في 2010 شهدت إسرائيل أسوأ حرائق غابات اعتبرت في حينه أعنف الكوارث الطبيعية التي مرت عليها، إذ استمرت حرائق غابات الكرمل ثلاثة أيام متتالية ودمرت معها آلاف الهكتارات من الأراضي بخلاف مقتل 44 شخصاً والإجلاء الإجباري ل 170 الف شخص عن بيوتهم وإخلاء المستشفيات والسجون العادية والحربية. وقتها تم اعتقال اثنين من الدروز من سكان دالية الكرمل بتهمة إشعال االحرائق عمداً في المنطقة، لكن تبين فيما بعد انهما بريئان ولم تثبت ضدهما أية تهمة. اليوم تواجه الدولة العبرية وضعاً مشابهاً لكنه أكثر ضراوة نظراً لاتساع رقعة الحرائق وصعوبة السيطرة عليها.. وللمرة الثانية يتجدد الهاجس بأن 50٪ علي الأقل من تلك الحرائق أضرمت بفعل فاعل. وعلي الفور تقفز صورة الفاعل إلي صدارة المشهد وهو الإرهابي الفلسطيني. وصارت القناعة السائدة حالياً في الدوائر الأمنية الإسرائيلية بأن الدولة العبرية تواجه نمطاً جديداً من الإرهاب من حيث اسلوب الدمار الشامل.. وعلي الرغم من كل دعوات التروي التي تطلقها بعض الجهات الإسرائيلية لعدم التسرع في توجيه الاتهامات للفلسطينيين بأنهم مضرمو الحرائق التي عمت أنحاء كيان الاحتلال، تصر أصوات أخري علي التلميح والتصريح بتوجيه الاتهامات للفلسطينيين وتطلق الشرطة الإسرائيلية شكوكها بأن العديد من الحرائق التي تم إضرامها عمداً مبني علي خلفية دوافع قومية غير بعيدة عن خلفية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. تغذي هذه الشكوك روح الشماتة التي غزت وسائل التواصل الاجتماعي الفلسطينية والعربية وإطلاق هاشتاج اسرائيل تحترق الذي اعتبرا تلك الحرائق عقاباً سماويا علي قرارات منع الأذان. أضف إلي ذلك ما تزعمه بعض الدوائر الإسرائيلية بأن وصف خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس للتصرفات الإسرائيلية الأخيرة بأنه »لعب بالنار» قد أشعل حماسة بعض الشباب الفلسطينيين وربما دفعهم لانتهاج العنف. من ثم فإن الاتهامات الموجهة للفلسطينيين هي انه حتي لو لم يكونوا هم مضرمي النار فإنهم علي الأقل سبب رئيسي في اشتعال حوالي 220 نقطة منشأ في وسط وشمال إسرائيل علي مدي الأيام الأربعة الأولي من الحرائق المتواصلة.. في العدد التاسع من مجلة »إلهام inspire» التابعة لتنظيم القاعدة الذي صدر بالجزيرة العربية 2012، تم تخصيص جزء كبير لكيفية مهاجمة الولاياتالمتحدة بإشعال الحرائق في الغابات وفي المناطق المأهولة بالسكان. ونشرت المجلة أصول وطرق إشعال النار في الغابات والمواد المستخدمة اللازمة لتلك المهمة.. ونصحت المجلة قراءها بمراعاة العنصرين الضروريين لإنجاح حرائق الغابات وهما: المناخ الجاف والرياح القوية الأمر الذي يعزز الشكوك في استفادة الفلسطينين من هذه النصيحة.. ثمة قناعة أخري يطلقها بوعاز جانر مؤسس المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب: بأنه علي الرغم من ان جزءا من الحرائق المتناثرة التي اشتعلت في تزامن لافت أو علي التوالي قد اشتعل بفعل فاعل وبشكل متعمد، مع ذلك فإن هذا التعمد غير منظم، إذ لا توجد جهة معينة تخطط وتأمر أعضاءها بالتنفيذ. لذلك يدعو بوعاز لعدم المبالغة في اتهام الفلسطينيين، او التوسع في تبني مقولة »انتفاضة النار» لأن الصعوبات التي تواجه محاولات السيطرة علي الحرائق قد تغري البعض مستقبلاً بتكرار حوادث إضرام الحرائق اقتناعا منهم بنجاح تلك الوسيلة.