مازال هناك أمل صغير لكنه موجود تماماً كالفتاة الصغيرة التي تنهي مسرحية "الزومبي والخطايا العشر" بعبارة بسيطة أن" اثنين+ اثنين يساوي أربعة " . أنهت المسرحية عروضها مؤخراً علي مسرح الهناجر بتوقيع المخرج المبدع طارق الدويري . جميع الأبطال من كائنات الزومبي الأسطورية أموات مسلوبي الروح والإرادة وقفوا في طابور غسل الأدمغة وكلهم دخلوا الغرفة 101 .. بعضهم يفكر ويتوقف قليلاً .. وربما تجرأ ليسأل هل المختلفون عنا أعداء للحياة والوطن وخطر على الأمن ؟ ولكنه تحت التكرار والإلحاح يستسلم ويجد نفسه يردد المطلوب منه دون فهم .. حتى لو كان ضد الحقيقة.. فهناك ما هو أقوى من المنطق والعقل !! كم إصبع ترى؟ سؤال يتكرر بينما تظهرعلى الشاشة أربعة أصابع .. لكن صاحب السؤال يراها خمسة ويريد للجميع أن يرونها كذلك ويقول بكل ثقة : ما تسمعه هو الحقيقة لا تجهد ذهنك لا وقت لديك .. و بعد التكرار والإلحاح يراها الجميع خمسة كما يراها صاحب الصوت الآمر والمغوي.. وعلى فترات يظهر في نهاية خشبة المسرح سيزيف المسكين يتعذب لكنه يحاول ولا ييأس من الوصول صوت آخر يعلو محذراً يقول لهم : أنتم مستغفلون فقد سلبوا منكم المعنى والقيمة سلبوا الحياة أصبحتم كائنات طيعة غبية لا تخدم إلا مصالحهم .. كونوا بشرا قوة قاهرة تدخل الناس في مراحل متتابعة تبدأ بالتعلم والتكرار ثم الدمج .. ويقول أحدهم : 451 فهرنهايت هي درجة الحرارة التي تتأجج فيها النار داخل نفوس المواطنين الصالحين يستطيع فيها الانسان أن يأكل لحم أخيه حيا اذا اكتشف أنهم من هؤلاء .. صوت آمر ومسيطر يقول : هنا فى عالمنا لا مكان للمختلفين أوالمرضى . كان واضحاً الجهد الذي بذله مصممو الأداء الحركي وأبطال العرض لتتجاور الكلمة مع المعني تأكيداً وتناغماً .. ربما كان هناك بعض العيوب في النطق وصعوبة في أداء الفصحى وضعف في بعض الأصوات لكن هذا لا ينفي جهد كل الممثلين الذين آمنوا بالتجربة كما كان اختيار موسيقى حية وحجم الجهد الذي بذله كاتبي العرض طارق الدويري ونشوى محرم لهضم روايتي 1984 و451 فهرنهيت وكتابات لوديع سعادة ليخرج نصاً جديداً صادماً بالصورة والكلمة والحركة . شكرا لمركز الهناجر وشكراً لطارق الدويري فبقدر ما أوجعتنا عن حال أمة الزومبي أبقيت الأمل .. شكرا لقدرتك على الإبداع في ظروف صعبة .