لا انا ولا غيري من زملائي الصحفيين يحمل إتهاما في داخله للكسب غير المشروع.. فكوني ان أبدي مخاوفي علي مستقبل الصحف القومية التي لها الفضل علي الصحف المستقلة والصحف الحزبية في مصر علي اعتبار أن جميع العاملين فيها تربوا وكبروا في الصحف القومية وأصبحوا أسماء لامعة. وكون ان تتعرض الصحف الام لهزة مالية بسبب اختفاء الاعلانات.. فيصبح من الطبيعي ان تكون لنا وقفة في البحث عن الاسباب التي ادت الي اختفاء مواردها.. فقد كان ابناؤها من الصحفيين يساهمون في تنمية مواردها من خلال الاعلانات ثم اعلنوا الانسحاب بسبب محاسبة جهاز الكسب غير المشروع لهم عن عملهم في الاعلانات.. لذلك أجد نفسي أطرح أكثر من سؤال.. من اين تأتي هذه الصحف بثمن الورق الذي اصبحت اسعاره نارا.. وثمن الاحبار ومرتبات العاملين فيها.. مع أن "تورتة" الاعلانات اصبحت تلتهمها الفضائيات.. والمعلن اتجه الي التليفزيون عن الصحافة.. وعودة المعلن تحتاج الي عقلية صحفية تختلف عن عقلية مندوب الاعلانات.. لكن كيف يحدث هذا وجهاز الكسب غير المشروع قام بتفعيل قانون الصحافة الذي يمنع اشتغال الصحفي بالاعلانات.. لقد ألمني أن تتصور الزميلة الاستاذة سعاد ابوالنصر مدير تحرير اخبار اليوم ان عنوان مقال لي في هذا الموضوع كان يحمل اتهاما للكسب غير المشروع.. وكوني ان اضع النقاط فوق الحروف واقول ان "إفلاس الصحف القومية في رقبة الكسب غير المشروع " هل يعد هذا العنوان اتهاما.. أم رسالة تحمل عدة مخاوف علي مستقبل الصحف القومية التي انطلقت علي حسابها اكثر من ثلاثين صحيفة يومية. - انا شخصيا مازلت أؤكد انه ليس هناك عداء بين جهاز الكسب غير المشروع وبين هذه الصحف أو بينه وبين العاملين فيها اي خصومة وكونه ان ينفش ريشه علي أبناء هذه الصحف بعد غياب السنين.. هذا هو سؤالي اين كانوا قبل الثورة عندما كان الصحفيون يساهمون في تنمية موارد مؤسساتهم من الإعلانات مقابل عمولة ضعيفة لتحسين دخولهم المتدنية.. ثم ما هو سبب سكوت جهاز الكسب غير المشروع علي هذه الوقائع ايام النظام السابق مع ان الجهاز كان موجودا قبل الثورة وكون ان النظام السابق تعمد تهميشه وتجميده فهذه ليست مسئولية الصحفيين الذين أجبرتهم الظروف المعيشية علي مخالفة قانون الصحافة وشاركوا في جلب الاعلانات لمواجهة فساد النظام الذي كان يعطيهم فتات موائد الأرباح التي كانوا يحققونها لصحفهم.. ثم اين كان جهاز الكسب غير المشروع من أرباح المؤسسات الصحفية التي كانت تصرف في الفشخرة وابناء المهنة يبحثون عن من يقرضهم لسداد التزامات كانت تطاردهم .. حتي وصل الحال ببعضهم الي العمل في بعض مطاعم التيك اواي ومنهم من حول سيارته الملاكي الي تاكسي.. ولكم ان تتصوروا هكذا كان حال بعض ابناء المهنة الشرفاء في عهد النظام السابق.. - الذي توقفت عنده هو استنكار الزميلة الاستاذة "سعاد" لعمل الصحفيين الشبان في جلب إعلانات لصحفهم.. وهنا أقول لها ان الاستشهاد بصحافة العمالقة عندما كان موسي صبري يحرم المحرر الذي يعمل في الاعلانات من العلاوة السنوية.. استشهاد ظالم لأننا لا نستطيع أن نقارن بزمن العمالقة والزمن الأغبر الذي تعيش فيها صحافتنا اليوم.. انا شخصيا ايام زمان كان راتبي الشهري خمسة جنيهات وكنت اجلس امام رئيس الحكومة وفي جيبي "بريزة" ياعني عشرة قروش ومع ذلك كنت اشعر انني اهم منه لانني املك قلما.. وهو يملك "كرسيا" لفترة مؤقتة.. فهل نقارن بين مرتبات زمان.. ومرتبات اليوم.. ثم ايام زمان لم نكن نعرف الفضائيات أو الصحف المستقلة أو الحزبية التي اصبحت جزء في منظومة الاعلام.. وأصبحت تنافس علي "تورتة" الاعلانات.. ففي زمن العباقرة كانت تصدر ثلاث صحف يومية.. واليوم عندنا اكثر من ثلاثين صحيفة.. واكثر من خمسين محطة فضائية.. فالصراع علي "تورتة" الاعلانات يحتاج الي عقليات تختلف عن عقلية مندوب الاعلانات ايام زمان.. وكون ان يساهم الصحفي الشاب في الابقاء علي صحيفته ليس عيبا, لكن العيب ان نطالب بحقوقنا والصحف "مفلسة".. ولذلك تراني اشفق علي رؤساء المؤسسات الصحفية الذين يعملون الآن في ظروف صعبة جدا ومطلوب منهم تحقيق ارباح العاملين.. وعلاوات سنوية.. والايرادات بالارقام والمستندات لا تغطي ثمن الورق.. ولا ثمن الاحبار. - وهنا أحب ان اعرف رأي زميلتنا الاستاذة سعاد.. مع أنني من المؤيدين لها في عدم اشتغال الصحفي بالاعلانات.. لكن من اين يأكل.. وقد رأينا نسبة البطالة بين الصحفيين من خلال تجمعهم في النقابة بعد ان اغلقت صحفهم, واصبحوا لا يجدون رغيف الخبز.. مع انهم فضلوا ان تكون بطونهم خاوية عن ان يبيعوا اقلامهم. - علي اي حال.. احترامي وتقديري للهامات التي تعمل في جهاز الكسب غير المشروع وهنا اسجل اعترافا صريحا بكفاءة هؤلاء الرجال وتصديهم للفساد الي جانب عبقرية رئيس الجهاز المستشار يحيي جلال مساعد وزير العدل.. الذي جاء خلفا للرجل المحترم المستشار عاصم الجوهري. .. وكلمة حق ان المستشار يحيي جلال هو إضافة في تفعيل دور جهاز الكسب غير المشروع حيث وضع الرجل معايير عادلة تضمن عدم استغلال الجهاز في تشويه صورة الشرفاء.. معني الكلام انه قام بفلترة الشكاوي واستبعاد الكيدية منها للحفاظ علي سمعة المواطنين.