الصناديق الخاصة تأسست بقرارات جمهورية وفقاً لاعتبارات معينة وبغرض تحقيق أهداف محددة، وتتبع الوزارات والهيئات العامة والمحافظات والمجالس المحلية وتحصل علي مواردها من عامة الشعب، من حصيلة الدمغات والغرامات ومن رسوم التصالح في المباني، ورسوم اللوحات المعدنية للسيارات، ورسوم استغلال المحاجر، ورسوم دخول المستشفيات، وغيرها الكثير. فهذا الملف الذي لم تجرؤ أي حكومة أو برلمان سابق علي مناقشته أو الاقتراب منه وفشل أكثر من برلمان الدخول إلي عش هذه الصناديق التي بلغت أموالها آلاف الملايين وسقطت العديد من الاستجوابات أمام جبروت القائمين عليها والمستفيدين منها. وحاليا يبحث مجلس النواب مشروع قانون لضم أموال الصناديق للموازنة العامة ويذكر أن هذه الصناديق تعمل خارج الموازنة العامة للدولة لدرجة أن إنشاءها لم يعد مقصوراً علي سلطة رئيس الجمهورية، بل اتسع نطاقها إلي قانون الإدارة المحلية الذي أعطي الحق لرؤساء القري أو المراكز أو المحافظات في إنشاء صناديق خاصة، وهذا التوسع الكبير صعب حصر هذه الصناديق أو مراقبتها بعد أن وصل عددها إلي ما يقارب 10 آلاف صندوق وبالفعل تقدم النائب هشام والي بمشروع قانون لضم هذه الصناديق للموازنة العامة. ومن جانبه قال سمير موسي عضو مجلس النواب، إن الصناديق الخاصة تشبه الصندوق الأسود، الذي لم يستطع أحد فتحه خلال السنوات الماضية، مضيفًا: "الحكومة هتضطر تلجأ له لحل عجز الموازنة". وأضاف أن هناك بعض الصناديق يتم استخدامها لصالح زيادة رواتب بعض الموظفين والقيادات في الوزارات، مشددا علي ضرورة سن تشريعات تحدد ضوابط عمل هذه الصناديق خلال الفترة المقبلة. ويؤكد النائب إبراهيم نظير عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أنه آن الأوان لفتح ملف الصناديق الخاصة ومعرفة العدد الحقيقي لها وحجم الأموال التي تحتويها، علي أن يقوم البرلمان بعد ذلك بدراسة ضمها للموازنة العامة للدولة أو إخضاعها للرقابة. وأضاف نظير أن أيا من الحكومات السابقة، لم تجرؤ علي فتح ذلك الملف، موضحًا أن الوزارة والهيئة الواحدة داخلها أكثر من صندوق وكل صندوق له لائحة خاصة به، وذلك يمثل أزمة كبيرة. قال خالد شعبان، عضو لجنة القوي العاملة بمجلس النواب، إن هناك عددًا كبيرًا من الصناديق الخاصة غير معلومة للدولة ولا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، ويوجد بها مبالغ خيالية. وأضاف شعبان في تصريحات خاصة، أن فتح ملف الصناديق الخاصة سيشبه الحرب الطاحنة مع "الدولة العميقة" وقيادات الوزارات والهيئات، التي تستفيد من هذه الصناديق عن طريق البدلات والحوافز والمكافآت التي يحصلون عليها من تلك الصناديق. ووافقت لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس النواب علي اقتراح بمشروع قانون مقدم من النائب هشام والي، بشأن تعديل قانون رقم 53 لسنة 1973 بشأن الموازنة العامة للدولة، لإلغاء الصناديق الخاصة. وأشارت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون إلي أنه في إطار السعي الدائم لزيادة موارد الدولة وتنميتها ومنع إهدار المال العام والعمل علي صيانته، وفي إطار تضافر الجهود نحو طرح رؤي جديدة للإصلاح المالي. وأكد النائب عماد أن ضم أموال الصناديق الخاصة للدولة سيكون له أثر إيجابي لأن أموال الصناديق موجودة ومعطلة بالبنوك، قائلا: وبدلا من أن تقترض من البنوك بفوائد أذونات الخزانة بدلا والإيداع بفائدة أقل لأموال الصناديق الخاصة. وأوضح محروس أن ضم أموال الصناديق الخاصة للموازنة العامة للدولة يحسن موقف الدولة وشكلها العالمي بخفض الدين الداخلي، والمساهمة في خفض العجز في الموازنة والفارق بين المصروفات والإيرادات، باعتبارها أموالا معطلة، قائلا: "إحنا مش داخلين متحفزين لكننا متعاونين ويجب أن يكون نفس الفهم لدي الحكومة لأننا في مركب واحد". واختلف معهم في الرأي الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب عن حزب الوفد لافتا إلي أنه علي مدار سنوات كانت هناك أمور كثيرة أثيرت من خطب حماسية من غير المتخصصين، ومنها الحديث عن الصناديق الخاصة وضمها للموازنة العامة للدولة. وأوضح أن أموال الصناديق الخاصة هي موارد ومخصصات لهيئات ومحافظات وأحياء يخرج منها أجور ومصروفات صيانة ومكافآت، وأن الحديث عن نهبها وسرقتها لا يشمل الواقع كله، مشيرا إلي أن السواد الأعظم من العمالة المؤقتة في الدولة وأعمال الصيانة والتطوير تخرج من تلك الصناديق الخاصة. فيما طالب النائب أحمد سعد درويش بالتركيزعلي أهمية مواجهة تلك الظاهرة، لافتا إلي أنه من المفترض علينا كأعضاء في البرلمان العمل علي إصدار قانون بتشكيل لجنة عليا يشارك فيها ممثلو الجهاز المركزي للمحاسبات وهيئة الرقابة الإدارية ووزارة المالية ومحافظ البنك المركزي ويتم حصر كل الصناديق والحسابات الخاصة علي مستوي الدولة وفحص موجوداتها. كما أكد علي ضرورة النص علي تصفية هذه الصناديق والحسابات الخاصة خلال 3 سنوات علي الأكثر وضمها للموازنة العامة للدولة، وحظر إنشاء أي صناديق أو حسابات خاصة وإرجاع هذه السلطة لرئيس الجمهورية في أضيق الحدود الممكنة حتي لا تتحول إلي مجري فساد، علي أن يكون أي قرار بشأن إنشاء أي صندوق أو حسابات خاصة بموافقة مجلس النواب وتحت رقابة المشروعية المالية للبرلمان.