كوفاسيتش: سجلت هدفي الثاني بسبب جوارديولا.. ونفتقد رودري    وزير الدفاع ينيب قادة الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية لوضع أكاليل الزهور على قبر الجندى المجهول    جنرالات النصر    11.7 تريليون جنيه ودائع مصريين وزيادة 181% في حساباتهم بالبنوك مقارنةً بعام 2016.. «البنك المركزي» يفحص 3210 شكاوى وطلبات    وزارة السياحة: انطلاق رحلة ركوب الدراجات الهوائية من الغردقة إلى مرسى علم    غدا إجازة بأجر للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    زيادة إنتاج الغاز فى «باشروش».. و«توتال» تستعد لمناطق جديدة ..بدوى: شراكة مع شركات البترول العالمية وتسريع ضخ الاستثمارات    يسيطر عليها من رقم السيارة.. أساليب اختراق جديدة تغير قواعد اللعبة    الجيش الفرنسي يشهد حالة تأهب قصوى، اعرف السبب    مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: مصر تلعب دور تاريخي في دعمها للبنان    الادّعاء الروسي يطالب بسجن "مرتزق" أمريكي 7 سنوات    مسؤول سابق بالبنتاجون: «بايدن» يدعو دائما لوقف إطلاق النار في غزة وجنوب لبنان    الرئيس يتلقى التهانى بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر    أودينيزي يعود للانتصارات من بوابة ليتشي    «الدَّين» القاتل    "مكنش قصدى"، مقتل عامل على يد والده فى سوهاج    حالة الطقس بمحافظة البحيرة غدًا الأحد 6-10-2024    فرق مهرجان الإسماعيلية للفنون الشعبية تزور منطقة البحيرات المرة (صور)    يوم المعلم العالمي.. كيف يتبنى كل برج دور المعلم    الغيطانى وقبضايا وفاروق يوثقون لحظات النصر بالكلمة والصورة    نشوى مصطفي تغادر المستشفى غدا بعد تركيب 3 دعامات في القلب    طريقة عمل أم علي في البيت بأقل التكاليف    كيف تمنع ارتفاع مستويات السكر بالدم بطرق بسيطة من المنزل؟    الزمالك يسابق الزمن لتفادي إيقاف القيد مجددا    النني يفتتح أهدافه مع الجزيرة في الدوري الإماراتي    رواتب تبدأ من 6500 جنيه.. رابط التقديم على فرص عمل في القاهرة والتخصصات المطلوبة    قبرص: وصول أول رحلة تُقِل مواطنين أستراليين من لبنان    نادٍ إنجليزي جديد يزاحم ليفربول على ضم عمر مرموش    إصابة 13 شخصًا فى حادث انقلاب سيارة بالإسماعيلية    «الإفتاء» تنظم البرنامج التدريبي «التأهيل الفقهي» لمجموعة من علماء ماليزيا    الصحة: فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يتفقد مستشفى الغردقة العام ويحيل واقعة تقصير للشئون القانونية    إسرائيل تشن 5 غارات على ضاحية بيروت الجنوبية خلال الساعة الأخيرة    عاجل.. تأجيل إعادة محاكمة متهم بتفجير فندق الأهرامات الثلاثة لحضور المحامي الأصيل    نقابة المهن الموسيقية ترعى مؤتمر الموسيقى والمجتمع في جامعة حلوان    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 103 ملايين خدمة مجانية خلال 65 يوما    بعد انطلاق فعالياته.. 