صك الأضحية مشروع تقوم به الجمعيات والمؤسسات الخيرية للتيسير علي المواطنين في شعيرة الأضحية. وبدأت وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة التموين هذا العام طرح صكوك الأضاحي بقيمة 1200 جنيه للصك، حيث يتم شراء الأضاحي من الخارج، ثم ذبحها وتوزيعها علي الفقراء خاصة في القري والنجوع والمناطق النائية، لتأكيد قيم التكافل والعمل التطوعي. والمتوقع تجميع 100 ألف صك في المرحلة الأولي مباشرة، وسيكون ذلك بدفاتر إيصالات مسلسلة لمنع التزوير، وستقوم وزارة التموين بشراء الأضاحي من السودان ثم ذبحها وتوزيعها علي الفقراء والمحتاجين خلال أيام العيد. ونحن نتساءل هل يجزئ الصك عن الأضحية؟ وهل هناك منافع اقتصادية واجتماعية لهذا المشروع؟ العلماء يجيبون في التحقيق التالي.. من الناحية الاجتماعية يوضح د. رشاد أحمد عبداللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان أن الصكوك في الوقت الراهن تمثل وسيلة للتيسير وتوفير الوقت والجهد، لكن أكثر الشعب المصري لايزال متمسكاً بالمتبع في هذا الأمر وهو شراء الأضحية بنفسه وذبحها، وهذه هي الطبقة المتوسطة والتي تحرص عند إقامة شعيرة الأضحية علي الشراء والذبح وتوزيعها علي الأهل والأحباب والفقراء، وهو جو يشعرهم بالسعادة، فالأبناء والأحفاد يشعرون بالبهجة وهم يشاهدون ذبح أضحية العيد. كما أن الفقراء والجيران يفرحون فيتم توزيع اللحوم عليهم وهم أكثر المستفيدين من ذبح الأضحية. أما بالنسبة للطبقة الغنية والتي تسكن الأحياء الراقية في المدن، فالكثير من هذه الطبقة لا يعنيها كثيراً هذا الأمر ومن ثم فإن مشروع »صكوك الأضاحي» يوفر عليهم الوقت والجهد فيقبلون عليه. وليس من شك في أن المشروع بصفة عامة باب للتيسير يوفر الوقت والجهد ولكنه لن يكون بديلاً عن شراء المضحي لأضحيته وذبحها بالنسبة للكثير من المصريين. مصلحة اقتصادية د. إسماعيل شلبي أستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق يشير إلي أن مشروع صك الأضحية يحقق مصلحة اقتصادية مشتركة بين المضحي وبين الفقراء والمحتاجين فبالنسبة للمضحي تيسير عليه في الثمن فصك 1200 أوفر من 3 آلاف ثمن شراء خروف.. حيث إن الجهات أو المؤسسات التي تقوم بمشروع صك الأضحية تقوم بشراء الحيوانات من الخارج بأسعار مناسبة، وهذا لا يستطيع أن يقوم به شخص بمفرده. كما أنه يوفر علي المضحي مشقة الشراء ويحميه من طمع وجشع التجار الذين يستغلون موسم العيد فيرفعون أسعار الخراف والحيوانات، يضاف إلي ذلك توفير مشقة العلف والذبح والتوزيع، وكذلك الذبح بطريقة سليمة تحمي البيئة من التلوث. وبالنسبة للفقراء والمحتاجين فإنه من خلال هذا المشروع يمكن الوصول إلي القري والنجوع والمناطق النائية التي بها نسبة كبيرة من الفقراء والمساكين الذين هم أحوج الناس للحوم الأضاحي. فهؤلاء بحاجة إلي هذه اللحوم بعد ارتفاع أسعارها وأصبحت تمثل مشكلة كبيرة لهم في شرائها. ولذلك يجب أن تكون هناك قاعدة بيانات للفقراء والمحتاجين في هذه المناطق حتي تستطيع المؤسسات والهيئات التي تقوم بجمع صكوك الأضاحي بتوزيع اللحوم علي هؤلاء حتي يشعروا بفرحة العيد هم وأبناؤهم. فعلي القائمين علي مشروع صك الأضحية بذل المزيد من الجهد للوصول إلي المستحقين لهذه اللحوم. جائز شرعاً من جانبه يوضح د. مصطفي عمارة أستاذ الحديث بجامعة الأزهر أن هناك من جعل من الأضحية عبادة مقدسة لا يجوز الانفكاك عنها، وهذا ما كان يخشي منه الخليفة أبوبكر والخليفة عمر، فكانا رضوان الله عليهما لا يضحيان مخافة أن يُري ذلك واجباً. وصك الأضحية من الناحية الشرعية جائز وهو يجزئ حيث تنوب مؤسسة أو شركة أو وزارة عن الأفراد في الأضحية، وقد ضحي الرسول صلي الله عليه وسلم عن الحسن والحسين ومن ثم فإنه يجوز أن يُنيب أحد أحداً في الأضحية، ولكن علي المضحي أن يتحري عن من ينوب عنه في أضحيته أي عليه أن يسأل عن المؤسسات التي تقوم علي صك الأضحية فيختار الأفضل منها والتي يطمئن قلبه إليها. ولاشك أن مشروع صك الأضحية باب للتيسير علي الناس خاصة في المدن والذين يصعب عليهم شراء الأضحية وتوفير مكان لها بالمسكن وتوفير العلف وغير ذلك من الأمور التي لا يعيها الكثير من سكان المدن، فيكون صك الأضحية تيسيراً له حيث يوفر عليه كل هذه الإجراءات. ويضيف: ليس شرطاً أن يأكل المضحي من أضحيته فمن يوكل شخصاً أو مؤسسة عنه في الأضحية تقوم هذه الجهة بهذا العمل، المهم أن تصل هذه اللحوم إلي الفقراء والمساكين الذين هم بحاجة إلي هذه اللحوم. باب للتيسير يقول د. إدريس أستذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر مشروع صك الأضحية جائز شرعاً إذا التزمت الجهة المانحة للصك بذبح الأضحية نيابة عن المضحي في الوقت المحدد لها وهي يوم العيد أو في أيام التشريق الثلاثة، والالتزام بأن تكون الأضحية سليمة وبالسن المحدد. وهذا من باب التيسير علي الناس كما يحدث للهدي بالنسبة للحجيج حيث يدفع الحاج قيمة صك الهدي وتقوم الشركة بذبح وتوزيع لحوم الهدي نيابة عنه. والأضحية سنّة عن النبي صلي الله عليه وسلم ولها ثواب وأجر كبير كما قال صلي الله عليه وسلم لفاطمة: »يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بكل قطرة من دمها..» فالمستحب أن يقف المسلم ويشهد أضحيته وإن تعذر ذلك فلا بأس حيث يقوم المسلم بتوكيل غيره في الأضحية من خلال شراء صك الأضحية. المطلوب هو الرقابة والمتابعة علي الجمعيات والجهات التي تقوم بهذا المشروع حتي نضمن قيام هذه المؤسسات بذبح الأضاحي وتوزيع لحومها علي الفقراء والمساكين. فهذا المشروع يمكن من خلاله توفير كميات كبيرة من اللحوم نستطيع من خلالها إدخال البهجة والسرور علي عشرات الآلاف من الأسر الفقيرة التي هي بحاجة إلي كيلو من اللحم خاصة في ظل ارتفاع أسعار اللحوم بشكل كبير في الآونة الأخيرة.