أخيراً.. أعلن رئيس الوزراء المهندس شريف اسماعيل أن الحكومة تدرس فرض ضريبة تصاعدية بنهاية العام الحالي.. أي بعد بضعة أسابيع!! تعبنا - مع غيرنا- في المناداة بفرض هذه الضريبة.. وتعبنا أكثر من رفض الحكومة أن تسمع أو تقرر في هذا الشأن، وكان متهافتاً للغاية هذا الدفاع الذي مل منه الجميع، بأن فرض هذه الضريبة سيؤثر علي الاستثمار، بينما العالم كله يفرضها، و»رجال الأعمال!!» الذين هربوا أموالهم للخارج يدفعونها هناك راضين!! وبينما المستثمرون الحقيقيون والوطنيون يبدون استعدادهم لأداء هذه الضريبة، وجمعياتهم تتقدم رسميا للدولة باقتراحاتها للإصلاح متضمنة تطبيق هذه الضريبة، لأن المستثمر الوطني »الوطني حقاً!!» يعرف أن سلامة استثماراته ترتبط بسلامة المجتمع،وأن ما يؤديه من ضرائب يعود عليه بالنفع.. سواء باستقرار الأوضاع، أو بالاسهام في عبور الاقتصاد لأزمته، أو بزيادة القدرة الشرائية للمواطنين وشعورهم بأن أعباء الإصلاح تتوزع علي الجميع بالعدل. تأخرت الحكومة في اقرار هذه الضريبة التي كان من المفترض أن تتم قبل أي اجراءات تم اتخاذها لتعويم الجنيه الذي أغرق فئات كثيرة في المجتمع في جحيم ارتفاع الأسعار. تماما كما تأخرت الحكومة في اقرار زيادة الجمارك علي بعض السلع غير الضرورية، والتي كان من المفترض ايضاً أن تصدر قبل قرارات التعويم. لكن الأهم من ذلك أن نكون أمام قرارات تمت دراستها جيداً. فلقد تعودنا الآن أن يكون كل قرار عنواناً لأزمة جديدة.. بدءاً من أزمة السكر والأرز إلي أزمة الأدوية، وانتهاء بمشكلة الدواجن التي لم يفتح الله علي مسئول واحد ليشرح للناس لماذا رفعت الجمارك عن المستورد منها؟ ولماذا يبدأ الحوار حول مشاكل هذا القرار بعد صدوره، وليس قبل أن يصدر ويثير النزاع بين صناعة تدافع عن وجودها، ومستوردين لايريدون إلا مصالحهم؟! فرض الضرائب التصاعدية كان مطلبا لكل من يريدون العدالة في هذا الوطن، لكنه -كغيره من القوانين والقرارات التي تمس مصالح المواطنين- لابد أن يخضع لنقاش مفتوح يغنينا عن هذا »التوهان» الذي نواجهه مع قرارات عديدة وأزمات متكررة.. بدءا من السكر والأرز، وحتي الأدوية والفراخ!! الضرائب التصاعدية ضرورة.. وتطبيقها الصحيح يحقق العدل ويصب في صالح التنمية.. فليكن القرار هذه المرة بطريقة صحيحة وبإعداد جيد، فقد تعبنا »وتعب الجميع» من قرارات صحيحة تصدر في الوقت الخطأ، دون إعداد يحقق المطلوب أو يخلق الأزمات.