رغم تصريحات المسئولين بخفض دعم الخبز عند تطبيق المنظومة الجديدة، إلا أن الواقع يؤكد ارتفاع دعم منظومة الخبز من 30 إلي50 مليار جنيه، ما يؤكد فشل المنظومة في تحقيق الهدف منها، وإهدار مليارات الجنيهات، ما يتطلب إعادة النظر في ملف الدعم، خاصة دعم الخبز والسلع التموينية، حيث يتطلب ذلك ترشيداً وتنقية لجداول المستحقين، بعد وصول عدد المستفيدين من الدعم التمويني إلي 80 مليون مواطن. وبتطبيق وزارة التموين لمنظومة الخبز ظنت أنها بذلك سيطرت علي الدعم وأوصلته لمستحقيه الحقيقيين ومنعت وصوله لغيرهم، لكن ما كشف عنه تقرير لجنة تقصي حقائق القمح بمجلس النواب مؤخرا أكد غير ذلك، حين كشف إهدار المليارات من خلال تطبيق الوزارة للكروت الذكية لمنظومة الخبز. وبحسب رئيس اللجنة النائب مجدي ملك، فإن وزير التموين المستقيل أخيراً خالد حنفي، زاد من الأعباء الملقاة علي عاتق الدولة من خلال منظومة الخبز الجديد التي طبقها، ولم تحقق أهدافها، وكانت سببا في انتشار الفساد وإتاحة الفرصة للتجار للتلاعب بمصير ومقدرات الوطن، وجاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق أن زيادة مخصصات دعم الخبز والسلع التموينية من »35.493» مليار جنيه عام »2013-2014» إلي 40.895 مليار جنيه عام 2014-2015 ثم ارتفع إلي 42.240 مليار عام 2015-2016 يؤكد فشل المنظومة في تحقيق أهدافها وإهدار مليارات الجنيهات. كما كشفت اللجنة أن المنظومة أدت إلي زيادة معدلات طحن القمح من 750 ألف طن شهريا عام 2013 إلي 950 ألف طن شهريا عام 2015 إضافة إلي نقص وزن رغيف الخبز بمقدار 30 جراما ما أضر بالفقراء فضلا عن رفع تكلفة إنتاج جوال الدقيق من 80 إلي 116 جنيها، ورصدت اللجنة مخالفات في كروت صرف الخبز، حيث تبين وجود كروت محمل عليها برامج معينة من خلال بعض الموظفين الفاسدين بالشركات يتم تحميلها بأعمال بيع وهمية للخبز علي ماكينات الصرف. اللافت أن ملف الدعم عموماً وليس السلع التموينية والخبز فقط يحتاج لإعادة نظر والذي تسبب في نزيف مزمن للاقتصاد وتزايد عجز الموازنة، حيث يُتوقع أن يصل إلي »320» مليار جنيه في موازنة عام 2016- 2017 في حين أن المستهدف يبلغ »5.319 مليار بنسبة تصل إلي »8.9 من الناتج المحلي. وتشير الأرقام إلي أن دعم الوقود والسلع الغذائية يستحوذ علي النسبة الأكبر من فاتورة الدعم خلال السنوات الماضية، كما تشير الأرقام إلي تراجع مخصصات الحماية الاجتماعية عن المعدلات التي سبقت ثورة يناير لكن خلال العامين الماضيين ارتفع دعم الضمان الاجتماعي حيث بلغ حجم دعم معاش الضمان الاجتماعي في 2013 - 2013 نحو 4.7 مليار جنيه ارتفع في موازنة 2016-2017 نحو 11 مليار جنيه. وبحسب الخبراء وأساتذة الاقتصاد فإن عدم تحديد الفئات المستحقة للدعم يهدر أكثر من 35% من قيمته مطالبين بإعادة النظر في الدعم وترشيده لضمان وصوله إلي مستحقيه. يقول الدكتور محمد أبوشادي وزير التموين السابق، إن إصلاح منظومة الدعم وإعادة هيكلتها أو خفضها أمر صعب علي المواطنين، لذلك يجب مراعاة السلام الاجتماعي ومراعاة البعد الاجتماعي عند اتخاذ أي قرار اقتصادي وأن يكون هناك ترشيد عادل لأن معظم فئات الشعب تعاني من ارتفاع الأسعار وفيما يخص منظومة الخبز المطبقة فإنها تحتوي علي إيجابيات وسلبيات، فمن إيجابياتها القضاء علي ظاهرة إساءة استخدام الخبز في تقديمه كعلف للحيوان، والقضاء علي ظاهرة طوابير العيش المزدحمة التي كانت تتسبب في وقوع مشاجرات بين المواطنين، ومن السلبيات عدم دراسة المنظومة قبل تطبيقها بشكل متأنٍ. أيضا زيادة سعر رغيف الخبز لغير حاملي بطاقات التموين ليصل إلي 35 قرشا. ويوضح أبوشادي أن عمليات الطحن تعد أحد الأسباب السلبية في منظومة الخبز لأنها تقوم علي النظام الاحتكاري حيث يوجد نحو70 مطحنا فقط وهذا العدد قليل جدا ولم يتم إنشاء مطاحن جديدة بسبب الإجراءات و المعوقات التي تقف ضد من يريد الحصول علي موافقة لإنشاء مطاحن حيث يوضع اسم الطالب ضمن قوائم الانتظار التي تصل إلي سنوات ومن هنا يجب إلغاء قوائم الانتظار وهناك جانب آخر يتمثل في تحويل جميع المخابز إلي آلية كاملة بدلا من