ريشة وألوان وأفكار وأشخاص وإبداع.. تواضع وأدب وثقافة.. وخطوط مميزة لايستطيع غيره أن يكون شبهة.. فخطوطه جزء من شخصيته.. هذه التركيبة البديعة هي مصطفي حسين.. وأول معرفتي به في جريدة المساء.. ولمع أسمه لولعه بالرياضة وخاصة كرة القدم.. ورأيته في المساء 1959 مع استاذي عبدالرحمن فهمي.. وكنا بعد كل مباراة نجلسن نتناقش في المباريات.. وكما هي عادة المصريين يعايش هذه الحالة.. ويحول ماعايشه واشترك فيه من نكات وقفشات .. فيخرج علينا برسم لايأتي علي خيال أحد.. الرسمة نفسها هي الضحكة بصرف النظر عن النكتة.. ولمعت رسوماته الرياضية، وأصبحت حديث الأوساط الرياضية وغير الرياضية.. ولأن الرياضة في المساء كانت السبب الأهم في توزيعه.. أضافت رسومات مصطفي حسين قراءا جدد للمساء.. وأستاذ أساتذة الصحافة والصحفيين مهما كبر وزنهم مصطفي بك أمين كما كنا نقول اسمه احتراما وإجلالا.. حتي بعد قيام ثورة 23 يوليو وإلغاء الألقاب.. ومصطفي امين هو صانع النجوم ومكتشف المواهب الصحفية ومتبنيها.. فإذا كان تلاميذه نجوم فهو شمس مشرقة.. قال لي عبدالرحمن فهمي إن الأستاذ مصطفي أمين طلبه هو ومصطفي.. وعرض علي كل منهما 100 جنيه.. والمائة جنيه في الخمسينيات تساوي الآلاف من جنيهات ايامنا هذه .. وتعتبر من أكبر المرتبات في عالم الصحافة.. وقال لي عبدالرحمن فهمي ان ظروفا عاقت انتقالهما للأخبار في آخر دقيقة.. وبرغم وجود أستاذ الكاريكاتير الكبير عبدالسميع كان نجم هذا الفن في الجمهورية .. وكان ايضاً في الجمهورية نبيل السلمي وماهر داود والذي انتقل للأهرام.. ومع وجود هؤلاء إلا ان مصطفي حسين كان له طعم ومزاق خاص.. وهو ما لفت نظر مصطفي أمين.. ولم يدخل مصطفي حسين دار أخبار اليوم إلا في اوائل الستينيات.. وكنت قد دخلت الأخبار في نفس التوقيت.. وكنت أحب أن أداعبة، وكان من اصدقائي رؤوف عبده رسام الكركاتير لآخر ساعة.. وكان مصطفي حسين في هذه الفترة يمتاز برسم اللوحات.. وكان يسبقه في أخبار اليوم زعيم الكاريكاتير في هذه الفترة رخا.. وهو مخترع شخصية السبع أفندي ورفيعة هانم وبنت البلد.. وكان مصطفي أمين يشكل لجنة للكاريكاتير علي رأسها استاذ السخرية جليل البنداري.. فلم تكن مهمة مصطفي حسين سهلة أن يأتي ليكون خليفة لرخا.. وكان علي رأس رسامي أخبار اليوم كنعان.. ولكن لأن أخبار اليوم مدرسة العمل الجماعي بدأ تكوين الزوجي بلغة رياضات المضارب التنس وتنس الطاولة.. من أستاذنا أحمد رجب فكونوا زوجيا رهيبا وخرجت للوجود شخصيات حية مثل كمبورة وفلاح كفر الهنادوة وعبده الاليط ومطربة الشهير والسماوي.. وكانت خطوط مصطفي تخلق الشخصيات المطبوعة لتحولها الي شخصيات ناطقة وليست مقروءة ومصطفي حسين كان كريما جدا ففي يوم خرجت مع مجموعة من أعضاء اتحاد السباحة زملاء لعبتي وجلسنا في كافيتريا قريبة من نادي الصيد.. ووجدت المبدع فرحب بي.. وتبادلت معه الحديث عن احوالي لأنني كنت قد ذهبت لمجلة اكتوبر.. وعندما طلبت الفاتورة لاحاسب.. وكان مصطفي قد غادر المكان.. قالوا لي مصطفي سدد الفاتورة. .. ولا استطيع في نهاية المقال إلا أن أقول مع السلامة يا ابن جيلي الي أن ألقاك.. فإذا كانت الروح صعدت لبارئها.. إلا أن مصطفي حي ليعلم اجيالا.. واجيالا..