5 أفلام مصرية تشارك في مهرجان وهران السينمائي    خلال 24 ساعة.. تحرير 534 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    «إسلام وسيف وميشيل».. أفضل 3 مواهب في الأسبوع الخامس من كاستنج (فيديو)    رئيس الضرائب توضح تفاصيل جديدة بشأن إصدار فواتير إلكترونية    الكنيسة الأرثوذكسية تهنئ الرئيس والمصريين بذكرى نصر أكتوبر    التضامن تسلم 801 وحدة سكنية للأبناء كريمي النسب في 12 محافظة    خبيرة: مشروع رأس الحكمة أحدث استقرارا نقديا انعكس إيجابيا على مناخ الاستثمار    موعد مباراة منتخب مصر ضد موريتانيا في تصفيات أمم أفريقيا    في حوار من القلب.. الكاتب الصحفي عادل حمودة: "أسرار جديدة عن أحمد زكي"    شاهندة المغربي: أتمنى تحكيم مباراة الأهلي والزمالك في دوري الرجال    أكاديمية الشرطة تستقبل وفدا من أعضاء الهيئات الدبلوماسية بمجلس السلم والأمن    فرد الأمن بواقعة أمام عاشور: ذهبت للأهلي لعقد الصلح.. واللاعب تكبر ولم يحضر (فيديو)    تخفيضات 10%.. بشرى سارة من التموين بشأن أسعار السلع بمناسبة ذكرى أكتوبر    السد يعلن تفاصيل إصابة يوسف عطال.. ومدة غيابه    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    تقرير أمريكي: السنوار اتخذ مواقف أكثر تشددا.. وحماس لا ترغب في المفاوضات    حاول إنقاذه فغرقا معًا.. جهود مكثفة لانتشال جثماني طالبين بهاويس الخطاطبة بالمنوفية (أسماء)    «تنمية المشروعات» يضخ 2.5 مليار جنيه تمويلات لسيناء ومدن القناة خلال 10 سنوات    بمناسبة اليوم العالمي للمعلم.. رسالة مهمة من وزير التربية والتعليم    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل المجتمعات العربية في مكتبة الإسكندرية‮:‬التخلص من إسرائيل قبل أي شيء آخر

نظمت وحدة الدراسات المستقبلية في مكتبة الإسكندرية الأسبوع الماضي مؤتمراً‮ ‬تحت عنوان‮ "‬مستقبل المجتمعات العربية‮...‬المتغيرات والتحديات‮"‬،‮ ‬والذي شارك فيه عدد من الخبراء والباحثين العرب والأجانب لمناقشة ما تمر به المنطقة من أزمات وحروب بعد ثورات الربيع العربي،‮ ‬ولتقديم رؤية عن المستقبل ووضع معالم له،‮ ‬خصوصاً‮ ‬أن الأوضاع تتعقد‮ ‬يوماً‮ ‬بعد آخر،‮ ‬حيث‮ ‬يتزايد عدد التنظيمات المُسلحة في مختلف البلاد مثل مصر وسوريا والعراق واليمن وليبيا،‮ ‬في الوقت الذي تتزايد فيه قوة إسرائيل،‮ ‬وذلك لأن الاثنين؛ الإرهاب والعدو،‮ ‬يساندهما الغرب ويقدم لهما الدعم والأسلحة،‮ ‬وهو ما تناولته الجلسات والمحاضرات التي رأت ضرورة التخلص منهما،‮ ‬كي‮ ‬يفيق العرب لمشكلاتهم الأساسية،‮ ‬ويضعوا الخطط والاستراتجيات التي من شأنها أن تعيد المنطقة إلي سابق عهدها‮.‬
