الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة فهو فريضة علي كل مسلم ومسلمة بشرط الاستطاعة لقوله تعالي: »ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين» آل عمران » 97» والاستطاعة في الحج لها معني شرعي ومعني عقدي فبالمعني الشرعي هي : القدرة علي ثمن أو أجرة الوسيلة الموصلة إلي البلاد المقدسة والمعيدة منها، بالإضافة إلي مايحتاجه الحاج من نفقاته ونفقات من تلزمه نفقته، والقدرة البدنية، وأمن الطريق، وإمكان المسير، ويضاف للمرأة خاصة وجود زوج أو محرم يصحبها، فمن توفر لديه ذلك، وهوبالغ عاقل حر، فقد وجب عليه الحج علي الفور لتحقق الاستطاعة. وبالمعني العقدي: هي القدرة علي التوبة والإنابة علي الله تعالي والإعذار منه ولذا جعل الحج مرة واحدة في العمر يتحمل فيها المرء العناء والمشقة والمال ليصل لبيت الله ويطلب العفو والمغفرة فإن كان لديه القدرة علي هذا فقد وجب عليه الحج. وهنا يجب أن نشير إشارة خفيفة إلي من يعملون المعاصي ولديهم القدرة المادية علي الحج ولكن ليس لديهم القدرة علي التوبة هل يذهبوا إلي الحج أم لا؟ أولا: تختلف المعاصي التي يرتكبها الإنسان فإن كانت متعلقة بالمال والوسائل والزاد الذي يبلغ به الحج ويؤديه به فلا ينبغي عليه أن يحج حتي يجعل مال الحج ونفقته من حلال قال رسول الله ياأيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال »ياأيها الرسل كلوا من طيبات ما رزقناكم، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلي السماء يارب يارب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأني يستجاب لذلك؟ فمن كانت نفقة حجه من حرام فهذا حجه فاسد أصلا لأن الله طيب لايقبل إلا طيبا أما من كانت معصيته غير متعلقة بنفقة الحج ولكنه لايستطيع التوبة فليذهب وليؤدي حج الفريضة وليطلب من الله تعالي أن يرزقه التوبة ويهييء له أسبابها ولكن لايستهين بالحج فيكرره في كل عام لمجرد أن لدية القدرة المادية والبدنية علي ذلك وليتبرع لغيره بنفقة الحج ويطلب ويهييء لغيره الحج ويطلب من كل من يذهب إلي الحج أن يدعو له والاستطاعة البدنية إذا لم تتوفر بأن حبس من مرض مزمن، أو كان شيخا فانيا لايستطيع السفر إلي الحج، وهو مايسمي بالمعضوب، فإن كان قادرا ماديا لزمه أن ينيب غيره ليحج عنه، ولو بأجرة، بشرط أن يكون النائب قد حج عن نفسه، فإذا لم يجد المعضوب (الشيخ الفاني أوالمريض) من ينيبه، أو وجده ولكن بأكثر من أجرة المثل وهوغير قادر علي تلك الأجرة سقط عنه الحج، لعدم توفر الاستطاعة. وأما مايفعله بعض الناس ممن لايستطيع لعدم القدرة المادية من ذهاب إلي الأراضي المقدسة قبل موسم الحجوالبقاء هناك زمنا يتسولون أويثقلون بضيافتهم علي من يعملون هناك من المعارف والأقارب ويعرضونهم للمسئولية والتهديد في معيشتهم وبإمكانبة فقد عملهم وأكل عيشهم فهو مما لايقبله عاقل ولايقره الدين. بل قد نهي النبي صلي الله لعيه وسلم عن مثل هذه الأعمال وماشبهها فقد روي أن أناسا من أهل اليمن كانوا يحجون ولايتزودون يقولون نحن متوكلون فإذا جاءوا مكة سألوا الناس أي تسولوا الطعام فأنزل الله تعالي » وتزودوا فإن خير الزاد التقوي» أي فإن خير الزاد ما اتقي به المسافر من الهلكة أوالحاجة إلي السؤال والتكفف وقال عبد الله بن الزبير بعد أن تلا هذه الآية: كان الناس يتكل بعضهم علي بعض في الزاد، فأمروا أن يتزودوا ولو كان التوكل علي الله بهذا الشكل مما يفعله بعض أدعياء التوكل الآن لكان أولي الناس بفعله هوالنبي صلي الله عليه وسلم إلا أنه لم يفعله بل كان يحمل زاده علي راحلته أي أنه صلوات ربي وسلامه عليه ماحج إلا وهو مستطيع بالراحلة والزاد والصحة والنفس.