الشهيد خالد الذى لقى مصرعه غياب الأمن.. الإهمال.. فساد بعض من وسائل الاعلام.. ثالوث قتل وأصاب 17شخصاً بمدينة ديروط الواقعة أقصي جنوب محافظة أسيوط.. الضحايا الذين سقطوا في أول أيام العيد لم يعرف أي منهم السبب ولما حدث ذلك، سوي أنهم قبل الحادث بلحظات فوجئوا بمجموعة مسلحة تطلق الرصاص في مدينة ديروط بشكل عشوائي ليتساقطوا واحدا تلو الآخر.. المعلومة التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة معتمدة علي مصادرها في الداخلية بسرعة شديدة كانت متضاربة مع بعضها، فالبعض قال أنه حادث علي أثر خلافات سابقة، وآخرون قالوا أنه ناتج عن تحرش أصحاب مطعم بخطيبة أحد الزبائن.. وثالث أن وجبة فراخ هي السبب، مع أنه مطعم كشري"، وكان علي مايبدوا أن الأمن لايريد التضخيم من هذه الواقعة، بل والتعتيم عليها.. في بداية رحلتنا إلي ديروط كان علينا أن ننسي كل هذه المعلومات المدونة لدي الجهات الرسمية لكي نعرف حقيقة ما حدث من الأهالي أنفسهم.. كان في انتظارنا هناك ثلاثة من شباب ديروط هم أحمد مخيمر محاسب حر، محمد زين محامي، مصطفي المصري مدرس، وقد صاحبونا الرحلة في موقع الأحداث وشرحولنا كيف تمت العملية . لفت انتباهنا أن الشوارع كلها التي شهدت الأحداث حيوية للغاية، بها محكمة واستراحة ضباط الشرطة، والنيابة، والمطافئ، الإسعاف، ولكن ما لفت انتباهنا أكثر أننا لم نشاهد رجل أمن واحد في المدينة، علي عكس كل التوقعات، وأكدوا لنا أنه ليس من قبيل الصدفة بل منذ يوم25يناير لم يشاهدوا فرد شرطة واحد. القصة الوهمية! في البداية تحدث محمد زين فأشار أن القصة التي يتداولها البعض في ديروط هي أن وراء الحادث مشكلة مع أحد أبناء قرية "جلانش" الذي كان يأكل في المطعم مع خطيبته وقام أحد العاملين بالمطعم بمعاكستها، ونشبت مشاجرة وقاموا بالتعدي عليه وعلي أثرها استدعي أقاربه للإنتقام، وقاموا بإحراق المطعم وإطلاق النار علي الجميع، وهنا قاطعنا محمد وسألناه: لماذا بدأ ضرب النار علي بعد أكثر من 500متر وفي شوارع ومناطق سعد زغلول والجيش وكوبري القرشية والبانزيون والمطافئ والمحكمة والنيابة واستراحة ضباط الشرطة، ونادي ديروط الرياضي، وهو ما يؤكد أن المطعم ليس المستهدف وإنما أحد الضحايا و أن هناك سبباً آخر، وطلبنا منهم سرد أهم الأحداث التي شهدتها المنطقة قبل الحادث.. فاقد الوعي! وعلي الفور أجاب مصطفي المصري قائلاً: قبل الحادث بيوم شاهدت شخصاً ملقي علي الأرض فاقد الوعي وحوله بعض الأشخاص يحاولون إفاقته بنفس المنطقة التي شهدت الهجوم، وعندما سألت قالوا لي أن بعض البلطجية سرقوه وعندما كشفهم اعتدوا عليه بالضرب بالأيدي وبالأسلحة البيضاء وأحدثوا ما به من اصابات، وكان هذا أهم المشاهد قبل الواقعة.. قالوا عن خالد! والتقط طرف الحديث أحمد مخيمر قائلاً: أكبر ضحايا الهجوم، وهو خالد عبد العزيز رجل مسالم للغاية، يسعي لقوت يومه، يعمل بمطعمه، ويعرف الجميع عنه وعن عائلته أنهم لايرغبون أبداً في المشاكل، وعلاقتهم بالناس كلها طبية جداً، كما أعرف عنهم التدين، فلا أعتقد أبداً أن سيناريو معاكسة فتاة صحيح، وبالنسبة لاستهداف المطعم، فتم إطلاق الرصاص عليه مثله مثل باقي المطاعم والمحلات والمارة، ولكن ما ولد الإنفجار هو دراجة نارية كانت واقفة أمامه، وعندما أطلقوا النيران أصابت أنبوبة البوتاجاز فأخرجت نيرانها علي الدراجة التي اشتعلت هي الأخري وانفجرت بداخل المحل في الوقت الذي كان خالد يحاول حماية الأطفال بداخل المطعم للبعد عن إطلاق النيران الكثيف فأصابتهم نيران الإنفجار التي التهمت المحل. الإعلام شارك في الجريمة وأثناء الحديث، كنا قد وصلنا إلي مطعم "الزعيم" الذي شهد الإنفجار، وما إن وقفنا أمامه حتي جاءنا شابا في العقد الثالث من عمره، عرفنا أنه شقيق القتيل خالد، وخال الطفل أحمد، وما إن عَرفناه بأنفسنا حتي تغيرت معالم وجهه، وقال بكل صعوبة "الصحافة اللي كتبت تحرش"، حاولنا أن نشرح له اننا هنا من أجل كشف الحقيقة، إلا أن الصدمة التي تلقوها من الإعلام يبدوا أنها كانت كبيرة، فاعتذر عن التحدث، وطلب لنا