تعرض نهر النيل في السنوات الأخيرة ولايزال لاعتداءات بشعة تجاوز عددها 50 الف حالة تعد، مما عرض مصدر حياة ملايين المصريين للخطر الشديد بسبب تعديات الكبار والصغار علي حد سواء، وسط عجز رسمي مخجل لمواجهة الظاهرة. واخيرا وبعد طول انتظار.. تم اطلاق حملة انقاذ النيل، حققت الحملة بعض النجاحات فور تدشينها. لكن » الحلو مايكملش »، فقد اصطدمت الحملة ببعض اصحاب النفوذ، فهدأت وتيرتها ثم توقفت او كادت.لتعود الاعتداءات من جديد علي النهر الخالد وتظل الاعتداءات القديمة التي لم تطلها جرافات الحملة قائمة في تحد صارخ للقانون ولنا جميعا. فيما أصدر الرئيس السيسي توجيهاته بإزالة أي تعديات علي النيل فوراً وذلك خلال لقائه د. محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري يوم السبت الماضي. »الأخبار» قامت بجولة ميدانية علي ضفاف النيل من الكيت كات حتي الوراق لرصد بعض مظاهر التعديات الفجة علي النيل وواجهت المسئول عن قطاع حماية وتطوير النيل. فكان هذا التحقيق : البداية كانت من منطقة الزمالك وبالتحديد من شارع ابو الفدا، المشهد يتشح بالسواد في المنطقة الأرقي بالعاصمة.. بقايا الهدم والرتش من حملات الإزالة التي تم تنفيذها بنجاح لاتزال شاهدة علي تخاذل المسئولين وتراخيهم عن اداء عملهم لتبقي هذه المنطقة بقعة سوداء في منطقة تعتبر هي الارقي في مصر، وعلي بعد امتار قليلة من مكان الإزالات لاتزال بعض »الكافيهات» الكائنة علي ضفة النهر العظيم تخالف القانون من القاء مخلفاتها في النيل لتراها تسير امامك وتتمركز علي طول شارع ابو الفدا اضافة الي اعاقة الحركة المرورية للشارع الذي لايتجاوز عرضه امتارا قليلة. يقول عماد عبد العال »موظف» إن ازمة التعدي علي مياه النيل تتفاقم وللأسف نحن في أزمة وحرب مياه ونحتاج الي كل نقطة فهناك من يبني عقارات مخالفة علي ضفاف النيل وهناك من ينشئ كافيه 5 نجوم يربح منه الملايين دون دفع حق الدولة ولاينظر الا لمصلحته الشخصية فقط، مضيفا أن منطقة الزمالك من اول ابو الفدا الي اخره تشكل صورا متعددة من المخالفات علي النهر من اول المراكب النيلية التي يتم تأجيرها وفوضي المراسي حتي ازمة تلوث المياه التي تفاقمت خلال الفترة الأخيرة بسبب القاء هذه الكافيهات قمامتها في النيل ضاربين بعرض الحائط كل القوانين والأعراف. مراكب الأفراح وفي منطقة الكيت كات بالتحديد لم يكن الأمر مختلفا.. العوامات المتهالكة تحاصر النهر من الجانبين بينما يقف البعض منها شامخاً في النهار كسكن عادي ،والبعض الاخر يتحول في الليل الي صالات »كباريهات» مطلة علي النيل لاتخضع لضابط ولا رابط، لتستمر هذه العوامات في التعدي علي حرمة نهر النيل طوال العام والبعض الآخر منها متهالك قد يغرق في اي وقت، فيقول محمد ممدوح - احد الشباب الرافضين للاعتداءات التي ستؤدي الي كارثة مستقبلية علي حد وصفه - إن المياه ملك الشعب وعليه يجب الحفاظ عليها كما طالب الدولة باتخاذ اجراءات وفرض عقوبات وغرامات