[email protected] يوم الأربعاء الماضي قضت محكمة جنايات السويس برئاسة المستشار يوسف عثمان بإعدام ناصر سليمان. المتهم بقتل اللواء ابراهيم عبدالمعبود مدير مباحث السويس السابق. ونشرت صحف يوم الخميس الماضي هذا الخبر صغيرا لا يتعدي سطورا قليلة. دون الاشارة الي أهمية هذا الحكم الخطير. ولا الي تفاصيل القضية المثيرة. الجاني المحكوم عليه بالاعدام، تاجر مخدرات شرس، تعود علي اطلاق النار بلا تردد علي ضباط البوليس، وتردد أنه سبق أن قتل ضابط بوليس شابا، وألقي بجثته في الصحراء حتي نهشتها الكلاب! أما القتيل المجني عليه فهو اللواء ابراهيم عبدالمعبود رئيس مباحث السويس السابق. وهو ضابط شرطة مشهود له طوال حياته بالكفاءة والاخلاص في عمله. ومن ناحية أخري فقد كان اللواء عبدالمعبود والدا لضابطي شرطة شابين، كان يستعد قبل مصرعه لزفاف أحدهما، أما ابنته الوحيدة فتعمل وكيلة نيابة ادارية. ويشهد كل من عرفوا اللواء ابراهيم عبد المعبود. انه كان بالاضافة الي كونه ضابط شرطة ناجحا. قد كان يتميز بالانسانية الشديدة. فقد تعاطف طوال عمره مع أهل قريته. وساعدهم بشتي الطرق. وفي نفس الوقت كان ابنا بارا لوالدته. التي كان يعاملها بكل الحب والحنان والرعاية. حتي قبل مصرعه برصاص الغدر! كان اللواء ابراهيم عبدالمعبود قد وصلته معلومة سرية، تقول أن تاجر مخدرات ومجرما خطيرا في محافظة السويس، يختبيء في منطقة »المثلث« الصحراوية وخرج اللواء عبدالمعبود في سيارة مع ضابطي شرطة شابين، في مهمته للتأكد من مخبأ تاجر المخدرات الذي سبق اتهامه بإطلاق الرصاص علي بعض ضباط الشرطة. عندمااقتربت سيارة الضباط الثلاثة. وما أن شاهدهم تاجر المخدرات الخطير. حتي داهمهم فجأة بإطلاق وابل من الرصاص من بندقية آلية. فدخلت رصاصة في عين اللواء ابراهيم عبدالمعبود. واستقرت رصاصتان في صدره، كما أصيب الضابطان الآخران. وأسرع تاجر المخدرات القاتل بالهروب من مكان الحادث. لكن وزارة الداخلية أصدرت الأوامر بسرعة القبض علي القاتل الهارب. وتم عمل حملات واسعة لمطاردته. ثم تم القبض عليه وشركائه واحالته النيابة الي المحكمة التي قضت منذ أيام بإعدامه. في الماضي.. وفي معظم مناطق الريف المصري. كان ضابط النقطة أو المركز. يخرج ساعة الغروب فوق حصانه. يتجول في القري وعلي حدودها. وكان هذا المشهد وحده كفيلا ببث الرعب في نفوس المجرمين والخارجين علي القانون. الذين كانت الأرض تنشق وتبتلعهم خوفا من ضابط الشرطة، أو يلوذون بالفرار واللجوء الي الأوكار والمخابيء. وحتي عسكري الدورية البسيط.. كان الحرامية واللصوص يخافونه ويرتعدون منه.. وهو يتجول ليلا في الشوارع والحارات. ويصيح بصوته الجهوري: ها.. مين هناك؟! ولم يكن في مصر مجرم يجرؤ علي مواجهة رجال البوليس. أو يستهين بهيبتهم وقوتهم. لكن الدنيا تغيرت ومعها تغيرت أشياء كثيرة، فلم يعد مجرم اليوم هو مجرم الأمس. مجرم الأمس كان »حرامي غسيل« أو »نشالا صعلوكا« أو حرامي يستعين بالظلام.. ويتفادي رجال الشرطة، واذا حدث وأمسكه أحد من أهل البيت، فإن هذا الحرامي المسكين لابد وأن يأكل علقة مهولة، يشترك فيها الأهل والجيران، وكل من يمشي في الشارع! لكن مجرم اليوم شيء آخر! مجرم اليوم أصبح يحمل السلاح الأبيض، من المطاوي والخناجر والسيوف، ويحمل المسدسات والبنادق الآلية، والله وحده يعلم ماذا سيكون سلاح المجرمين في المستقبل! ومجرم اليوم غالبا يتعاطي كل أنواع المخدرات. التي تخدر عقله وجسمه. وتعطيه جرأة وهمية طائشة. تجعله لا يخشي أحدا. ويتحول الي وحش مفترس، لا يضع أي إعتبار لبذلة ضابط الشرطة. مجرم اليوم كما يقولون.. يا قاتل يا مقتول! والشيء الذي لا يمكن إنكاره وراء هذه المواجهات الخطيرة بين رجال الأمن والمجرمين. إنها التطبيق الحقيقي للسياسة التي انتهجها السيد حبيب العادلي وزير الداخلية. وهي سياسة مواجهة الجريمة والمجرمين بكل الحزم والقوة. ولقد حدثت في السنوات الماضية مواجهات عنيفة بين الشرطة وكبار المجرمين. وقضية الشقي عزت حنفي كانت أكبر دليل. إن الرجل الذي فرض السطوة والإرهاب بقوة السلاح. والذي كان يطلق النار علي رجال الشرطة. تمت مواجهته بكل حزم. والقبض عليه. وتم تسليم الأراضي التي يسيطر عليها إلي المحافظة. وقد تكرر ذلك في قضايا عديدة. لم تعد الشرطة تكتفي فقط بالقضاء علي كبار المجرمين. بل أيضا تهاجم أوكار وبؤر الإجرام. وتعيد ملكيتها إلي المالك الحقيقي وهو الدولة. هي الحقيقة التي يحلو لبعض المغرضين إنكارها رغم عين الشمس. الشرطة تعمل طوال ال 42 ساعة في مكافحة الجريمة. والعمل الجنائي البحت. وليس السياسي كما يحلو لبعض الجاهلين والحاقدين أن يزعموا كذباً. ولقد دفع عدد من ضباط الشرطة الشجعان حياتهم خلال السنوات الماضية. وهم يؤدون واجبهم الوطني، في مطاردة المجرمين وثمناً لتطبيق الأمن والعدالة! ومن هنا.. أري أهمية حكم اعدام قاتل اللواء ابراهيم عبدالمعبود! ان المجتمع كله يجب أن تهمه سلامة وحياة ضباط الشرطة. لأن من يقتل ضباط الشرطة، فهو يقتل اليد التي تحقق الأمان لكل الناس. ورجال الشرطة الذين يدفعون حياتهم ثمنا لأداء الواجب.. هم شهداء بحق! وعدو البوليس.. هو عدو للناس كلها! ويبقي.. أن أقرأ الفاتحة علي روح الشهيد ابراهيم عبدالمعبود. ضابط الشرطة البطل. والانسان الكريم. الذي دفع حياته ثمنا.. من أجلي وأجلكم جميعا!