الواقع يؤكد أن هذه الجامعات الخاصة هي التي تقوم بتحديد مصروفاتها الدراسية التي دائما ما تكون مرتفعة وفوق طاقات البعض من أولياء الأمور، فمثلا نلاحظ في بعض الكليات مصاريف الترم الواحد تصل إلي ما بين 30 الي 35 ألف جنيه في السنة وتصل مصاريف كلية الطب في بعض الجامعات إلي 70 ألف جنيه سنويا والصيدلة إلي 60 ألف جنيه والهندسة إلي 50 الف جنيه في السنة، وبحسب بعض الخبراء توجد بعض الجامعات تخفي مصروفاتها الحقيقية أو المحددة طبقا للإيصالات الرسمية في غياب المجلس الأعلي للجامعات. ووفقا للقانون رقم 151 لسنة 1992 الخاص بإنشاء الجامعات الخاصة في مصر حيث يوجد ثلاثة أنواع للتعليم الخاص، النوع الأول جامعات مصرية أو مشتركة أو أجنبية دولية، كالجامعة الأمريكية والفرنسية والألمانية بالقاهرة، وهذا النوع من التعليم بمصروفات مرتفعة ويوجد في العديد من دول العالم وتحكمه شروط ولوائح وضوابط لمن يرغب في الالتحاق بها من الطلاب، ناهيك عن وجود رقابة سواء كانت رقابة مالية أو رقابة علي المناهج، وتتخذ الإجراءات الحازمة والحاسمة حيال المخالفات، أما فيما يخص النوع الأول من الجامعات الخاصة والخاص بإنشاء جامعات مصرية كجامعة 6 أكتوبر وجامعة مصر الدولية وجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا وغيرها من الجامعات، هذا النوع لا توجد عليه أي رقابة خاصة فيما يتعلق بالمصروفات الدراسية. اللافت للنظر وجود زيادة في نسبة الإقبال علي الجامعات الخاصة خلال الفترة الأخيرة رغم ارتفاع مصروفاتها، فمنذ ظهور نتيجة الثانوية العامة يتصارع الطلاب للحجز والتسجيل في هذه الجامعات حتي قبل معرفة نتيجة التنسيق في الجامعات الحكومية، لكن إذا كانت هذه الجامعات تتبع المجلس الأعلي للجامعات، فأين دوره في الرقابة عليها فيما يتعلق بالمصروفات وقبول الطلاب؟ يقول الدكتور محمود فهمي الأمين العام للمجلس الأعلي للجامعات الخاصة سابقا إنه بنص القانون تقوم الجامعات الخاصة بتحديد مصروفاتها ولاتوجد أي رقابة للمجلس الأعلي في هذا الشأن ولا حتي وزارة التعليم العالي في تحديد المصروفات وأن الدور الذي يقوم به المجلس ينحصر في تحديد مجموع قبول الطلاب بالكليات وفي تحديد أعداد الملتحقين، ولذلك فالمجلس لا يملك أي دور رقابي خاص بالمصروفات التي تكون مرتفعة في بعض الجامعات. وطالب د. فهمي بتعديل القانون حتي يسمح للمجلس الأعلي بالمشاركة في تحديد مصروفات الجامعات الخاصة وفق ما تقوم به كل جامعة من تقديمها خدمة تعليمية متميِّزة للطلاب، لافتا إلي وجود جامعات تفرض مصروفات علي الطلاب الملتحقين بكلياتها لا يقابلها خدمة تعليمية متميِّزة ومتوازنة في نفس الوقت مع المصروفات. وتابع: هناك مستشارون لوزير التعليم العالي يقدمون له تقارير خاصة برصد قصور أو مخالفات بكل جامعة خاصة، ومن بين هذه المخالفات التي تم ضبطها قبول إحدي الجامعات طلابا بكلياتها بمجموع أقل من المجموع الذي حدده المجلس الأعلي للجامعات، وقد تم توقيع عقوبة عليها وإلزامها بالمجموع، وهذا يكون في مصلحة تخريج طالب جيد علميا خاصة أن هناك نقابات كالمهندسين والأطباء والصيادلة هددت بالامتناع عن قبول خريجي كليات الطب والهندسة والصيدلة بالجامعات الخاصة والالتحاق بها لمن يقل مجموعه عن زميله خريجي الجامعات الحكومية عن 5%. ويشير الدكتور محمود فهمي إلي وجود بعض الجامعات تضرب بقرارات المجلس الأعلي عرض الحائط ولا تلتزم بها، وقد ضُبِطت إحدي الجامعات بقبولها طلابا راسبين في الثانوية العامة وأنها قبلتهم بحجة ادعائهم بأنهم حصلوا عليها من بعض الدول الأجنبية إضافة إلي قبول بعض الجامعات طلابا دون النظر إلي مجموعهم الذي حدده المجلس الأعلي، ومن هنا قام المجلس بتوقيع عقوبات علي الجامعات التي خالفت قراراته ومنها عدم قبول طلاب غير حاصلين علي الثانوية العامة والقيام بخصم في أعداد المقبولين من دون المجموع المحدد من حصة الجامعة من عدد الطلاب المقبولين لأربع سنوات، مقبلة مشيرا إلي الشيء المثير للاستغراب وهو قيام بعض