ميل جيبسون.. اسم لنجم كبير في صناعة السينما الأمريكية، ينتمي لأصول أيرلندية من جانب كل من الأب والأم، وهو الابن السادس بين أحد عشر شقيقا وشقيقة، سافر مع عائلته إلي أستراليا في سنوات الستينيات، وربما لهذا يعتقد البعض أنه أسترالي الجنسية، اشتهر جيبسون بأفلام الحركة في شبابه من خلال »ماكس المجنون» ثم سلسلة السلاح القاتل، وهو بجانب كونه نجماً لأفلام تجارية حققت إيرادات ضخمة، فقد قدم من إنتاجه »22 فيلما» وقام بإخراج »9 أفلام» منها القلب الشجاع، ورجل بلا ملامح، أبوكاليبتو، آلام المسيح، وأخيراً Hacksaw ridge الذي سوف يعرض الأسبوع القادم في أمريكا وعدة عواصم أوروبية، ورغم هذا النشاط السينمائي الزاخر بنقط ومحطات مضيئة، إلا أن مشوار ميل جيبسون السينمائي انتابه بعض الارتباك والإخفاق نظرا ربما لتقدمه في السن، وعدم إيجاد الأدوار المناسبة للمرحلة العمرية التي يمر بها »60سنة»، أو ربما لزيجته الفاشلة من مطربة روسية شابة، تحولت إلي مادة يومية مثيرة في صحافة الفضائح، انتهت باتهامه بضرب زوجته ضربا مبرحا ثم الطلاق وما يتبعه من خسارة مادية لنصف ثروته، اختفي ميل جيبسون عن الأضواء أو كاد، ثم عاد بعد ثلاثة أعوام بفيلم »الأب الدموي» الذي كان عرضه الأول في الدورة السابقة لمهرجان كان السينمائي التي أقيمت في مايو الماضي، والفيلم من إخراج الفرنسي »جان فرانسوا ريشيت» وهو مخرج أفلام حركة تجارية، وله عدة أفلام حققت بعض النجاح، ولكنه مثل لوك بيسون، لا يحقق نجاحاً ملموسا خارج سينما بلاده، والاستثناءات قليلة وتؤكد القاعدة، علي أي حال فيلم الأب الدموي لا يحمل في طياته أي جديد من حيث المضمون والشكل، وتستطيع أن تقول إنه فيلم قليل الطموح، ولم يحاول حتي أن يكون مختلفا، وهو مأخوذ عن رواية لبيتر كريج الذي ساهم في كتابة السيناريو بالإضافة إلي أندرييه بيرلوف، الشخصية المحورية هي »لينك» أو ميل جيبسون وهو سجين سابق، قضي سنوات من عمره خلف القضبان، ولديه إحساس بتأنيب الضمير تجاه ابنته الوحيدة »ليديا» أو إيرين مورياتي، التي لم يقدم لها أي نوع من الحماية أو الرعاية، فهربت من منزل الأسرة وهي في سن المراهقة، وانضمت إلي عصابات ترويج المخدرات، وعندما يخرج الأب من السجن، يحاول البحث عنها، فيجد صعوبة في ذلك، ويكسب قوته من خلال رسم التاتو علي أجساد زبائنه، تصادق الابنة ليديا شابا مجرما»دياجو لونا» يورطها في بعض الكوارث وتحاول أن تفر من بين أصابعه، فيهددها بالقتل، ولكن في ثورة غضب تُطلق الرصاص عليه وتفر هاربة، ولا تجد من تلجأ إليه سوي والدها، الذي يجد نفسه في مواجهة مع عصابة من تجار المخدرات يريدون قتل ابنته، فيهرب بها من مكان لآخر، ولا يجد سبيلا إلا المواجهة ومحاولة القضاء عليهم، حتي لا ينالون من ابنته المراهقة التي لم تبلغ السابعة عشرة! في الحقيقه إن الفيلم يسير في خطوط تقليدية نحو نهاية تقليدية، ويذكرنا بشكل ما بفيلم »Taken» الذي لعب بطولته »ليام نيسون» وحقق نجاحاً مدويا، دفع الشركة المنتجة، لعمل جزء ثان وثالث، وكانت قصته تدور حول عميل سابق في المخابرات، يتم اختطاف ابنته أثناء رحلة في فرنسا، فيقوم بتتبع العصابة والقضاء عليهم، واستعادة ابنته قبل بيعها لتجار الرقيق الأبيض، نوع المغامرات في فيلم ليام نيسون، وتفاصيل الحكاية وتنوع أماكن التصوير والذكاء في البحث عن خيوط توصل للعصابة القادمة من أوروبا الشرقية، منح الفيلم مذاقا خاصا ومتعة فنية ساهمت في القفز بشعبية البطل حتي وصل أجره إلي عشرين مليون دولار، رغم أنه كان قد وصل إلي سن الستين، أما فيلم »الأب الدموي» فلولا جاذبية »ميل جيبسون» ماكان يستحق المشاهدة، حتي الممثلة الشابة »إيرين موريالتي» التي مفترض أن يتعاطف معها الجمهور، كانت تفتقد للجاذبية، ونفس الشيء يمكن أن نقوله علي الممثل الشاب »دييجو لونا» الذي قدم شخصية زعيم العصابة الذي يطارد ابنة ميل جيبسون، بعد أن حاولت قتله، أحيانا يكون دور الشرير نقطة جذب في الأحداث وفرصة لتلون أداء الممثل، ولكن جاء أداء »دييجو» شاحباً بارداً، مثل ملامحه، منح موقع imdb السينمائي فيلم الأب الدموي 6.6 من عشرة بناء علي آراء الجمهور والنقاد، ولكني أعتقد أنه لا يستحق أكثر من خمسة من عشرة علي أكثر تقدير، والحمد لله أن مقتل الأب في النهاية يضع حداً لفكرة احتمال تقديم أجزاء أخري من الفيلم الذي يعتبر نقطة سلبية في تاريخ ميل جيبسون، أثق أنه سوف يعوضها ويجتازها قريبا بفيلم »هاكسوريدج» الذي قام بإخراجه دون أن يمثل فيه، ولا أشك في أنه سوف يعود بأدوار أكثر عمقاً وقيمة مما ظهر عليه في »الأب الدموي»!