كتابة هذه السطور، لم يعرف المصريون من هم قتلة الجنود المصريين 61 جنديا في رفح رغم مرور عام علي تلك المجزرة، ورغم الوعود بتوقيع أقسي العقوبات علي هؤلاء القتلة وبقيادة حرب ضدهم. وحتي كتابة هذه السطور، لم يعرف المصريون من الذي اختطف الجنود السبعة، ومن الذي اختطف ضباطنا الثلاثة وأمين الشرطة.. رغم مرور فترة زمنية طويلة علي هذه الجريمة وكذلك لم يعرفوا من الذي يقتل ضباط الشرطة، من وقت لآخر في سيناء. بل ان المصريين لا يعرفون أي سبب يدفع إلي ترك ذلك الجزء الغالي من وطننا شبه جزيرة سيناء مستباحا لكي تعربد فيه الجماعات التكفيرية والإرهابية؟ لماذا يشعر المصريون بأن المسئولين لدينا لا يكترثون بقضية الأمن القومي المصري وحرمة التراب الوطني، وربما تصل حالة عدم الاكتراث إلي حد.. التفريط؟ ولماذا يجري تكريم القتلة والإرهابيين، والتعامل معهم كحلفاء ودعوتهم إلي اللقاءات الرسمية بينما يوجد شبان ثوار في السجون؟ ولماذا لا يتم الكشف عن الحقائق وفتح الملفات لكي يعرف المصريون من الذي احترق حدود الدولة وأهدر أمنها وسلامة أراضيها، خلال فترة ثورة 52 يناير، واقتحم سجونها وأطلق سراح نزلائها وقتل من قتل، ودمر كل شيء في طريقه، وأفرج عن أشخاص كانوا داخل تلك السجون؟ ولماذا نعرف من مسئولين سودانيين انهم يمكن ان »يستعيدوا» حلايب وشلاتين بموافقة رسمية مصرية، بينما يستمر التكتم والتعتيم علي هذه المسألة من جانب المسئولين، رغم ان القضية تتعلق بسلخ جزء من أرض الوطن.. والتبرع بتقديمه إلي دولة أخري؟ أين حق المصريين في أن يعرفوا كل ما يتعلق بوطنهم؟ ألم يتعلم المصريون من تجربة عامين ونصف العام ان السماح بتشكيل أحزاب دينية يمزق الوطن ويمزق النسيج الوطني ويحول الصراع السياسي.. الاجتماعي من أجل الحرية والخبز والكرامة والعدالة الاجتماعية إلي صراعات ذات أفق مسدود وبلا حلول.. وإلي نزاعات فقهية حول جملة من القضايا التي أصبحت جزءا من الماضي؟ ألم يتأكد ان هذه الأحزاب تضع مرجعيتها الدينية وفقا لفهمها الخاص لهذه المرجعية فوق مرجعيتها الدستورية والقانونية، كما تضع الانتماء الديني فوق الانتماء الوطني والقومي.. ونريد إعادة تشكيل البلاد والعالم علي صورتها التي تتصور انها مباركة بصورة حصرية من العناية الإلهية؟ ألم ندرك ان هذه الأحزاب الدينية ليست مؤهلة للمشاركة في وضع دساتير مدنية حديثة لدولة عصرية ومستقلة وديمقراطية تحترم حقوق الإنسان؟ أليس من الواضح الآن ان تلك الأحزاب تخضع القيم الدينية للمصالح السياسية، وأنه ما أسهل لديها من الانقلاب علي القيم بدواعي «المصلحة» أو «الضرورات»؟ ألم نكتشف ان هذه الأحزاب تطرح أهدافا لا تتصل بحياة الناس أو حاجات التطور الاجتماعي، وأنها تمارس قدراً كبيراً من العنف والإكراه والتسلط وتلغي الهويات الأخري وتكره الثقافة الإنسانية وتحتقر حضارة بلادها، وتريد إعادة صياغة الدولة والمجتمع علي صورة أفكارها، وتميز بين مكونات الأمة علي أساس الدين إلي جانب إدمانها لاحتكار السلطة.. في ظل خواء فكري وفراغ في الرؤية. ألم يتحول «الجهاد» علي أيديها إلي حرب مفتوحة علي الآخرين، ويصبح «القتال في سبيل الله» مجرد شعار خادع لتبرير ذبح الأبرياء باسم الله؟! هناك من يقولون ان هناك أحزابا ديمقراطية مسيحية في الغرب.. فلماذا لا توجد لدينا أحزاب دينية (؟) وهؤلاء لا يعرفون ان تلك الأحزاب المسماة بالمسيحية ليست لديها برامج أو أجندات دينية أو لاهوتية، وهي لا تنطلق في عملها السياسي من الكنائس والأديرة ودور العبادة، كما انها لا تستخدم شعارات دينية أو مذهبية تتيح لها الحصول علي أصوات المسيحيين في الانتخابات، حيث ان القوانين المدنية القائمة تمنعها من ذلك.. فالعالم يدار اليوم من مراكز الاقتصاد والسياسة وليس من الكنائس، حتي لا يقع الظلم علي الدين كعقيدة إيمانية أو الدولة كعقد اجتماعي. كلمة السر: إنقاذ ثورة 52 يناير حتي