شقيقه الأكبر ضاحي عبد العزيز محمد "صاحب مطعم"، الذي رحب بنا وشرح لنا سبب حزن شقيقه من الإعلام قائلاً : الإعلام شارك في الجريمة، وله يد في طمس الحقيقة.. كان من المفترض علي الإعلام أن يواسينا ويقف بجوارنا في مثل هذه الظروف الصعبة، لكن للأسف فوجئنا بأنه هو الآخر ينهش في عرض الشهداء، فمنهم من قال أنه تحرش، وآخر قال أنه بسبب وجبة فراخ، لا أدري لصالح من هذا التعتيم، لكن من المؤكد أن الأمن أراد التهوين من الحادث فقال أنها خلافات شخصية حتي لايعلم أحد الحقيقة وأنه هجوم ارهابي منظم استهدف المدينة والآمنين والمارة في الشوارع واصحاب المحال، حتي من كانوا يجلسون علي شاطئ ترعة الإبراهيمية كلهم أطلق عليهم النار في أول أيام العيد، فعاقل لايقول أنها خلافات شخصية.. اللحظات الأخيرة! ويضيف "ضاحي": قبل الحادث بدقائق كنت مع شقيقي والعاملين بالمطعم، وكانت الساعة تشير للعاشرة مساءً، أول أيام العيد، وكانت الفرحة تملأ المكان، الجميع يأتون للتهنئة بالعيد، وقام الشهيد بتوزيع العيديات علي العاملين بالمحل وأبناء شقيقتنا، أحمد وعبد الرحمن اللذان كانا يقضيان العيد معنا، وطلب من العاملين تجهيز المحل للإغلاق حتي يعودوا لمنازلهم لقضاء العيد، وعندها تركتهم وذهبت للمنزل، وبعد دقائق فوجئت بإطلاق نار كثيف، وهذا كان طبيعي فكل أهالي ديروط اعتادوا علي سماع صوت إطلاق النيران بشكل مستمر في ظل غياب الأمن، ولكن كان الغريب هو سماع صوت انفجار، وعندها نزلت مسرعاً وفوجئت بطفل صغير وقد اكلت النيران ملابسه وجسده كله مصاب ، وملامحه غير واضحة، كان قادماً نحوي، وقال لي "أنا أحمد يا خالي"، سألته ما الذي حدث لك، قال لي "الدنيا مولعة نار هناك"، وأسرعت لأطمئن علي شقيقي وابن شقيقتي الثاني عبد الرحمن وفوجئت بأشخاص يطلقون النيران في الشارع وأطلقوا نحوي وأنا قادم وعندما تجمهر الأهالي نحو الإنفجار عادوا مرة أخري وفروا واستقلوا سياراتهم وفروا هاربين في سيارتين ربع نقل مكشوفتين بعد أن قاموا بإطلاق نار نحو الجميع حتي لاتتاح لنا الفرصة للرد. ويؤكد: ذهبت إلي المطعم وفوجئت به والنيران التهمته بالكامل وشقيقي وابنة شقيقي قد أصابت النيران أغلب جسدهم، وكان هناك الكثير من المصابين في الشارع. ويشير: عندما توجه الأهالي لطلب سيارات الإسعاف التي تبعد عنا أمتاراً قليلة قالوا لهم السيارت لاتعمل، وعندما تجمهر حولهم الأهالي، أخرجوا سيارتان، وأخذتا خالد وأحمد وهم كانوا أكثر الحالات خطراً، وتعطلت احدي السيارات بالقوصية، وظلت حتي جائت أخري. المستشفي ترفض! ثم توجهنا إلي مستشفي أسيوط الجامعي التي رفضت استقبال أي حالة مؤكدة أنها تعمل ثلاثة أيام ومستشفي أسيوط العام باقي الإسبوع، وطلبت منهم حتي عمل الاسعافات الأولية لخطورة الحالات، فرفضوا تماماً. وتوجهنا إلي مستشفي أسيوط العام، ولم نجد أخصائي الحروق الذي كان في أجازة ولايوجد بديل عنه، وكل ما فعلوه مع الحالات هو وضع محاليل لهم، وظلوا حتي اليوم التالي إلي أن جاء رئيس القسم بعد ان تدهورت الحالة، وفي نفس اليوم "ثاني أيام العيد" توفي أحمد ابن ال12عاماً، وفي ثالث أيام العيد توفي شقيقي أحمد، ومازال عبد الرحمن في حالة حرجة حتي الآن في تلك المستشفي التي يحيطها إهمال شديد.. حكايات الضحايا! أريد أن أقول أن الشهداء الذين ماتوا وهم يبحثون عن قوت يومهم علي ايدي مجموعة ارهابية، أن شقيقي خالد لم يقدم بلاغا واحدا ضده، ولم يدخل قسم الشرطة طوال حياته، ولديه من الأبناء محمد بكلية الحقوق، ودعاء بكلية التربية، وحسني في الثانوية، وضاحي بالإعدادية، وجانا عامين.. والصغير أحمد طفل مبتسم دائماُ ويعشقه الجميع، وكانوا يقولون عليه ابن موت، أما عبد الرحمن الذي يرقد بين الحياة والموت حالياً، فهو شخص مؤدب لدرجة كبيرة جداً، حتي أنه كان يحرج أن يسلم علي خالاته.. بعد أن تركنا أسرة الضحايا في أحزانهم بساعتين، فوجئنا بعم ضاحي يتصل بنا ليخبرنا أن الطفل مؤمن قد توفي هو الآخر، وأنه الطفل الأخير لشقيقته التي ليس لديها إلا الاثنان أحمد وعبد الرحمن اللذان توفيا في الهجوم الإرهابي..