وصل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلي المنطقة »لتحريك المفاوضات الفلسطينية- الاسرائيلية» في وقت لا تحظي فيه هذه القضية بالحد الأدني من الاهتمام في العالم بسبب الأوضاع السائدة في المنطقة. في مطلع التسعينيات نجح الرئيس العراقي صدام حسين في إبعاد الأنظار عن قضية فلسطين عن طريق شن الحرب علي الكويت. والآن.. يسير الخط البياني لهذه القضية في انحدار مستمر، حتي يمكن القول ان القضية لم تقترب من مرحلة التصفية النهائية منذ عام 8491 كما هو الحال الآن. وفي خبث شديد، اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، في مستهل لقائه مع جون كيري، ان الغرض من الاجتماع ليس فقط الحديث عن تحريك المفاوضات مع الفلسطينيين، وانما ايضا «عن ايران واعمال الذبح الفظيعة وانعدام الاستقرار في سوريا»! ثمة تراجع عام عن الاهتمام بالملف الفسطيني نتيجة احداث المنطقة، والواضح ان ملف سوريا وايران اكثر اهمية الآن ويقول المحلل الاسرائيلي «دان مرجليت» في صحيفة «اسرائيل اليوم»: «ان الشرق الأوسط في غليان ومصاب بذبحة صدرية.. فمن الذي سيغرق نفسه الآن في مفاوضات مع ابومازن»؟ والمؤسف ان اسرائيل في الوقت الحاضر تكرر مزاعمها القائلة انه ليس صحيحا ان كل المشكلات الاقليمية ترجع الي عدم وجود حل للصراع العربي الاسرائيلي. فالعرب، بوجه عام، يوجهون اهتمامهم بدرجة اكبر الي اشعال الصراعات الطائفية والمذهبية فيما بينهم، والفلسطينيون مازالوا منقسمين، وفي قطاع غزة.. أزمة حول ما يقال عن تبديل أو تغيير الأديان واتهامات متبادلة في هذا الشأن. ولذلك لم تحمل جولة جون كيري في تل ابيب ورام الله والعاصمة الاردينية عمان اي جديد.. فالرجل يريد ان يكتفي الاسرائيليون بالكتل الاستيطانية الكبري القائمة ولايشيدون المزيد من المستوطنات خارجها أو، بالدقة، «كبح جماح البناء في المستوطنات»، ويريد ان يكتفي الفلسطينيون بذلك وان يمتنعوا عن الانضمام الي الوكلات التابعة للأمم المتحدة مثل محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، وينتظر من الجانبين «اتخاذ قرارات صعبة»! لم يحمل كيري معه أي خطة سلام امريكية، وقيل انه يتولي اعداد خطة- لعلها الخطة رقم مائة حتي الآن- وانه يجري «جولات مكثفة» و»اتصالات واسعة» مع جميع الاطراف الفلسطينية والاسرائيلية والعربية والاوروبية وروسيا وكل الاطراف الدولية المعنية بالسلام والاستقرار في هذه المنطقة. «ونرجو الا ينسي الاتصال بدولتي رواندا وبوروندي ايضا!!» أما نتنياهو فإنه يعارض أي مبادرة حسن نية تجاه الفلسطينيين تتضمن حتي مجرد الافراج عن اسري او منح تسهيلات للسلطة الفلسطينية.. او الغاء منح الشرعية للمواقع الاستيطانية العشوائية الجديدة في الضفة الغربية. وكما جرت العادة، لم ينس جون كيري ان يعلن ان «أمن اسرائيل هو الهدف الاسمي» في مباحثاته! والمعروف ان نتنياهو وصف ما سمي بمبادرة الجامعة العربية، في شهر ابريل الماضي، بشأن استعداد العرب للقبول بمبدأ تبادل اراض بين فلسطين واسرائيل، بانها «غير ذي بشأن» رغم ان تلك «المبادرة» تسمح لاسرائيل بالاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبري علي الاراضي الفلسطينية علي امتداد حدود 7691، وهي تشكل تنازلا خطيرا من جانب العرب. ويلخص المحلل الاسرائيلي د.الون بن مئير الموقف كله بقوله انه بعد مرور 56 سنة علي بدء الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي.. فإن هذا الصراع لن ينتهي إلا اذا ارادت الولاياتالمتحدة ذلك. والواضح - بل المؤكد- انها لا تريد! كلمة السر: إعادة فلسطين الي الذاكرة