اسهاما في التيسير علي حجاج بيت الله الحرام أصدرت دار الإفتاء المصرية نسخة من دليلها الإرشادي »المجاني» لتوضيح المناسك وشروطها، وأركانها، ومستحباتها باستخدام الرسوم والأشكال التوضيحية، وذلك مع شرح فقهي مبسط وعصري علي ترتيب أركان الحج والعمرة، مما يعين الحجيج علي أداء الفريضة بشكل صحيح. أوضح الدكتور إبراهيم نجم- مستشار مفتي الجمهورية- إنه يتم توزيع الدليل الإرشادي للمناسك علي جميع ضيوف الرحمن قبل السفر ليكون دليلاً إرشاديًّا لهم خلال أدائهم مناسك الفريضة بالكيفية الشرعية الصحيحة البعيدة عن التشدد والتفريط، بالإضافة إلي توفير نسخة رقمية من الدليل الإرشادي علي موقع دار الإفتاء علي الإنترنت،(http://dar-alifta.org/books/hajjbook/files/publication.pdf)، وعلي الصفحة الرسمية لدار الإفتاء علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك ( ttps://www.facebook.com/EgyptDarAlIfta ) للتحميل بالمجان. وأكد أن الدار أصدرت هذا الدليل الفقهي الذي يضم جميع الفتاوي المهمة والمنتقاة المتعلقة بفقه وأحكام الحج والعمرة، والتي وردت للدار علي مدار العقود الماضية من الأحكام والشعائر، ومن القضايا والمسائل، ومن الحِكَم والمعاني والأسرار الروحية، ومن المعالم، وخطوط السير، للمسلمين بأسلوب عصري يتفق مع ما جدَّ من متطلبات عصرنا في أمور حياتنا المختلفة، مع بيان الإجابة عنها بأسلوب واضح ومختصر، يستطيع الحاج والمعتمر من خلاله فهم الإجابة فهمًا عميقًا يسهل عليه وعلي المسلمين جميعًا الرجوع إليها عند الحاجة. المباحات والمحظورات ويلخص الدليل كل ما يتعلق بالمباحات والمحظورات ومنها أن للمحرم أن يلبس النظارة وساعة اليد والخاتم المباح، وأن يشد علي وسطه الحزام ونحوه وللمرأة أن تلبس الحلي المعتادة والحرير والجوارب وما تشاء من ألوان دون تبرج، وإن كان الأولي البعد عن الألوان الملفتة والزينة، والاكتفاء ببيض الثياب وأنه لا بأس باستخدام الصابون، ولو كان له رائحة؛ لأنه ليس من الطيب المحظور موضحا أن الممنوع علي الرجال لبس المخيط المفصل علي البدن والثياب التي تحيط به وتستمسك بنفسها ولو لم تكن بها خياطة، كالجوارب والفانلات والكلسونات والشروز وأنه يجوز للحاج بعد الإحرام إصلاح الإزار والرداء، وجمع قطعها علي بعض للارتداء، وتشبيكها لستر العورة، ولا يعتبر مخيطا ولا محيطا،وأن الحيض أو النفاس لا يمنع من الإحرام، وللحائض والنفساء عند الإحرام أن تأتي بكل أعمال الحج: من الوقوف بعرفة، ورمي الجمرات، وما إليهما، لكنها لا تطوف؛ لأنها ممنوعة من الدخول في المسجد إلا في طواف الإفاضة إذا ضاق وقتها عن المكث في مكة إلي أن ينقطع دمها، فلها أن تغسل الموضع وتعصبه حتي لا يسقط الدم وتطوف وليس لها ذلك في طواف الوداع، إذ لو فاجأها الحيض فيه أو قبله تركته وسافرت مع فوجها، ولا شيء عليها. كما يبين أن كشف الكتف اليمني للرجال في الإحرام »الاضطباع» مندوب فقط للرجال عند بدء طوافٍ بعده سعي، ولو تركه المحرم في طوافه فلا شيء في تركه،وأن تحية البيت الحرام الطواف لمن أراده عند دخوله، ومن لم يرده فليصل ركعتين تحية المسجد قبل الجلوس، والأولي الطواف للمستطيع وأنه يكره للرجال المزاحمة علي استلام الحجر الأسود، ويحرم هذا علي النساء منعا من التصاقهن بالرجال وأنه إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف أو السعي فصَلِّ مع الإمام جماعة؛ لتحصيل ثوابها، ثم أكمل الطواف والسعي من حيث توقفت، ويجوز لمن