انعم الله - جلت حكمته وعظمت قدرته - علي الدول المطلة علي الخليج العربي - الذي تطلق عليه إيران عنجهية واستكبارا في الأرض الخليج الفارسي - أنعم عليهم بنعم كثيرة وعظيمة - يأتي في مقدمتها الذهب الاسود الذي عمرت به أرضهم ، وامتلأت به حقولهم وأتخمت عائداته خزائنهم وهناك نعمة أخري جليلة هي نعمة خليج هرمز بموقعه الجغرافي الاستراتيجي الذي جاء من صنع الله ومشيئته وفضله ، كما شاءت إرادته - جل وعلا - بأن يكون هذا المضيق واحداً من أهم الممرات والمضائق المائية في العالم حيث يربط بين الخليج العربي من جهة وخليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخري ولذا فإنه يُعَّدُ المنفذ البحري الوحيد للدول المطلة علي الخليج العربي وهي العراق والكويت والبحرين وقطر ، كما يعد في نفس الوقت المنفذ الرئيسي لكل من المملكة العربية السعودية التي تطل علي الخليج من الشرق والبحر الاحمر من الغرب ، وكذا للإمارات العربية المتحدة التي تطل علي الخليج العربي وخليج عمان ، ولسلطنة عمان التي تطل علي الخليج العربي والعماني وبحر العرب ، ولإيران التي تطل علي الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب هذا ويبلغ عرض خليج هرمز من حوالي 55كم وعمقه حوالي ستين كم ، ويضم المضيق عددا من الجزر ، أكبرها جزيرة " قِشم " الإيرانية ومعناها بالفارسية " طريق الماء " بالإضافة إلي جزر "لاراك وهرمز" والجزر الثلاث المتنازع عليها مع الامارات وهي طنب الصغري وطنب الكبري ، وأبو موسي ، وتأتي أهمية هذا المضيق الاستراتيجية من كونه قناة مائية وحيدة وفريدة لنحو 35 إلي 40٪ من النفط المنقول بحراً علي مستوي العالم حيث تعبره يوميا ما بين عشرين إلي ثلاثين ناقلة بترول عملاقة تحمل مايصل إلي ثمانية عشر مليون برميل من النفط . . ويمر منه ما يقارب 90٪ من النفط السعودي ، و98٪ من النفط العراقي و99٪ من النفط الاماراتي و100٪ من النفط الكويتي والقطري . . وتأتي اليابان ثم يليها كوريا الجنوبية والهند والصين في مقدمة الدول في الاعتماد علي هذا المضيق كممر وحيد لوصول حاجتهم من النفط العربي ، بينما تصل نسبة اعتماد الولاياتالمتحدة عليه إلي 18٪ من احتياجاتهم البترولية العربية . . هذا وتقع القناة الملاحية لمضيق هرمز بشكل كامل ضمن المياه الإقليمية لسلطنة عمان مما يجعل عبء إدارتها يقع علي عاتق سلطنة عمان وذلك من خلال موقع راداري خاص أقامته علي نقطة شديدة الارتفاع أعلي شبه جزيرة "رأس مسندم" العمانية . . هذا وأمام العقوبات الاقتصادية الخانقة والظالمة التي فرضتها أمريكا وحلفاؤها علي إيران تزامنا مع التلويح الإسرائيلي والأمريكي بالقيام بعمل عسكري للاجهاض علي مقار ومراكز التجارب الذرية الإيرانية ، كل ذلك حَمْلَ إيران من حين لآخر علي التهديد بإغلاق خليج هرمز وقطع الملاحة العالمية فيه وإذا ما حدث ذلك بالفعل فسيترتب عليه انحسار لإمدادات النفط في العالم تصل نسبته إلي 40٪ كما سيؤدي ذلك إلي ارتفاع اسعار البترول مع استمرار الطلب عليه ، وسيدفع البلدان العربية المصدرة للنفط إلي إيجاد طرق بديلة لتصدير نفطها، وهو ما حدث بالفعل من قيام أغلب دول الخليج بعمل شبكات أنابيب ضخمة لنقل بترولها عبر عمان واليمن وشبكات أخري عبر الفجيرة ، وعلي هذا فقد أصبح لدي البلدان العربية الخليجية المصدرة للنفط طرقا بديلة للتعويض عن جزء من الصادرات المفقودة حين إغلاق خليج هرمز بعكس إيران فإن تهديدها بإقفال مضيق هرمز يعتبر بمثابة عقاب النفس خاصة صادرتها النفطية مع الصين التي تُعَّدُ حاليا أهم مستورد لنفطها ، وبالتالي فستفقد العائدات النفطية التي يقوم عليها اقتصادها وستفقد موقفها السياسي الداعم لها في وجه التهديدات الأمريكية والأوربية. أما عن الأبعاد القانونية للتهديدات الإيرانية بقطع الملاحة في خليج هرمز ، فقد ذكر تيار من القانونيين أنه وفقا لقانون البحار الدولي الصادر عام 1982 فإن مضيق هرمز يُعَّدُ " ممرا مائيا دوليا " وهذا التوصيف لا يعطي الدول المطلة عليه حقوق السيادة الكاملة ، وبالتالي فإنها لا تملك حق إغلاق الممر المائي أو تعويق حرية الملاحة عبر مياهه . ومن هنا فإنه يعد ملكا للمجتمع الدولي ، ومسئولية ضمان حرية الملاحة من خلاله مسئولية دولية ، بالتعاون مع الدول المطلة عليه ، وبالتالي فإن محلولة إغلاق " ممر مائي دولي " أو التعرض لحرية وأمن الملاحة فيه تُعَّدُ من الأعمال التي تهدد الأمن والسلم الدوليين وتقع تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة . وطبقا لأحكام المادتين 41 و 42 من هذا الميثاق فإن علي مجلس الأمن مسئولية التعامل مع الأفعال التي تُعَّدُ خرقا ماديا وتهديدا للسلام الدولي . . ومن هذه العقوبات وقف الصلات الاقتصادية وطرق المواصلات " البحرية والبرية والجوية " ووسائل الاتصال ، كما تصل إلي قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول المعتدية علي حرية الملاحة في المضيق . . ولا يفوتني عزيزي القارئ أن أذكر لك في نهاية هذا المقال أن اسم هرمز يرمز لإله الخير خالق الحياة وذلك في الديانة الزرادشية عند الفرس وذلك قبل دخولهم في الإسلام.