياغة رؤي علمية يمكن للأجهزة المعنية من خلالها مواجهة تلك الجريمة. وأضاف: الدولة أولت اهتمامات فائقة بمكافحة جريمة الاتجار بالبشر.. وكان أول من بادر بهذه المواجهة هي السيدة سوزان مبارك.. كما أن الدولة انضمت الي العديد من المواثيق الاقليمية والدولية.. حتي تنبه الي خطورة هذه الجريمة.. وكما أشارت السيدة سوزان مبارك بأنها جريمة ضد الانسانية.. لذلك قمنا باستصدار العديد من القرارات والتوصيات التي دعت لضرورة التعاون بين الدولة لمكافحة الجريمة.. فضلا عن تحرك المؤسسة التشريعية لاصدار قانون خلال الشهر المنقضي.. والذي استهدف تجريم جميع الأشكال المختلفة للجريمة ومعاقبة مرتكبيها. ومن جهة أخري أشار الي أن أكاديمية الشرطة من ناحيتها تحرص علي تأهيل الطلاب علي كيفية التعامل مع جميع الظواهر الاجرامية المستجدة.. من خلال برامج تدريبية ودراسية.. كما أنه يتم تصميم برامج تدريبية متخصصة للكوادر الزمنية المتدربة بالأكاديمية للتنمية. معدل الجريمة! اما اللواء عدلي فايد مساعد أول وزير الداخلية لقطاعي الأمن العام والأمن فقال: انه منذ تولي السيد حبيب العادلي المسئولية حدد استراتيجيات ترتكز علي التخطيط المسبق والتنبؤ بالظواهر التي تهدد المسيرة الأمنية.. واتخاذ الاجراءات الاحترازية والوقائية لاجهاضها.. والتي حققت بالفعل نتائج فعالة في دعم معالم الاستقرار والأمن علي الساحة الداخلية.. والذي تشيد به كل الدوائر الاقليمية والدولية. وأضاف: أن معدلات ارتكاب هذه الجريمة علي أرض مصر معدوم تقريبا.. وليس صحيحا كل ما ينشر أن هناك سرقة أعضاء أو خطف أطفال لاستخدامهم في الدعارة أو إلحاقهم بالعصابات أو استغلالهم جنسيا.. والدليل هو ما تسجله اعداد المحاضر الرسمية والوقائع التي يتم الابلاغ عنها. تحريم وتجريم! وقال اللواء حمدي عبدالكريم مساعد أول وزير الداخلية - مدير الادارة العامة للعلاقات والاعلام: ان هذا الملتقي العلمي رفيع المستوي يمثل في حد ذاته منظومة تعاون رائعة.. تستهدف صالح الوطن.. وحماية حقوق الانسان.. كما أن لهذه الجريمة خطورة خاصة ان الشرائع السماوية تحرمها وتدينها.. والقانون يجريمها.. والانسانية ترفضها. وأضاف: أن تمتع المواطن بجميع حقوقه التي كفلها له الدستور والقانون عند تعامله مع الاجهزة الأمنية.. هي مسئولية نعترف بها ونتحملها.. ونحرص عي تحقيقها في كل وقت. انهيار وصراعات! اما الكاتب الصحفي محمد بركات رئيس تحرير جريدة الأخبار فقال: ان المجتمع الدولي بصفة عامة شهد في الفترة الاخيرة زيادة مطردة لظاهرة الاتجار بالبشر خاصة النساء والأطفال.. وكان من أسباب تلك الزيادة انهيار الكتلة الشيوعية.. وتنامي بؤر الصراعات المسلحة.. سواء الداخلية أو الدولية.. ووجود العديد من مناطق العالم التي تعاني من الاضطرابات الداخلية وعدم الاستقرار.. الامر الذي نتج عنه مورد متجدد للضحايا تستقي منه عصابات الجريمة المنظمة مبالغ طائلة من وراء استغلال المجني عليهم.. وأضاف أن الاتجار بالبشر كان له مظهرا آخر في الماضي.. وهو الرق الذي يعتبر من أقدم جرائم المجتمع الانساني.. والذي يستغل فيه الانسان من الجنسين ومن مختلف الاعمار.. خاصة بعد الحروب التي كانت تدور بين القبائل.. أو من خلال عمليات الخطف ثم البيع والاستغلال. منطقة حمراء! وقالت نجوي شعيب رئيس حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام: أن مصر ليست من المنطقة الحمراء للاتجار بالبشر.. فهي ليست دولة مصدرة أو مستوردة.. ولكن موقعها الجغرافي يمثل لها خطورة محاولة استغلالها كدولة معبر.. وأن السيدة سوزان مبارك قرينة رئيس الجمهورية بادرت الي تنبيه العالم بخطورة هذه الظاهرة.. ودعت إلي مكافحتها من خلال اطلاق مبادرة »اوقفوا الاتجار بالبشر الآن« وذلك في اثينا عام 6002. وأخيرا أشار اللواء محمد فهيم المتولي مدير مركز بحوث الشرطة إلي أن الندوة توصلت الي العديد من المحاور لمواجهة الاتجار بالبشر من بينها مواصلة تدريب العاملين بجهات انقاذ وتطبيق القانون.. ودعم التعاون الدولي في مجال المواجهة الامنية.. وتعميق مبادرة وزارة الداخلية في التعاون مع الاجهزة الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.