الواحات هبة الصحراء باستعارة مقولة هيردوت الشهيرة. وأيقونتها الواحات البحرية بمنتجعها الخصب وسط هذه الصحراء الجرداء وهذا الحضور الطاغي لتلال الكوارتز السوداء التي تفرش الأرض من حولها بمسحوق بركاني يتوجها بالرهبة والسحر والجمال مع مشرق الشمس وعند المغيب وفي الليالي القمرية تتوهج هذه اللوحة الفريدة فتجعل من الواحات البحرية علامة جغرافية بيئية للصحراء الغربية بامتياز. وكذلك تجد معبد الإسكندر الأكبر ومقابر العصر البطلمي ذات النقوش والرسوم الجميلة وأيضاً وادي المومياوات الذهبية والكنائس القديمة من العصر الروماني وعلاقة مقدسة بين (مدينة البهنسا) التاريخية (أوكسيرنخوس) والواحات البحرية. هي البوابة الملكية للصحراء الغربية عبر التاريخ وتؤكدها المرحلة الأولي من طريق البهنسا مركز بني مزار البويطي الجاري تنفيذه للربط بين ساحل البحر الأحمر والواحات البحرية وسيوه وغيرها عبرالطريق العرضي من شبكة الجمهورية وذلك لاستغلال الثروات الطبيعية والتعدينية وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة وجذب الاستثمارات علاوة علي تخفيف عزلتها النسبية وخدمة التنمية السياحية فيها وتوطيد ربطها بمصر الوسطي. يعود سكان الواحات البحرية إلي خليط من شعبها القديم بعد دخولهم في الإسلام ومن عرب البدو الرحل والنازحين من واحة الداخلة ومعهم من استقروا فيها بصفة دائمة من سكان الوادي. وكان عددهم في العصر الروماني المسيحي نحو (100 ألف نسمة) عند انتعاشها كظهير زراعي وتجاري لمدينة البهنسا وتعدادهم الحالي (36.7 ألف نسمة/ 2015م). وفيها خزان جوفي لمياه عذبة تصلح للزراعة والشرب إلا أنه غير متجدد ويقدر عمره بمائة عام قابلة لإعادة التقييم بعد انقضائها وذلك لتحديد حجم وتجدد سريان المياه في ذلك الخزان. يطلق عليها (جنة الديناصورات) لاحتفاظها بحفريات حديثة ومنها ما نقل لمتحف في ميونخ مع الجيولوجي الألماني سترومر ودمرتها الحرب العالمية الثانية وفي (2000م) كشفت بعثة جامعة بنسلفانيا الأمريكية مع هيئة المساحة الجيولوجية عن هيكل أقدم ديناصور من أكلة العشب في مصر والثاني في العالم كله، وللأسف نقل هذا الهيكل إلي أمريكا صاحبة الإعلان عن اكتشافه لإجراء الأبحاث عليه ولا ندري إذا كان قد عاد أم بقي هناك؟!.وأعلنت الواحات البحرية محمية للأثر الطبيعي (2010م) علي مساحة تشكل (5%) من مساحة منخفض الواحات البحرية وتضم: الدست والمغرفة، جبل الإنجليز (منديشه) والصحراء السوداء وتقع بين محميتي (سيوه) في الشمال الغربي و(الصحراء البيضاء) الفرافرة في الجنوب. تحتوي منطقة الواحات البحرية علي تنوع حيوي للمملكتين النباتية والحيوانية إلا أن موائلها الطبيعية مهددة بالتدمير نتيجة الاستغلال البشري المفرط للغطاء النباتي في الوقود وصناعة الفحم والرعي والجمع الجائر للأعشاب الطبية وغير ذلك دون الأخذ في الاعتبار فقد الأنواع والتدهور البيولوجي المستمر. وكذلك رغم امتلاكها مناخا نقيا وبيئة بكرا خالية من التلوث الحضري وعلاقات مكانية مترابطة وتراكيب جيولوجية خازنة للمياه الجوفية والمعدنية إلا أن السياحة العلاجية عشوائية فيها لقلة أماكن الإقامة لروادها وعدم توافر الخدمة الطبية والعمالة السياحية. ولم تفلت هذه البقعة من الصحراء الحية بعد اكتشاف وادي المومياوات الذهبية من مزاعم يهودية لعلاقة تاريخية فيها وأصبحت قبلة لبعض الأجانب بقصد الاستثمارالخاص فيها. ولابد من أجل تعظيم الاستثمار للأصول البيئية من حماية منخفض الواحات البحرية وآثاره الطبيعية والحضارية المكتشفة وربطه بخطة السياحة البيئية في مصر ودول العالم. ومن ناحية أخري التغلب علي قيود توفير المياه والطاقة وضبط العلاقة بين التربة والمياه والنبات واستحداث نباتات للتعايش مع ظروف البيئة الصحراوية وتأكيد مظاهر العمران البيئي في تنمية الصحراء الغربية لاستيعاب جزء من سكان الوادي والدلتا.