نصف الآلية إضافة إلي تحويل المطاحن بنظام الحجارة إلي سندرات آلية حديثة، الأمر الذي يؤكد ضرورة تحديث منظومة الخبز، وبالنسبة لبطاقات التموين نلاحظ وجود عيوب بها حيث يوجد منها المزيف والحقيقي ولذلك يجب إعادة الرصيد ليكون عادلا فالدعم يحتاج إلي إعادة هيكلة، فإذا تمت هيكلته ووضعت ضوابط لمن يستحق سيتوفر مليارات الجنيهات التي تذهب إلي خرانة الدولة. وتابع أنه بالرغم من المنظومات التي طبقت والتي عملت بجدية ومنها منظومة الخبز إلا أن الدعم مازال ينهب ويتسرب والمنظومات لم تعمل علي حل المشكلة من جذورها لذلك لابد من الاهتمام بصناعة الخبز والبحث عن حلول لتقليل الفاقد من المخابز والصوامع وليتم كسر احتكار ملكية المخابز الخاصة، لافتا إلي أن إنتاجية المخبز الآلي تترواح مابين 5 إلي 50 ألف رغيف في الساعة ناهيك عن أن هذه المخابز الآلية تستهلك نصف السولار والطاقة والإنتاج ولا يحتاج إلي يد تلامسه ومن هنا فنحو 5 مخابز آلية بطاقة إنتاجية كاملة ومتكافئة تكفي لتغطية احتياجات سكان القاهرة الكبري بشرط قيام كل مخبز بضم عشرة خطوط. ويشير أبو شادي إلي أن عدد المخابز علي مستوي الجمهورية يصل إلي نحو 54 ألف مخبز وأن القطاع الخاص يستحوذ علي ما يقرب من 80 في المائة من إجمالي عدد هذه المخازن ولهذا أطالب بدخول مستثمرين جدد لقطاع الخبز وتطوير المنظومة مشيرا إلي أن منظومة الخبز تتكلف 61 مليار جنيه سنويا وأن باقي السلع التموينية تبلغ 41 مليار جنيه وتزايد معدل دعم الخبز إلي 50 مليار جنيه بعد دخول المنظومة الجديدة ومن هنا يجب ترشيد الدعم لضمان وصوله إلي مستحقيه. بينما يطالب المستشار مصطفي عبدالغفار رئيس مصلحة التسجيل التجاري وعضو مجلس إدارة جهاز المنافسة الأسبق، بضرورة تحديد الفئات المستحقة للدعم وهذا ما نفتقده وترتب عليه تكلفة الموازنة العامة للدولة فوق ماتتحمله مشيرا إلي أن قيمة الدعم السلعي الذي يتضمن دعم الخبز وبطاقات التموين يبلغ نحو94 مليار جنيه في موازنة 2016- 2017 وأن عدد بطاقات التموين يصل إلي 22 مليون بطاقة وعدد المستفيدين من هذه البطاقات يصل إلي73 مليون فرد، فتقاعس الحكومة في تحديد المستحقين للدعم أدي إلي إهدار نحو 55% من قيمة الدعم. يضيف: الدعم السلعي تسبب في إضاعة المال العام دون وجود قوانين وضوابط تنظمه، فما قامت به الحكومة من اجتهادات في الدعم يعد مخالفة للقانون يعاقب عليها المادة 221 بالحبس والعزل من الوظيفة لكل من قام باستخدام موقعه الوظيفي في وقف تنفيذ القانون باعتبار أن الدعم السلعي شأنه شأن الراتب الشهري الذي يصرف بقيمة معينة عن مدة محددة لشخص معين من مصدر مقرب بأسعار مقدرة. في حين يؤكد الدكتور نادر نورالدين أستاذ الموارد بجامعة القاهرة، أن الحل للقضاء علي مشكلة إهدار هذه المليارات يكمن في الدعم النقدي فالمواطن المستحق للدعم الذي يقوم بصرف 4 أرغفة يوميا بدعم من الحكومة بمبلغ 25 قرشا للرغيف بإجمالي جنيه واحد في اليوم يمكنه صرف 30 جنيها كدعم للخبز من مكتب البريد وله أن يشتري الخبز كما يشاء سواء من المخابز أو من علي الرصيف أو السوبرماركت ومن هنا تتنافس المخابز فيما بينها لطرح خبز بأسعار مختلفة حتي تجذب الفقراء وربما يتم توصيل الخبز للمنازل فهذا الأمر كفيل بالقضاء أولا علي ما هو منتشر الآن بأن نجد بعض المواطنين الذين يذهبون إلي مصايف الأثرياء يمتلكون كروتا للخبز أو نجد مواطنا يمتلك أغلي و أفخم أنواع السيارات ويقوم بصرف الخبز بالكارت ولذلك فالدعم النقدي للخبز سيقضي تماما علي توريد القمح السنوي للدولة وسيكون شراء القمح مقصورا علي تجار المطاحن والمخابز لتوفير احتياجاتهم السنوية بعيدا عن تدخل الدولة ومالها السايب، ويقتصر دورها علي حفظ مخزون استراتيجي للقمح يكفي للطوارئ كما سيقضي علي حصص المطاحن والمخابز وما فيها من مجاملات وعلي الجميع أن يتنافس في توفير احتياجاته من القمح والدقيق سواء من المحلي أو المستورد وأن يلتزم بالمواصفات العامة التي تضعها الحكومة لمواصفات الرغيف للحفاظ علي صحة المواطنين وعدم السماح بتداول أو دخول أقماح تحمل أمراضا أو فطريات ضارة أو مفسدة للزراعة في مصر.