لن يكون 20 مارس المقبل يوماً عادياً ،بالنسبة للصحافة البريطانية فهو يوم صدور العدد الورقي الأخير من إندبندنت أون صنداي وبعدها بستة أيام يتوقف صدور صحيفة الإندبندنت نفسها ، فالشركة المالكة أعلنت نيتها الانتقال إلي صحافة الانترنت بعد أن تجمدت مبيعاتها عند 56 ألف نسخة . بلغة العراقة " الإندبندنت " ليست عريقة فعمرها لا يزيد عن 30 عاماً لكن بلغة الصحافة الأمر مهم ولا يمر هكذا ،الخواجة ستيفن جلوفر أحد مؤسسي الجريدة البريطانية توقع أن تلحق جريدتي فاينانشال تايمز والجارديان بالإندبندنت قريباً ، وزاد من الشعر بيتاً بأنه لن يكون هناك إلا القليل جدا من الصحف المطبوعة بعد 15 عاما . أما الخواجة بريان كاثكارت، أستاذ الصحافة الانجليزي فقال إن الأمر لن يقتصر على صحف تراجع توزيعها، لكنه مصير محتوم لكل الصحف الورقية حتى صحف ذا صن وديلي ميل الأكثر مبيعاً في بلاده . هنا لابد أن تتوقف بعد أن تسمع أن" ذا صن" ذات المليون و800 ألف نسخة مهددة بأن تتحول لصحيفة إليكترونية وبتوقف مطابعها الجبارة !! فأنت هنا في مصر تواجه تحدياً أكبر، فأرزاق آلاف الصحفيين والفنيين وعمال المطابع والإداريين مهددة في بلد فقير فما العمل وقد بدأت صحف ورقية تتوقف فعلاً ،أو تتعثر في الصدور أو تتأخر عن سداد رواتب العاملين فيها لشهور طويلة ؟ التحدي كما يهدد وجودك غالباً يحمل فرصة صعودك ، فهل يخلف الله ظن المتشائمين ؟ أنا شخصياً أرى أن الوقت قد فات لبذل محاولات إطالة عمر الصحف الورقية في مصر.. وإن كنت أرى أن ذلك لم يكن مستحيلاً في وقت ما .. لكن ماذا تنتظر من صحف مصرة على أن تبرز حدثاً في الصباح عرفه الناس ظهر اليوم الذي قبله ؟! وما الذي تتوقعه من مستهلك تقدم له كل يوم خبزاً بات ليوم كامل ! عموماً لم يعد أمامنا رفاهية اللوم فقد "سبق السيف العذل" كما يقول العرب ، ولم يعد أمامنا إلا محاولة تخفيف آثار "تسونامي" الصحف الورقية ، المسئولون عن هذه الصحف تستغرقهم تفاصيل الإدارة ،ومهمة البحث عن تدبير التزامات مؤسساتهم ، وهي مهمة لمن يعرف في غاية الصعوبة ، فهل عند المجلس الأعلى للصحافة ومجلس نقابة الصحفيين الوقت لبحث هذا الأمر ؟! .