يعجز عن موالاة الطواف أو السعي أن يستريح بين الأشواط بقدر ما يستعيد نشاطه وأن الوضوء شرط في طواف الركن للحج أو العمرة وليس شرطا في السعي، ولكن الأفضل أن يكون الساعي متوضئًا. ويوضح أن كل من لزمه هدي قران أو تمتع، إذا لم يجده أو لم يجد ثمنه، أو كان محتاجًا إلي ثمنه في ضرورات سفره، أو احتياجًا شرعيًّا لنفقته في حجه -وجب عليه بديله، وهو صوم ثلاثة أيام متتابعة في الحج بعد إحرامه له، لا يتجاوز بها يوم عرفة- والأولي ألا يصوم يوم عرفة، ثم سبعة أيام متتابعة بعد رجوعه إلي وطنه، وإذا فاته صوم الثلاثة في الحج أو عجز عنها هناك، صام العشرة جميعا بعد العودة إلي أهله وأن من ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام -غير الوطء وقتل الصيد- كتقليم الأظافر، أو التطيب، فالواجب فيه علي التخيير: صوم ثلاثة أيام في أي مكان شاء، أو التصدق بثلاثة آصع -7٫5 كجم تقريبا- علي ستة مساكين في أي مكان شاء، كما هو مذهب الحنفية والمالكية، أو ذبح شاة في الحرم عند الجمهور، أو في أي مكان شاء عند المالكية، وهو الذي نختاره للفتوي وأنه إذا دخلت المرأة مكة مُحْرِمَةً بالعمرة فقط ثم فاجأها المحيض وخشيت امتداده وفوات وقت الإحرام بالحج -يوم الثامن من ذي الحجة- أحرمت بالحج وصارت قارنة، وعليها دم القران وأنه لا حرج في المرور بين يدي المصلين في الحرم. وصلاة النفل جائزة فيه في كل وقت، بمعني أنها غير ممنوعة في الأوقات المكروهة. ذوي الاحتياجات الخاصة ومن بين الفتاوي المهمة التي تضمنها الدليل حكم الحج لذوي الاحتياجات الخاصة وأصحاب الإعاقات الذهنية والجسدية موضحا أن المسلمين من ذوي الإعاقات الجسدية فقط لهم حكم الأصحاء شرعا: مِن وجوب الحج علي المستطيع منهم: إما بنفسه أو بغيره؛ لقوله تعالي : » وَللَّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» أو كذلك الحال مع ذوي الإعاقات الذهنية التي لم تُخرجهم إعاقتُهم عن حَدِّ التكليف الشرعي؛ بأنت كان سنه العقلية -لا العمرية- هي سن البالغين المدركين لما حولهم؛ بأن يكون خمسة عشر عاما فما فوق، أو أقل من خمسة عشر عاما ولكنه يكون- برأي المختصين- مدركا للأمور الحسِّيَّة المتعلقة بالجنس الآخر، -كما يشعر بها مَن احتلم من الذكور أو احتلمت أو حاضت من الإناث- سواء أَجَمَعُوا بين الإعاقة الجسدية وهذا النوع من الإعاقة الذهنية، أم اقتصر الأمر علي إعاقتهم الذهنية فقط. والحج يقع صحيحا منهم مُسقِطًا للفريضة سواء أحجوا بمالهم أو بمال غيرهم وأما مَن كان من المسلمين إعاقتُه الذهنية تُخرجه عن حدِّ التكليف السابقِ تحديدُه، فإن الحج -ومثله العمرة- تصح منهم إذا تم نقلهم إلي الأماكن المقدسة وقاموا بأداء الحج أو العمرة بأركانهما وشروطهما عن طريق مساعدة الغير لهم. ومعني ذلك: أنه يوضع ذلك في ميزان حسناتهم، وإن كان ذلك لا يُغنِي عن حج الفريضة أو عمرة الفريضة -عند مَن يقول بوجوب العمرة، كالشافعية-، بمعني أن المعاق ذهنيًّا إعاقةً تُخرِجه عن التكليف إذا عُوفِي من مرضه وإعاقته وصار مكلفا وجبت عليه حجةُ الفريضة وعمرة الفريضة، عند مَن يقول بفرضيتها. ويجيب عن سؤال حول جواز المكوث بمزدلفة قدر حطِّ الرحال، وصلاة المغرب والعشاء جمع تأخير، والاكتفاء بالمرور بها، طبقًا لفقه الإمام مالك؟ مؤكدا أن المعتمد في الفتوي- في هذه الأزمان التي كثرت فيها أعداد الحجيج كثرةً هائلةً- هو الأخذ بسنية المبيت في مزدلفة، وهو قول الإمام الشافعي في »الأم» و»الإملاء»، وقول للإمام أحمد، بينما يكتفي المالكية بإيجاب المكث فيها بقدر ما يحط الحاجُّ رحله ويجمع المغرب والعشاء، وحتي علي رأي الجمهور- القائلين بوجوب المبيت- فإنهم يسقطونه عند وجود العذر، ومن الأعذار: حفظ النفس من الخطر أو توقعه، فيكون الزحام الشديد الذي عليه الحجُّ في زماننا مرخصًا شرعيًّا في ترك المبيت عند الموجبين له. وعن جواز رمي الجمرات بعد منتصف الليل، وكيفية احتساب منتصف الليل يوضح الدليل أن رمي جمرة العقبة الكبري يوم النحر فإن كثيرًا من العلماء -كالشافعية والحنابلة وغيرهم- أجازوا رميها بعد نصف ليلة النحر للقادر والعاجز علي السواء؛ استدلالا بحديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: »أرسل النبي »صلي الله عليه وسلم» بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت» رواه أبو داود. »وإسناده علي شرط مسلم». اه. وأما رمي الجمرات في أيام التشريق: فالمعتمد في الفتوي: أنه يجوز للحاج أن يرمي قبل الزوال في سائر أيام التشريق، وهو مذهب جماعات من العلماء سلفًا وخلفًا.وقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها: ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما -واللفظ للبخاري- من حديث ابن عباس قال: »كان النبي »صلي الله عليه وسلم» يُسأل يوم النحر بمني فيقول: لا حَرَجَ، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح، فقال: اذْبَحْ ولا حَرَجَ، وقال آخر: رميت بعدما أمسيت، فقال: لا حَرَجَ، وأنه »صلي الله عليه وسلم» ما سُئِل في ذلك اليوم عن شيء قُدِّم أو أُخر إلا قال: افْعَلْ وَلا حَرَجَ». وهذا يقتضي رفع الحرج في وقت الرمي. وبناء علي ذلك: فإنه يجوز رميُ الجمرات أيام التشريق بدءًا من نصف الليل، والنفر بعده لِمَن أراد النفر في الليلة الثانية أو الثالثة منها، ولَمَّا كان الليل يبدأ من غروب الشمس وينتهي بطلوع الفجر الصادق، فإن نصفه يُحسَب بقسمة ما بين هذين الوقتين علي اثنين وإضافة الناتج لبداية المغرب. ويؤكد الدليل أن النيابة في رمي الجمار للضعفاء والمرضي والنساء جائزة، ودليل ذلك أنه تجوز الاستنابة في الحج، فالاستنابة في الرمي جائزة من باب أولي؛ لأن الحج رمي وزيادة، وهي رخصة لأهل الأعذار. حج المعتدة وعن صحة حج المعتدة التي توفي زوجها أثناء استعدادها للسفر لأداء فريضة الحج فأشار الدليل إلي أن حج السائلة في هذه الحالة صحيحٌ ويجزئها عن حجة الإسلام؛ سواء قلنا بجواز خروج المعتدة لأداء الفريضة أو بعدم جوازه. كما أكد أن الحج عن الغير من مال مُتبرع به جائز حيث سألت امرأة: لي ابن يعمل بالسعودية وأرسل إليَّ دعوة للحج علي نفقته، فهل يصح أن أجعل هذه الحجة لوالدتي مع أنها ليست من مالي؟ فكان الجواب أن الحج عن الغير يكون من مال الحاجِّ، ويكون من مال الذي يُحَجُّ عنه، ويكون من مال غيرهما؛ أي بمال أجنبي عنهما، وبقدر تعب المكلَّف ونَصَبه ونفقته بقدر ما يحصل علي الثواب تفضلًا من الله تعالي؛ فقد قال النبي صلي الله تعالي عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله تعالي عنها فيما يخصُّ أجر عمرتها: »علي قَدرِ نَصَبِكِ» أو قال: »نَفَقَتِكِ» رواه الشيخان. وعلي ذلك: فلا مانع مِن حجكِ عن والدتكِ في هذه المرَّة التي تذهبين فيها بدعوة ابنكِ، بشرط أن تكوني قد حججتِ عن نفسكِ في عام سابق، ويكون الثوابُ لكِ ولوالدتكِ ولابنكِ؛ تفضلًا من الله تعالي وتكرمًا. وأكد أنه يجوز شرعًا الحجُّ عن الميت؛ لأن الحج عبادةٌ تقبل الإنابة.