عام جديد.. تعودنا ان نحتفل به.. ونضيء الشموع وترتفع الزينات ويسهر الناس حتي بزوغ الفجر أو طلوع النهار.. هدايا.. ورسائل تهنئة.. وفرحة ما بعدها فرحة بعام رحل رغم انه كشف لنا عن كل اسراره وازاح الستار عن كل ما يخبئه وتحملنا وتحملناه.. وفي النهاية ودعناه وكأنه كان حملا وعبئا وضيفا غير مرغوب فيه!.. ودعناه بالظلام وأضأنا الشموع لعام غيره لازال مجهولا وغريبا وكله اصرار علي ألا يكشف لنا عن اسراره إلا وقتما يشاء وحيثما يريد وكأنه الحاكم بأمره! لهذا.. لم أحتفل طوال عمري بتلك الليلة الفارقة بين عام كانت بيني وبينه عشرة وعيش ملح وذكريات.. وعام آخر يدخل حياتي وقد تكون نهايتها علي يديه!!.. لم أشعر أبدا بالجحود نحو عام يلملم اشياءه التي لم تكن من بينها شهادة وفاتي.. ولم أشعر أبدا بالسعادة نحو عام لايعلم عنه من في الارض ولا السماء شيئا سوي الله سبحانه وتعالي! ربما يكون العام الجديد أجمل.. وأروع.. وأطيب قلبا.. وهو ان كان كذلك فلا يستحق إلا ان نشكر من منحه هذه الصفات، وطالما انه جزء من القدر وكل ما يحمله مكتوب عند الله فلماذا لانسجد له شكرا بدلا من ان ننشغل بهذا العام المخلوق عن الله الخالق الذي منحه طاقة الانطلاق إلي عالمنا وهو يحمل رقما جديدا بين زملائه الذين سبقوه.. وزملائه الذين سبقهم! أنها الخواطر التي لاتبرح خاطري كلما سمعت الناس يتساءلون عن الشكل الذي سيحتفلون به برأس السنة.. التي هي في حقيقتها عيد ميلاد المسيح عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام.. ويدهشني هؤلاء الذين يختارون الملاهي الليلية ليكونوا في شرف استقبال العام الجديد.. أو هؤلاء الذين يتجرعون كئوس الخمر.. أو هؤلاء الذين تترمي نقودهم تحت اقدام وسيقان الراقصات والمغنيات والفاجرات!.. ولم يسأل احدهم نفسه هل يليق هذا السلوك بالاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح عيسي عليه السلام؟! ولا أدري كيف يحتفل الناس بانهيار طوبة من جدار العمر، فكلما مضي من عمرنا عام اقتربنا به من الموت عاما..!.. كيف لانحول احتفالنا إلي سهرة ايمانية نشكر فيه المولي عز وجل علي أننا لازلنا علي قيد الحياة وأمامنا فرصة قد لاتعوض لنكفر عن سيئاتنا طوال عام مضي ونعاهد الخالق علي ان نكون عند حسن ظنه بنا في عام قادم؟! يارب.. اجعلنا في العام الجديد اكثر قربا منك.. وامنحنا هدايتك.. واضيء لنا طريقنا.. ولاتؤاخذنا بما فعل عشاق الدنيا منا! مصر تتألم! أيام.. ويكتمل العام الأول علي ثورة يناير التي انتشلت شعب مصر من وكر الفساد وامبراطورية المفسدين.. لكن مصر لم تتقدم خطوة واحدة إلي الأمام.. الاقتصاد يرثي له.. والبلطجة لازالت صاحبة الكلمة العليا في اكثر المدن والمحافظات.. والارتباك السياسي قائم.. والجدل فيما لايفيد علي قدم وساق.. وحالة من الخصام الاجتماعي تشق الصفوف.. المسيحيون في حالة قلق.. والمسلمون منقسمون بين اخوان وسلفيين.. وليبراليون ضد التيار الديني.. والفنانون منزعجون.. والتراشق بالأدب أو قلة الادب مع صفحات الفيس بوك والتويتر.. وأزمة ثقة بين الثوار والفلول.. وبين التحرير والعباسية.. وأخبار غريبة ينشغل بها الناس في وقت يجب ان تتوحد فيه الجهود والافكار والقلوب ويبحث الجميع عن مشروع قومي يخفف من آلام مصر! ليس هذا ياسادة وقت الحديث عن زواج نبيلة عبيد من اسامة الباز.. ثم اشاعة زواجها من عمرو موسي وعلاقتها بحبيب العادلي!.. وليس هذا وقت يتحدث فيه مدحت صالح عن علاقته بالنساء اللاتي طلقهن!.. ولا عن المراسلين الاجانب اصدقاء يسري فودة الذين استضافهم في برنامجه اكثر من ساعتين ليتحدثوا عن ذكرياتهم في مصر.. مصر تتألم.. دعونا نسمع عن دواء يشفيها.. دعونا نسمع عن مشروع قومي يتوحد فيه المصريون.. دعونا نسمع عن مبادرة لمليونية هادرة تطالب بتطوير التعليم والبحث العلمي.. أو مليونية تدعو لحملة نظافة مصر.. أو مليونية لتطوير الخطاب الديني ليمس الاخلاق التي انحسرت وتراجعت وانهزمت امام قوات الفهلوة وفتحة الصدر والضحك علي الذقون وخيانة الامانة ونهب المال العام! مصر تتألم ونحن جزء من آلامها.. واوجاعها!