افتتح المؤتمر الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية،‮ ‬بكلمة قال فيها إن المتغيرات العاصفة التي ألمت بالعديد من دول المنطقة في السنوات القليلة الماضية فرضت سؤالاً‮ ‬هامًا‮ ‬يتعلق بمستقبل المجتمعات العربية،‮ ‬ومستقبل الأجيال القادمة الشابة،‮ ‬والذي‮ ‬يشغل أيضا كثير من دول العالم،‮ ‬وبخاصة أوروبا التي تتأثر من التحولات التي تشهدها المنطقة العربية في بنيتها الاجتماعية والثقافية،‮ ‬باعتبارها امتدادًا لتاريخ هذه المجتمعات من ناحية وجزء من التحولات الأعمق التي تلف العالم من ناحية أخري،‮ ‬وهو ما‮ ‬يضاعف من التحديات أمام المجتمعات العربية التي ما زالت في جدل عميق،‮ ‬ومخاض تحولات صعبة تتعلق بموقعها في العالم اليوم،‮ ‬في الوقت الذي لا تزال فيه التساؤلات حول الهوية،‮ ‬والحرية،‮ ‬والتنمية،‮ ‬والعدالة الاجتماعية،‮ ‬والديمقراطية تحتاج إلي إجابات معمقة‮. ‬
وأوضح سراج الدين أن المؤتمر‮ ‬ينطلق من عدة قناعات؛ أولها أن الوقت لم‮ ‬يفت بعد،‮ ‬فلا‮ ‬يزال أمام الشعوب العربية فرصة لتشكيل مستقبلها،‮ ‬حتي لا‮ ‬يكون مستقبلها مفروضًا عليها،‮ ‬علي الرغم من أن النظرة الأولي إلي حال العالم العربي تشي بأزمات عميقة وشاملة تتراوح ما بين فشل مشروع‮ "‬الدولة الحديثة‮" ‬الذي انشغلنا به،‮ ‬وصعود الحركات الإرهابية واتجاهات التكفير والتطرف وتفشي الانقسامات المذهبية والطائفية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي توصف في معظم الأحيان ب‮ "‬الأمراض المزمنة‮"‬،‮ ‬إلا أن من عناصر الاستبشار الكامنة في هذه المجتمعات أجيالها الشابة،‮ ‬التي تحلم بالحرية وبالغد الأفضل‮..‬
ثانيًّا؛ أن المستقبل ليس واحدًا،‮ ‬فهناك مستقبلات عديدة‮ ‬يمكننا الاختيار من بينها،‮ ‬وما زالت أمام المجتمعات البشرية الفرصة لصياغة مستقبلها الخاص بها،‮ ‬مع العلم بأن هذه المستقبلات‮ ‬غير منفصلة بل‮ ‬يؤثر كل منها في الآخر،‮ ‬فجزء من مستقبل الشعوب العربية مرتبط بمستقبل صعود الصين أو الهند أو البرازيل في مواقع القوي العالمية،‮ ‬وجزء كبير من مستقبل العالم وتوجهاته‮ ‬يتحدد أيضًا علي أرضنا‮. ‬وثالثًا‮: ‬إن النظرة إلي المستقبل‮ ‬ينبغي لها أن تتسم بالكلية والشمولية،‮ ‬فالمستقبل بطبيعته لا‮ ‬يتعلق بجانب واحد من جوانب الظاهرة دون الآخر،‮ ‬فهو إدراك كلي تستدعي الإحاطة به نقاشات موسعة ومستمرة تجمع العلماء والباحثين من كافة التخصصات والمشارب والخلفيات لبناء تصورات حول المستقبل وكيفية تحقيقه حاليًّا والعبور إليه لاحقًا‮.‬
من جانبه،‮ ‬أكد الكاتب حلمي النمنم وزير الثقافة أن سؤال المستقبل أصبح ضروريا وحيويا لمواجهة المخاطر التي تهدد المجتمعات العربية،‮ ‬وأن هناك عددا كبيرا من التساؤلات المتعلقة بقضايا حاضرنا أولها حالة التشدد والتطرف التي بات الجميع‮ ‬يعاني منها،‮ ‬إذ لم تسلم منها أي دولة عربية مع اختلاف مستوياتها من دولة لأخري‮. ‬مضيفاً‮: "‬علينا أن نسأل أنفسنا كيف سنواجه مشكلة التطرف والإرهاب في مصر وسوريا والعراق واليمن والسودان وغيرها من البلدان،‮ ‬وكيف سنواجه ما ترتب عليها من حالة استقطاب مذهبي وطائفي وعرقي‮.. ‬وماذا عن مستقبل القضية الفلسطينية،‮ ‬ففي ظل الدعم الذي تحصل عليه إسرائيل،‮ ‬يتباعد حلم الدولة الفلسطينية،‮ ‬ويزيد من عدم الاستقرار في الدول العربية خاصة البلاد الحدودية‮".‬
