أحداث ومعارك متلاحقة تشهدها مدينة حلب جعلت كل الأطراف المتحاربة تجمع علي انها فيما يبدو هي المعركة الحاسمة في الصراع السوري المستمر منذ 5 أعوام حسبما ذكرت صحيفة »واشنطن بوست» الأمريكية التي رأت أن معارك حلب هي اختبار لقدرة التعاون الأمريكي الروسي علي إنهاء الصراع. اذ يسيطر الجيش السوري علي الجانب الغربي للمدينة وفصائل المعارضة المعتدلة المدعومة من الولاياتالمتحدة علي الجانب الشرقي وذلك منذ عام 2012 وبسبب الغارات وقصف المدفعية الروسية والسورية فقدت فصائل المعارضة سيطرتها علي الطريق المؤدي إلي تركيا الذي يعد السبيل الوحيد للحصول علي المساعدات الإنسانية أو الفرار بالنسبة لربع مليون مدني محاصرين داخل حلب بحسب تقديرات الأممالمتحدة التي قالت إنهم حاليا بلا طعام أو مياه أو لوازم طبية. وفي ظل هذا الوضع الصعب جرت مفاوضات عاجلة بين روسيا وامريكا لإعادة فتح هذا الطريق، فحلت محل المحادثات التي بدأت بين البلدين هذا الصيف لتنسيق جهود مكافحة الإرهاب. وذكر فيتالي تشوركين السفير الروسي لدي الأممالمتحدة في وقت سابق ان بعض المشكلات لا تزال قائمة حيث تصر روسيا علي عدم السماح بمرور إمدادات لفصائل المعارضة. كما اتهم تشوركين الذين يدعمون المعارضة بتعزيز »هيستريا كاذبة» حول الوضع الإنساني في سوريا. وفي هذه الأثناء دفع القصف العنيف للقوات السورية والروسية في ضواحي جنوب غرب حلب، فصائل إسلامية للتحرك نحو أجزاء تسيطر عليها فصائل المعارضة المعتدلة التي تواجه الآن خطر الطرد من قبل الفصائل الإسلامية التي تعرف باسم »جبهة فتح الشام» والتي بدأت في إنشاء مجالس قضائية داخل حلب بحسب حسن حسن الخبير في الشئون السورية بمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط. وكانت جبهة النصرة قد غيرت اسمها إلي جبهة فتح الشام وقالت إنها انفصلت عن تنظيم القاعدة في خطوة وصفها مسئولون غربيون بأنها تهدف لتجميل صورة الجبهة وإخفاء دوافعها. ومع صعوبة الفصل بين المدنيين وفصائل المعارضة المعتدلة وفصائل المعارضة الإسلامية داخل حلب خفتت آمال الإدارة الأمريكية في الانضمام لروسيا في قصف المتطرفين وهو ما أدي لانهيار اتفاق وقف إطلاق النار في انحاء سوريا والذي تم الاتفاق عليه في فبراير الماضي بعد شهر من المحادثات الصعبة بين واشنطن وموسكو حيث تعهد الجانبان بالضغط علي حلفائهم في سوريا. وكان الاتفاق يستثني الغارات التي تستهدف جبهة النصرة وتنظيم داعش لكن مع خسارة سوريا لبعض الأراضي بدأت روسيا القصف مرة أخري واتهمت أمريكاروسيا والأسد باستخدام جبهة النصرة كستار لقصف فصائل المعارضة المعتدلة وردت روسيا بأنه من الصعب تمييز الفصائل عن بعضها. والشهر الماضي قدم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اقتراحا إلي روسيا لتبادل المعلومات الاستخباراتية وتحديد المواقع المحتملة لفصائل المعارضة وتنسيق استهداف الإرهابيين وهي الخطة التي حظيت بتأييد البيت الأبيض في مواجهة رفض قوي من البنتاجون. لكن الأحداث علي الأرض تجاوزت هذه الخطة وكانت البداية من الهجمات الروسية السورية علي شمال غرب حلب وتطويق القوات السورية لطريق كاستيلو الذي يعد الطريق الوحيد لنقل الإمدادات لشرق المدينة. بعد ذلك أجبرت فصائل إسلامية بقيادة جبهة فتح الشام القوات السورية علي الخروج من جنوب غرب المدينة وتريد هذه الفصائل توسيع هجومها علي المناطق التي تسيطر عليها القوات السورية والقوات الموالية لها من فصائل شيعية عراقية ومقاتلي حزب الله اللبناني وهو ما تسبب في ارتفاع أسعار السلع الغذائية في هذه المناطق التي كانت محمية إلي حد كبير من القتال. وانتقد عبدالسلام عبدالرزاق المتحدث باسم حركة نور الدين زنكي الإسلامية التي تعمل تحت مظلة الجيش السوري الحر نقص الدعم الأمريكي لقوات المعارضة في حلب علي الرغم من الدعوات داخل الإدارة الأمريكية ومن الحكومات المتحالفة معها لتكثيف المساعدات للمعارضة. وترفض فصائل المعارضة ما يتردد عن أن المتطرفين سيسيطرون علي المناطق التي تخسرها الحكومة في حلب رغم اعترافها بأن جبهة فتح الشام هي من تقود الهجوم ضد القوات السورية. وقال جيف وايت من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني إن تقدم المتمردين في حلب يشير لضعف القوات البرية السورية وأضاف أن المشكلة الأساسية بالنسبة للقوات السورية هي قدرتها علي الاحتفاظ بالأراضي التي تسيطر عليها.