الجامعات بتحصيل جزء من مصروفاتها بالعملة الصعبة مما يؤدي إلي نقص وعجز في العملة الصعبة وإنهاك للاقتصاد القومي. في حين يؤكد الدكتور تامر أكمل الأستاذ بكلية الهندسة بإحدي الجامعات الخاصة أن ارتفاع المصروفات في الجامعات الخاصة سببه الإقبال الكبير من الطلاب للالتحاق بكلياتها المختلفة، حيث توجد بعض الجامعات تقوم بعمل دعاية لها من خلال وسائل الإعلام المختلفه لجذب الطلاب للالتحاق بها وبالتالي الطلاب يعتقدون عادة بأن هذه الجامعات الأفضل، لافتاً إلي وجود بعض الجامعات تقوم بالإعلان عن مصروفاتها مع بداية العام الدراسي الجديد داخل كلياتها المختلفة، وعادة تكون هذه المصروفات مرتفعة خاصة إذا أعلنت بعض الكليات عن اتفاقيات تبادل علمي وثقافي مع جامعات أجنبية بالدول المتقدمة في بعض التخصصات العلمية المختلفة مما يتيح الفرصة للطالب للحصول علي شهادتين، ومن هنا تجذب أكبر عدد من الطلاب وعادة تكون المصروفات التي تعلنها الجامعة بالعملة المحلية والمصروفات الإضافية الأخري بالعملة الصعبة سواء بالدولار أو الإسترليني. يضيف: الطالب خريج الجامعة الخاصة معترف بشهادتة الجامعية في الدول العربية وأيضا بعض الدول الأوروبية، مشيرا إلي أن مستوي طالب الثانوية العامة تراجع في السنوات الأخيرة مما يحتاج إلي جهد كبير لتأهيله للجامعة، موضحا أنه برغم المصاريف المرتفعة فقد أصبحت الجامعات الخاصة ضرورة للأعداد الكبيرة من الطلاب خاصة شريحة الطلاب الراغبين في الالتحاق بكليات القمة بها والحاصلين علي درجات أقل في الشهادة الثانوية لا تؤهلهم للالتحاق بهذه النوعية من الكليات. يوضح د. تامر: توجد بعض الجامعات الخاصة تحصل علي المصروفات من الطلاب مقابل منحهم الشهادة فقط، وهذه المصروفات دائما ما تكون مرتفعة دون أي مبرر حيث تزيد عن المعدل المعتاد الذي يبلغ نحو في المائة سنويا ويحصل الطالب من هذه الجامعات علي شهادة مثل غيره من الطلاب في الجامعات العامة وينضم لصفوف العاطلين ينتظر فرصة عمل. أما الدكتور جودة غانم مدير المركز التكنولوجي بجامعة حلوان فيري أن مجلس الأمناء في كل جامعة خاصة هو الذي يقرر ويحدد المصروفات الدراسية للطلاب ويقوم بزيادتها دون الرجوع لأي جهة رقابية أو تعليمية، ومن هنا لا توجد أي معايير وضوابط في مصروفات الجامعات والمعاهد العليا الخاصة، لافتا إلي أن المجلس الأعلي للجامعات الخاصة لا علاقة له فيما يخص تحديد المصروفات المقررة علي الطلاب الملتحقين ودوره يقتصر فقط علي تلقي بيانات المصاريف بالإضافة إلي وضع المعايير لإقامة جامعات خاصة جديدة. يضيف أن بداية إنشاء الجامعات الخاصة كان بإنشاء أربع جامعات وبعد مرور نحو21عاما وصل عدد الجامعات الخاصة إلي 21 جامعة، وبالرغم من المصروفات المرتفعة أحيانا إلا أن الخدمة التعليمية المقدمة للطلاب ضعيفة وهناك اتهامات توجه لهذه الجامعات بضعف مستوي خريجيها لكن القائمين عليها يرون أنها تقدم تعليما متميِّزا وأنها قامت بدور كبير في استيعاب الطلاب المهددين بضياع مستقبلهم بسبب عدم قبولهم بالجامعات الحكومية، فضلا عن وجود تخصصات علمية مختلفة غير موجودة في الجامعات الحكومية وإنشاء هذه الجامعات جاء للتخفيف عن معاناة الدولة في توفير خدمة تعليمية.. ويوضح أن تقييم الجامعات الخاصة متروك للطلاب فهم مسئولون عن الفائدة التي تعود عليهم من الالتحاق بالدراسة بكلياتها المختلفة ومدي ارتباطها باحتياجات سوق العمل في التخصصات المختلفة ومدي التزام الكليات بتطبيق المعايير، مشيرا إلي أن ما نلاحظة حاليا تحول العديد من هذه الجامعات إلي بيزنس وتجارة لذلك يجب أن يقوم المجلس الأعلي للجامعات الخاصة بدوره تجاه هذه الجامعات فيما يتعلق بتحديد المصروفات والزيادة وتحديد هامش ربح وأن تكون المصروفات مرتبطة بمستوي الخدمة التعليمية عن طريق قيام المجلس بتقييم الجامعات والوقوف علي مستوي الخدمة التعليمية المقدمة للطلاب وعلي مستوي أدائهم وأن ما تقوم به بعض الجامعات من زيادة في المصروفات دون سبب يحتاج إلي رقابة.