تطرق أيضاً‮ ‬الدكتور عبد المجيد الشرفي،‮ ‬رئيس المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون‮ "‬بيت الحكمة‮"‬،‮ ‬في محاضرته‮ "‬الدولة القُطرية إلي أين؟‮" ‬للقضية الفلسطينية،‮ ‬إذ‮ ‬يري أن زرع الكيان الصهيوني في قلب المنطقة ومساندته من قبل الغرب بشكل عام خلق للعرب وضعاً‮ ‬في منتهي الصعوبة نظرًا لتفوق إسرائيل علي كل دول المنطقة عسكريًا،‮ ‬وتقدمها العلمي والتكنولوجي،‮ ‬والذي تسعي من خلاله بألا تكون محاطة بدول قوية بل بكيانات ضعيفة متناحرة مبنية علي أساس طائفي أو إثني،‮ ‬في ظل ذلك نجد أن الدولة القومية الموحدة حلم قد تبخر ولم‮ ‬يعد‮ ‬يدعو له سوي قلة قليلة لديها وعي متنام بالمصير المشترك الذي‮ ‬يجمع أبناء المنطقة‮.‬
وقال الشرفي‮: "‬لا‮ ‬يمكن التنبؤ بمستقبل للدولة القُطرية أو الوطنية في الفترة الحالية نظرًا لهشاشة الأسس التي قامت عليها تلك الدول،‮ ‬والتي عجزت عن القيام بالواجبات الدنيا؛ فلا هي قادرة علي حماية نفسها،‮ ‬ولا متفاعلة مع محيطها،‮ ‬ولا هي حققت الكرامة لمواطنيها كي‮ ‬يدافعوا عنها،‮ ‬ولا وفرت قواعد العيش المشترك بين مواطنيها،‮ ‬فبرزت الطائفية،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن الحروب الأهلية الداخلية التي تغذيها القوي الإقليمية والخارجية أصحاب المصالح‮.. ‬والوضع البديل‮ ‬يتطلب في مجمله حلولاً‮ ‬تأخذ في الاعتبار ما‮ ‬يجمع سكان المنطقة،‮ ‬والبعد عما‮ ‬يفرضه الظرف العالمي واقتصاديات السوق والنظرة العدائية للإسلام،‮ ‬وذلك لن‮ ‬يتم إلا بإرادة حرة قادرة علي التغلب علي كل الصعاب،‮ ‬وهو ما تتجه حركة التاريخ نحوه‮".‬
وأضاف‮: "‬رغم ضبابية المشهد في المنطقة العربية إلا أن ثورات الربيع العربي لم تبُح بكل أسرارها،‮ ‬وتمثل‮ - ‬رغم كل ما جلبته وراءها من صعاب‮ - ‬النهاية لكل الأنظمة الفاسدة،لذلك‮ ‬يجب أن تسعي المنطقة إلي إقامة علاقات بين الدول وشعوبها لوضع حد للتناحر،‮ ‬فمصير الدولة القطرية أو الوطنية من المحيط الأطلسي إلي الخليج ليس واضحًا،‮ ‬لأن المنطقة العربية لم‮ ‬يعد لها نفس الدور والوزن اللذان كانا لها أيام ازدهار الحضارة الإسلامية العربية،‮ ‬وأنه مع اكتشاف النفط وقيام الدولة الحديثة أصبحت مناطق أخري تستحوذ علي الاهتمام بسبب وزنها الاقتصادي،‮ ‬وعلي رأسها الصين والولايات المتحدة الأمريكية ودول وأوروبا‮".‬
