صديقي الحبيب سألتني في آخر مكالمة وقد اكتست نبرات صوتك بالدهشة وكأنك وضعتني في مأزق لا يمكنني الخروج منه.. قلت لي متساءلا كيف انقلبت أنا علي الرئيس السابق مبارك وقد كنت حتي سنوات قليلة محبا له، متحمسا لسياسته، مدافعا عن انجازاته؟! وأقول لك بكل الصراحة والصدق.. نعم.. أنت محق فيما سألت وفيما قلت.. لكن لا تنسي يا صديقي ان مرآة الحب عمياء.. نعم كنت أحبه حتي بعد سنوات قليلة من الألفية الثانية.. لكن بعض الحب إثم كبير، خاصة حينما يكتشف المحب انه كان ضحية خدعة كبري!.. نعم.. لقد كانت في حياتي نقطة تحول كبري بدأت مع تسلل المدعو جمال مبارك الي قلب الاضواء واعتلاء منصة المشهد السياسي دون أن يكون له أدني رصيد سوي انه ابن رئيس الدولة الذي تحول فجأة الي ملك في نظام جمهوري، وراح يصنع ولي عهده علي يديه تارة، وبنصوص دستورية مفتعلة وحملات اعلامية مصنوعة، حينئذ أدركت علي الفور أن الرجل الذي خدعني وخدع شعبه انفصل عن هذا الشعب وحول جمهوريته الي ملكية معتمدا علي أن شعبه فقد القدرة علي التمييز!.. ومما زاد الطين بلة ان السيدة حرم الرئيس السابق صارت هي الحاكم الخفي وراء الستائر والكواليس، وسعت بجهد خارق الي تثبيت أركان النظام الجديد الذي سيتولاه ولي العهد جمال مبارك خلفا لوالده.. نعم.. ادركت مع الجميع أن هذه السيدة لم تعد تهتم بزوجها قدر اهتمامها بمستقبل جديد تكون هي فيه أم الملك الشاب!!.. واصارحك القول يا صديقي انني احسست في لحظات كثيرة ان التاريخ ربما يعيد نفسه بأشكال آدمية وأسماء جديدة دون خلاف في الواقع، فما كان هناك فارق كبير بين نازلي أم الملك فاروق وسوزان أم ولي العهد جمال مبارك، كلتاهما أرادت أن تحكم مصر من تحت عباءة ابنها.. فأين كان مبارك من هذا كله؟.. ربما كان قد فقد القدرة علي أن يحكم بيته من الداخل، فكيف نثق في أن يحكم شعبا جاوز الثمانين مليونا ودولة كانت قبله في صدارة دول المنطقة ان لم تكن أهمها ثم صارت أشبه بدولة منتهية الصلاحية!!.. وكانت هذه نقطة تحول أخري! الغريب والمثير يا صديقي الحبيب ان ولي العهد الشاب صنع لنفسه بطانة من رجال الأعمال سرعان ما تحولوا الي عصابة لنهب ثروات الشعب.. فأين كان الرئيس السابق وكنوز مصر يتم سرقتها علنا وجهارا نهارا؟! هل كان مستفيدا هو الآخر.. أم ان العصابة كانت أقوي منه ومن منصبه؟!.. أم كان الاحتمالان معا.. هذه كارثة أخري.. ونقطة تحول ثالثة! خاصة والشعب يئن ويتألم ولا يجد قوت يومه وانهكته متطلبات الحياة اليومية التي عجزت معها العائلات المصرية عن الحياة الكريمة، بينما الرئيس السابق وهو يحرص علي أناقته يرتدي البدلة تلو البدلة التي تكلفه كل واحدة منها أكثر من مائة ألف جنيه.. واذكر يا صديقي ان عشرات المصريين انتحروا لعجزهم عن دفع مصروف البيت لزوجاتهم.. وكانت الصحف تنشر هذه الأخبار وكأن حوادث الانتحار تحدث في أماكن أخري بعيدة عن مصر!! وكان ثمن بدلة واحدة من بدل الرئيس تكفي أكثر من أسرة للحياة عاما حياة شبه آدمية!! صديقي الحبيب.. هكذا بدأ قلبي يتغير نحو الرئيس السابق.. وعائلته.. وكانت الطامة الكبري يوم قال الرئيس السابق في بجاحة سياسية منقطعة النظير انه سوف يحكم مصر حتي آخر نفسي في حياته!!.. قالها أمام مجلس الشعب المزور.. وصفق له فتحي سرور وعصابته.. ولم أنم أنا ليلتها.. الرئيس الذي قال في بداية حكمه انه لن يستمر أكثر من ولايتين يقول الآن انه سيحكم حتي آخر نفسي.. وهكذا سقط الرمز.. فلم يمنعه الخجل من أن يظهر كذابا أمام شعبه! والأدهي من هذا يوم قال أمام مجلس الشعب غير الموقر أنه لو ترك الانتخابات حرة فسوف يصل الاخوان المسلمون الي الحكم!!.. أي أن الرجل يعترف أن انتخاباته مزورة.. وانه لا يعترف بارادة شعبه لو أتي بالاخوان الي الحكم!! والواضح انه كان يطلب في بجاحة سياسية أخري أن تمنحه أمريكا الاذن بتزوير الانتخابات بدعوي ابعاد التيار الاسلامي عن الوصول الي رئاسة الدولة أو تشكيل الحكومة! نعم.. يا صديقي لم يعد للرئيس مكانا في قلبي.. خلعته مثلما تخلع الزوجة زوجها بعد ان تضبطه متلبسا بالخيانة!.. ويبدو أن الرئيس السابق راح يدق هو وعائلته كل المسامير في نعشه وكأنه يتعجل النهاية بظهور المدعو أحمد عز وما أدراك ما أحمد عز هذا الطبال الذي صار يحكم مصر تحت سمع وبصر الرئيس السابق وعائلته!.. لقد اعترف هذا الطبال السياسي ان ثروته تجاوزت الاربعين مليار جنيه في وقت كان فيه المصريون عاجزين عن دفع مصروفات المدارس أو فاتورة الكهرباء أو شراء كيلو لحم!!.. وفي وقت كان الرئيس السابق لا يتحدث في خطبة الا عن دعمه لمحدودي الدخل وانحيازه للفقراء! نعم.. ياصديقي الحبيب.. انقلبت