علي المخالفين والمعتدين اضافة الي تفعيل القوانين لحماية المياه من التلوث بعد أمتار قليلة من هذه العوامات تنتشر قاعات الأفراح المطلة علي النيل البعض منها يحتوي علي مراكب كبيرة تسع لإقامة حفل زفاف وهناك آخرون ردموا جزءا من النهر العظيم وقاموا بتقفيل المكان وعمل قاعه لاستقبال الأفراح فيها بمبالغ تتراوح بين 5 آلاف الي 20 الف جنيه علي حسب الفرح والقاعة فكلما اقتربت من الكيت كات وبطول الكورنيش الي امبابة والوراق وشبرا يرتفع ويتدني بك السعر علي حسب امكانيات القاعة واستيعابها للأعداد والخدمات التي تقدمها وكل ذلك علي حساب سلامة النهر الخالد. أين الوزارة ؟ يتساءل المواطن سعيد محمد أين وزارتا الري والبيئة ؟! مضيفا انه يجب ارشاد الناس بعدم القاء المخلفات والحيوانات النافقة في النيل لان مياهه مصدر حياتنا، واضاف ان الاعتداءات من اقامة قاعات افراح وكافيهات علي البحر وملاعب وعقارات وجراجات مخالفة علي النيل ستقضي عليه وقال » بكره مش هنلاقي مياه» وسيتحول هذا النهر الي كوم من القمامة ومدفن للمراكب المتهالكة والمراسي الغارقة مخالفات بالجملة وفي منطقة الوراق وبالتحديد بجوار وزارة الري والموارد المائية المصيبة اكبر .. فالوزارة بمسئوليها والمنوط بهم حماية نهر النيل من الإعتداء جلسوا في مكاتبهم مكتوفي الأيدي.. فعلي بعد امتار قليلة تجد الملاعب الخاصة الخماسية والتي تم انشاؤها علي ضفة النهر الخالد في تحد صارخ للوزارة اضافة الي العقارات المخالفة التي تم بناؤها علي ضفاف النيل بعد ردم اجزاء من النهر ،ويستمر مسلسل المخالفات بطول الكورنيش وصولا لمنطقة الوراق وحتي الدائري فالنهر العظيم تحول في المنطقة الي مقلب للقمامة والمراسي المتهالكة والجراجات العشوائية للميكروباص والتوكتوك اضافة الي انتشار الكافيهات والمراسي المستحدثة لتري بنفسك وانت تسير علي الطريق أن النهر يجري من تحتك وامامك بوابة مكتوب عليها »مراكب لإقامة الأفراح» بينما يجلس المراكبي وسط الشارع يبحث عن زبائنه في تحد صارخ للحكومة اكد المواطن عمر ايمن اننا نهتم فقط بمهاجمة بناء سد النهضة بينما نحن نقوم بالاعتداءات وقال: » لو وزير البيئة بص من شباك مكتبه هيشوف كل التجاوزات والمخالفات »مضيفا بحسرة:» يانهر النيل مين يحميك». الاصطدام بالكبار من جانبها أعلنت وزارة الموارد المائية والري، إزالة 11 ألفًا و590 حالة تعدٍ علي النيل من أصل 50 ألفا و399 حالة تستهدفها الحملة القومية لإنقاذ النيل منذ أن أطلقها رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب في 5 يناير 2015، فيما كشف تقرير قطاع حماية وتطوير نهر النيل بوزارة الموارد المائية والري، أن إجمالي محاضر المخالفات النيلية التي حررتها الوزارة في 16 محافظة مطلة علي النهر بلغت 17 ألفًا 297 مخالفة، وذلك في الفترة من يناير 2015 حتي أكتوبر 2016. لكن الواقع يؤكد ان وزارة الري فشلت في إزالة تعديات قصور الأثرياء والوزراء السابقين علي نهر النيل