وأوضح أن العالم المعاصر‮ ‬يشهد ظاهرتين إحداهما مترتبة علي الأخري ونتيجة لها،‮ ‬هي البحث عن التكتل وتجميع القوي لمواجهة العولمة وحرية انتقال رؤوس الأموال والسلع،‮ ‬وفي المقابل الحركات التي تدافع عن الخصوصية وتحارب التنميط الذي تفرضه العولمة‮.. ‬هذا الظرف العالمي المتناقض من شأنه زيادة التعقيد في المنطقة؛ فالنمط المٌعَوّْلم محل انبهار ولكنه في نفس الوقت محل رفض‮. ‬متابعاً‮: "‬الدولة الوطنية العربية‮ ‬غير مكتملة نظرًا لحداثتها وافتقادها المقومات الأساسية،‮ ‬تتجاذب مواطنيها تيارات لا سبيل للتوفيق بينها،‮ ‬وتعيش حالة حرب أهلية معلنة حينًا وخفية أحيانًا أخري‮". ‬
وفي جلسة بعنوان‮ "‬مسارات الجماعات الراديكالية في العالم العربي‮"‬،‮ ‬قال الدكتور السيد أبو فرحة مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بني سويف،‮ ‬إن التحديات التي تواجه الدولة القومية بصفة عامة وصيغتها العربية بصفة خاصة خطيرة،‮ ‬منها ظاهرة الإرهاب التي شهدت تحولاً‮ ‬نوعياً‮ ‬جديداً‮ ‬خلال الفترة التي أعقبت التغيير السياسي الذي شهدته عدد من النظم العربية‮. ‬طارحاً‮ ‬عدداً‮ ‬من سيناريوهات مستقبل الدولة القومية في المنطقة العربية،‮ ‬في ظل التحول النوعي في جغرافيا الظاهرة الإرهابية في المنطقة بالتطبيق علي تنظيم الدولة الإسلامية المعروف ب"داعش‮"‬،‮ ‬من بينها انكفاء الدولة القومية العربية علي ذاتها في سبيل الحفاظ علي استمراريتها،‮ ‬وهو سيناريو مكلف للدولة في ضوء تأثيرات الخارج وتسارع تكنولوجيا المعلومات‮.‬
وحذر أبو فرحة من سيناريو تداعي الدولة القومية العربية وتفككها لصالح صيغ‮ ‬جديدة للحكم والسيطرة قد تنقلها إلي شكل قومي بالمعني العرقي وليس الوطني،‮ ‬وهو ما قد‮ ‬يؤدي إلي تغير واسع في جغرافيا المنطقة العربية‮. ‬كما حذر أيضًا من تداعي صيغة الدولة القومية العربية لصالح التنظيمات الإرهابية الجديدة في إطار زحف الأخيرة جغرافياً‮ ‬وتنظيمياً‮ ‬علي الأول في اتجاه تأسيس تنظيمات إرهابية مستقرة جغرافياً‮ ‬ومؤسسياً‮. ‬مشيراً‮ ‬إلي أحد السيناريوهات المتوقعة أيضا،‮ ‬والذي‮ ‬يتمثل في تنامي التدخل الخارجي في الداخل العربي بصورة تسمح بالحفاظ علي الصيغة الراهنة للدولة القومية العربية ولكن في حدودها الدنيا بحيث لا تفي بطموحات شعوبها المتنامية‮.‬
وقدم اللواء خالد عكاشة مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية في هذه الجلسة ورقة بحثية بعنوان‮ "‬تأثير
‮ ‬الجماعات الراديكالية علي مستقبل الأمن العربي‮: ‬نظرة من الداخل‮"‬،‮ ‬اعتمدت علي أربعة محاور رئيسية؛ أولها أن التنظيمات الإرهابية تشكل خطراً‮ ‬ملموساً‮ ‬علي معادلات السياسة والاستقرار والمشهد العربي،‮ ‬فهي متداخلة في كل المشكلات التي تواجه المنطقة وحاضرة بقوة،‮ ‬وثانيها أن التنظيمات المسلحة حققت طفرة‮ ‬غير مسبوقة منذ عام‮ ‬2011؛ فأصبحت تضم عقليات مُدربة،‮ ‬وطورت من أساليبها في تجنيد أعضائها،‮ ‬كما طورت مرجعياتها الفكرية وصنعت خطابًا سياسيًا خاصًا،‮ ‬وطورت حواضن الإرهاب‮.‬
