لا أميل كثيرا لفكرة إلقاء اللوم علي ما نطلق عليه لقب المافيا أو الحيتان في صناعة العديد من الأزمات التي يشكو منها المواطنون، وتبدو الحكومة شبه عاجزة أمام حلها، وغالبا تلك الأزمات هي نتيجة سياسات متخبطة، ومثال ذلك أزمة السكر التي يتباري المسئولون في تعليقها علي المافيا أو التجار الجشعين ويؤيدهم في ذلك العديد من المنصات الإعلامية دون دراسة جادة وحقيقية للأزمة. وهناك دراسة جادة لاتحاد الغرف التجارية حول أزمة السكر تؤكد أن الأزمة بدأت منذ عامين بالتمام والكمال، وملخصها عندما أعلنت شركات السكر تضررها من الاستيراد نتيجة توافر مخزون السكر لديها وكان السعر العالمي أقل من السعر المحلي، وضعت الحكومة رسما حمائيا 20%، بعدها توقف استيراد السكر لمدة ستة أشهر، وفجأة بدأت الأسعار العالمية في الارتفاع عن السعر المحلي، دوغري بدأت شركات السكر تتجه للتصدير علي حساب السوق المحلي.. ففرضت الحكومة رسم صادر قيمته 800 جنيه علي الطن فتسرب المخزون للخارج أملا وطمعا في فارق السعر، وبدأت بعض الشركات المنتجة في تخزين السكر لمزيد من الارتفاع في الأسعار العالمية، وما زاد من حدة الأزمة هو تدبير المصانع احتياجاتها من السكر من السوق المحلي الذي يباع للمستهلك بحوالي خمسة جنيهات بينما استيراده يكلفها أحد عشر جنيها..! كل ذلك فاقم حجم الأزمة وزاد الطلب عليه خوفا من نقص المعروض أو زيادة سعره، وذلك علي غير حقيقة الاستهلاك الفعلي للمواطنين، حيث ظهر طلب غير مسبوق علي السكر نتيجة تضارب السياسات والتصريحات غير المسئولة عن اختفاء السكر نتيجة إخفاء بعض البقالين له..!! وبطريقة مغايرة لما حدث مع السكر حدث الدولار، تصريحات غير مدروسة عن تحريك سعر الجنيه أمام الدولار ثم نفيه، ثم تصريحات بالقيمة العادلة للجنيه المتهالك ، ثم تصريحات بقرب تعويم الجنيه، فزاد الطلب وحبس البعض الدولار أملا في المكسب، نفس العشوائية مع الدولار هي نفسها زي السكر.