بالقاهرة والجيزة، لاسيما بمناطق منيل شيحة وعزبة البكباشي والمرازيق. وأكد مصدر مسئول بقطاع حماية النيل، تراجع الوزارة عن إزالة مخالفات رئيس الوزراء الأسبق، أحمد نظيف، بسبب وجود إشكاليات قانونية، مشيرًا إلي أن الحارس القضائي خاطب قطاع حماية وتطوير النيل بعدم تنفيذ القرار رقم 179 لسنة 2014، والذي ينص علي إزالة فيلا أحمد محمود محمد نظيف لحين الفصل في المخاصمات القضائية بشأن التحفظ علي ثروته.. وأشار إلي أن الوزارة مازالت عاجزة عن التعامل مع ملف كبار المتعدين علي النيل، لافتًا إلي وجود 100 حالة تعد علي النهر بمنطقة منيل شيحة وحدها. الفنادق العائمة وتمثلت حملة انقاذ النيل التي تم اطلاقها في 2015 في إزالة التعديات علي النهر، بما فيها تعديات مؤسسات الدولة، وشملت توفيق الفنادق العائمة لأوضاعها البيئية، بما لا يضر بالنيل، ومرت الأشهر وشارف 2016 علي الانتهاء، ولم تنجح تلك الحملة التي عدها البعض من بين المشاريع الوهمية لوزارة الري، وأطلقوا عليها ال»فنكوش».. وكان هدف الحملة عدم التفرقة بين مؤسسة حكومية أو خاصة معتدية علي نهر النيل وهي خطة قديمة تم وضعها في عام 2009، إلا أنها لم تنفذ كما هو الحال في 2016، فبقي الأمر كما هو عليه. كما ان الفنادق العائمة كانت أحد أهداف إنقاذ النيل، وتمثلت الحملة في مطالبة هذه الفنادق بتوفيق أوضاعها البيئية، وكانت البداية بإعطاء مهلة 3 أشهر من أجل اتخاذ الخطوات اللازمة لذلك، إلا أن الفنادق طالبت بمهلة ثانية، ثم مهلة ثالثة، ورغم ذلك لم تعلن وزارة الري عن أي فندق نجح في توفيق أوضاعه. وبالنسبة لقانون النيل الموحد إحدي آليات وزارة الري لتشديد العقوبات علي المعتدين علي النهر، وينص علي عقوبة تصل إلي الحبس سنة بجانب غرامة 50 ألف جنيه، ورغم أن وزارة العدالة الانتقالية ناقشت مشروع القانون إلا أنه لم يتم إقراره حتي الآن من مجلس النواب تكثيف الحملات وقال المهندس صلاح عز رئيس قطاع حماية وتطوير نهر النيل، بوزارة الموارد المائية والري، إنه سيتم تكثيف الحملات لإزالة التعديات المقامة علي حرم نهر النيل في 16 محافظة، مشيراً إلي أن التنفيذ يتم بالتنسيق الأمني مع وزارة الداخلية ممثلة في شرطة المسطحات المائية، مؤكدا استمرار الحملة القومية لنهر النيل بكل حزم مع استعدادها التام للتعاون مع كل من يبادر بإزالة المخالفة أو التعدي علي نهر النيل طواعية. وأضاف عز أن الحملة لم تتراخ أو تتهاون مع أي حالة تعدٍ ولم تقصر في عملية تنفيذ الإزالات، وأن القطاع علي استعداد لإزالة كل التعديات المقامة علي حرم نهر النيل، لكن عملية التنفيذ مرتبطة بالدراسات الأمنية، لتأمين المهندسين والعمل والمعدات خلال الإزالة حتي لا يتعرضون للخطر. وأشار إلي أن حملة إنقاذ نهر النيل التي بدأ ت في 5 يناير 2015 نفذت حتي الآن قرارات إزالة ل11 ألفا و590 مخالفة، من 50 ألفا و399 مخالفة علي النهر في كل المحافظات التي يطل عليها، في حين تم تحرير 17 ألفا و279 مخالفة جديدة.