أما المحور الثالث فيتمثل في المساحة الواسعة من استثمار أطراف إقليمية ودولية لتلك التنظيمات مما وسع مفهوم‮ "‬صراعات الوكالة‮"‬،‮ ‬فبدأت القوي العظمي تفتح خطوط اتصال مع الجماعات الإرهابية،‮ ‬وأصبح هناك رعاة رسمييون من الدول لتنظيمات بعينها‮. ‬ويتناول المحور الرابع من ورقة اللواء خالد عكاشة،‮ ‬آفاق وأدوار المواجهة لتلك التنظيمات؛ مشيرًا إلي أن هناك أدوارا أمنية وعسكرية وسياسية ومجتمعية وفكرية وثقافية،‮ ‬وأنه لابد من وجود مواجهة شاملة وإرادة من قبل الدول وحكوماتها للقضاء علي تلك التنظيمات،‮ ‬حتي لا تفتح الأفق الزمني لتنامي هذه الظاهرة‮.‬
بينما تناول الدكتور قيس الهمامي،‮ ‬الباحث والخبير بالمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية،‮ "‬الاستشراف الاستراتيجي في الفكر المعاصر فلسفيًا وثقافيًا‮" ‬وهو عنوان محاضرته التي قال فيها إن الدراسات التي أجريت في مجال الاستشراف ضعيفة والكثير منها وضعها خبراء أجانب لا‮ ‬يعرفون وضع وخصوصيات العالم العربي،‮ ‬وهو ما‮ ‬يدعو لضرورة وجود دراسات عربية تتناول هذا المجال‮. ‬مضيفاً‮: "‬الدراسات الحديثة في هذا المجال أكدت أنه لا‮ ‬يمكن قياس تقدم الشعوب إلا بالنظر إلي مستقبلها،‮ ‬وفي نفس الوقت الذي‮ ‬ينقلنا فيه الاستشراف نحو المستقبل فإنه‮ ‬يجعلنا ننظر إلي الماضي،‮ ‬والدراسة التي أعددتُها في هذا الشأن تركز علي التثبت من معايير الاستشراف الاستراتيجي في الفلسفة العربية عمومًا والإسلامية خصوصًا،‮ ‬بداية من العصر الجاهلي والعصور اللاحقة له‮".‬
ودلل الهمامي علي كلامه بما أقبل عليه‮ ‬يعقوب بن اسحاق الكندي الذي وضع معجماً‮ ‬يضم جميع المصطلحات الفلسفية العربية،‮ ‬محاولًا ايجاد التوافق بين الفلسفة والعلوم الأخري،‮ ‬خاصة العلوم الدينية،‮ ‬والذي اعتبر أن كل عنصر سببه العنصر الذي‮ ‬يسبقه،‮ ‬وأيضاً‮ ‬أبو نصر محمد الفارابي الذي‮ ‬يري أن العقلانية عنصر لأي فعل متعمد،‮ ‬وما كتبه حول‮ ‬المدينة الفاضلة في حال طبقت بعض السنن والأحكام بين الناس‮. ‬وأطروحة ابن سينا للقانون والفلسفة،‮ ‬وكذلك ابن خلدون حول فكرة الاستشراف ودلائل سقوط الأنظمة وعلاقة الزمن بالإمبراطوريات‮. ‬لافتاً‮ ‬إلي أن تطور فكرة الاستشراف حدث بسبب أربع موجات تاريخية؛ أولها استقلال الشعوب العربية،‮ ‬وثانيها سقوط حائط برلين،‮ ‬وثالثها أحداث سبتمبر‮ ‬2011،‮ ‬وآخرها العصر الذهبي المتمثل في الربيع العربي‮.‬
وكان من ضمن المشاركين في المؤتمر الدكتور إدجار جول،‮ ‬رئيس قسم بحوث الدراسات المستقبلية بمعهد الدراسات المستقبلية وتقييم التكنولوجيا ببرلين،‮ ‬والذي ألقي محاضرة بعنوان‮ "‬الدراسات المستقبلية في العالم العربي في ضوء خطة الأمم المتحدة‮ ‬2030‮"‬،‮ ‬إذ تحدث عن تجربته في تناول الدراسات المستقبلية في مصر حيث عمل لمدة عامين كباحث مشارك في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء،‮ ‬وخرج بتقييم لأوضاع