أبلغ ما قيل عن طبيعة العلاقات المصرية السودانية، ما صاغه في تقديري الدكتور السماني الوسيلة بأنها " قدر لا مفر منه"، فالرجل الذي كان يبدو متكلفا، ابان شغله منصب وزير دولة بالحكومة السودانية في السابق، تحرر خلال استقبال وزير الثقافة، الاثنين الماضي، لوفد مجلس بلاده للشؤون الخارجية، مبتعدا عما اعتاد- مثل غيره- دبجه في اللقاءات الرسمية، من وصف العلاقات الثنائية مثلا بأنها " نموذج ناجح للتعاون بين الأشقاء قائم علي تحقيق المصلحة المشتركة لكلا البلدين" وما شابه من مجاملات مبالغ فيها، حتي أن الوزير حلمي النمنم ، لفت الي ان مايقال رسميا حول ضرورة تطابق الآراء ووجهات النظر بين الدول " جملة خاطئة وعبارة غير صحيحة"، لأن لكل دولة مصالحها التي تسعي لتحقيقها من اجل شعوبها،علي حد قوله. بالفعل، كان تحررالوفد السوداني الضيف من كل الصيغ البروتوكولية والعبارات الانشائية الرسمية واضحا، ولعلك لمحته- مثلي- في لغة الدكتور الوسيلة، باعتباره هذه المرة ممثلا لإحدي منظمات المجتمع المدني السودانية، وليس ضيفا رسميا، فعند حديثه مثلا عن الثقافة ودورها في دفع العلاقات بين الدول والشعوب، تجده يختار لغة مقصودة بعينها: " لقد نشأنا علي صوت ام كلثوم وعبد الحليم " دون ان ينسي الاشارة الي مشاركة المثقفين السودانيين بمعرض الكتاب. شيء من هذه البساطة ، كان حاضرا في لقاء الوفد السوداني- المدني- بالمسؤولين في مصر، صحيح أن الزيارة كانت ردا علي زيارة نظيره المصري للخرطوم في فبراير الماضي، لدعم ما يحقق المصالح المشتركة، وفقا لما ركزعليه رئيسا البلدين قبل اسابيع، خلال اجتماعات اللجنة العليا المشتركة برئاستيهما، إلا ان الطرح الأخير، الذي افرزته لقاءات المجلسين هنا وهناك، كان مختلفا هذ المرة، وخاصة حين ابتعد عن البروتوكولات والرسميات الملتزمة احيانا بالتوجهات السياسية والتي لا تملك الحكومات احيانا رفاهية عدم الالتزام بخياراتها. ما أعنيه هنا، مبادرة " تشكيل تجمع سفراء وادي النيل"، تلك التي افرزتها لقاءات المجلسين المصري والسوداني، ورحب بها وزير الخارجية سامح شكري، مؤكدا اهمية دور مؤسسات المجتمع المدني، التي نأمل ان تقودنا بلغتها السهلة لما يرتقي لمستوي تطلعات شعبي وادي النيل. [email protected]