الدراسات المستقبلية والمراكز والشخصيات الرائدة القائمة عليها،‮ ‬قائلاً‮ ‬إن الاهتمام بالمستقبل‮ ‬يعد أحد أهم أسباب استمرار المجتمعات وربما نجاحها؛ فكثير من الحضارات اختفت نتيجة عدم معرفتهم بما سيواجهونه في المستقبل من متغيرات اقتصادية وبيئية‮ ‬واجتماعية،‮ ‬وعدم فهم التحديات المستقبلية،‮ ‬لذلك‮ ‬يجب علي صانعي القرار في العالم العربي أن‮ ‬يدركوا أن الاعتماد علي الدراسات المستقبلية في اتخاذ القرارات المصيرية بمجتمعاتهم ودولهم ستساعدهم علي بقائها،‮ ‬وأنه‮ ‬يجب أيضًا علي الرجال والنساء وكل المؤسسات أن‮ ‬يغيروا أنشطتهم حتي لا‮ ‬يعيشوا علي حساب الأجيال القادمة‮". ‬
ولفت جول إلي أن عملية التنمية المستدامة هي عملية معقدة،‮ ‬وأن هناك متطلبات لهذه التنمية أهمها‮: ‬التقبل،‮ ‬والمعرفة،‮ ‬والاستشراف والقدرة علي الاختيار،‮ ‬والعمل،‮ ‬والدعم المعرفي،‮ ‬والنقود‮ ‬،‮ ‬والمعرفة المجتمعية،‮ ‬وكذلك أيضًا التمكين؛ حيث‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون هناك قرارات داعمة من الوزارات،‮ ‬والمجتمع،‮ ‬وصانعي القرار‮. ‬مضيفاً‮: "‬ما نتخذه من قرارات اليوم،‮ ‬وما نقوم به من تصرفات في الحاضر سوف‮ ‬يؤثر بصورة أو بأخري علي مستقبلنا ومستقبل أبنائنا من بعدنا‮. ‬وإذا أردنا لهذا المستقبل أن‮ ‬يكون مقبولاً‮ ‬من وجهة نظرنا،‮ ‬فعلينا أن نتخذ قراراتنا اليوم آخذين في الاعتبار النتائج والتداعيات المحتملة لهذه القرارات علي مدي زمني طويل،‮ ‬وليس فقط علي المدي القصير أو المتوسط‮".‬
ويري جول أنه لا‮ ‬يوجد مستقبل واحد بل عدة مستقبلات‮ ‬يكون علي كل مجتمع الاختيار من بينها؛ فهناك المستقبل الممكن والمعقول والمحتمل وهناك المستقبل المفضل الذي‮ ‬يسعي البشر شعوريًا إلي تكوينه،‮ ‬ويعود اختلاف وتنوع المستقبل إلي اختلاف الثقافات الإنسانية،‮ ‬وكذلك اختلاف استجابتنا البشرية تجاه هذا المستقبل،‮ ‬فهناك استجابة استسلامية وهناك استجابة تتسم بالرد الفعل علي حسب الظاهرة وهناك استجابة فعالة تحاول إعادة تشكيل الفعل وتتفاعل إيجابيًّا،‮ ‬متناولاً‮ ‬أجندة الأمم المتحدة لعام‮ ‬2030،‮ ‬وهي خطة عالمية موضوعة من أجل ضمان التنمية المستدامة في المجتمعات البشرية وتستهدف القضاء علي الفقر وتحسين فرص التعليم والصحة ونوعية الاقتصاد فيها بحلول العام‮ ‬2030.‬‮ ‬
كما استعرض مشروع منارة،‮ ‬وهو مشروع عربي أوروبي تقوم عليه عدد من المراكز البحثية في أوروبا والعالم العربي ويهدف إلي وضع سيناريوهات التنمية المستدامة في منطقة شمال أفريقيا علي المستوي المتوسط والطويل‮. ‬ويسعي هذا المشروع عبر أعمال الخبراء واجتماعات مشتركة بين الباحثين علي امتداد المنطقة إلي التركيز علي الفرص والموارد المشتركة التي‮ ‬يمكن البناء عليها لتحقيق‮ "‬قفزة عربية‮" ‬في مجال التنمية المستدامة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.