كان هناك أكثر من لقاء جمع كاتب هذه السطور مع الزملاء من إعلاميي جنوب السودان، الذين حضروا الدورة التدريبية التي نظمها المجلس الاعلي للصحافة بالتعاون مع الخارجية المصرية ووزارة الاعلام من خلال المركز الصحفي لمدة عشرة ايام سواء خلال زيارتهم الميدانية لمؤسسة دار التحرير وجريدة الجمهورية التي أتشرف بالانتماء اليها علي مدار اكثر من 25 عاما اأو خلال جولاتهم الي المعاهد البحثية ال12 التابعة للمركز القومي للبحوث المائية برئاسة الدكتورة شادن عبد الجواد والذي يتبع وزارة الموارد المائية والري بقيادة الوزير القوي نصر الدين علام، حيث شهدوا المعامل المركزية برئاسة الدكتورطارق توفيق الذي نجح مؤخرا في الحصول علي الاعتماد الدولي لهذه المعامل حيث استمعوا الي شرح مفصل عن اهمية قياس نوعية المياه وتعرفوا عن قرب علي المنحة المصرية لحكومة الجنوب بإنشاء معمل بجوبا عاصمة الجنوب ثم انتقلوا بعد ذلك للتعرف علي خبراء معهد الهيروليكا الذين قاموا بالدراسات الفنية والهندسية الخاصة بانشاء سد واو -متعدد الاغراض- بولاية غرب بحر الغزال علي نهر السيويل وانتاج طاقة قدرها 2 ميجاوات وتوفيرالمياه لزراعة 40 الف فدان واقامة محطة مياه شرب نقية لحوالي 700 الف نسمة من ابناء الجنوب وكيف استطاعوا استخدام التقنيات الحديثة والنماذج الرياضية لسرعة الانتهاء من الدراسة تحت اشراف الدكتور فتحي الجمل مدير المعهد وانه يبقي علي حكومة الجنوب توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشروع وتشجيع المجتمعات المحلية علي الاستقرار والزراعة. هذه الزيارات الميدانية والتدريب لاشقائنا من ابناء الجنوب يمثل خطوة ايجابية ومطلوب التوسع فيها بمختلف المجالات وتحسبا للمستقبل المتوقع من اعلان دولة جنوب السودان عقب استفتاء يناير القادم بحيث يعرفون عن قرب الموقف المصري تجاه ما يشهده السودان شماله وجنوبه من خلال الحوارات والمناقشات التي تدور بين الضيوف ونظرائهم من الزملاء وصناع القرار. المهم في مثل هذه المناسبات او الاحداث هو المناقشات التي تدور خارج نطاق الرسميات والمجاملات وبالتالي نجد انه من الضروري القاء الضوء عليها لعل وعسي يدرك متخذو القرار الصورة الذهنية لدي هؤلاء تجاه الموقف المصري والذي اشاد به الجميع شمالا وجنوبا رغم محاولات بعض القوي الخارجية من خلال وسائل اعلامها بث بذور الفتنة بين مصر وحكومة وشعب الجنوب وهو ما اتضح جليا خلال المناقشات الخاصة التي دارت بين كاتب هذه السطور وبعض اعضاء الوفد حول المنحة المصرية لتنمية الموارد المائية الذي تعاني من فائض مياه الفيضان لا ناقة فيه ولاجمل. وكان السؤال هل قدمت مصر المنحة المائية لصالحها أم لصالح شعب الجنوب؟ وهذا السؤال رغم بساطة اجابته الا انه يعكس وجهة نظر لدي البعض من الجنوب تجاه ما تقدمه الحكومة المصرية في مختلف المجالات وسوف اضطر آسفا ان اعرضها في عجالة هناك المستشفي المصري بجوبا الذي يستقبل اكثر من 400 حالة مرضية يوميا للكشف في مختلف التخصصات كما يتم صرف العلاج مجانا وهذا رأيته بنفسي خلال زيارتي الاولي للجنوب وفرع جامعة الاسكندرية الذي تم افتتاحه مؤخرا ويبدأ بالتخصصات التي يحتاجها الجنوب بالاضافة الي المدارس و3 محطات كهرباء لمواجهة النقص الشديد في الطاقة بعدد من الولايات وحفر آبار جوفية لتوفير مياه الشرب للمجتمعات المحلية بقري الجنوب ناهيك عن انشاء مجموعة من المراسي النهرية لنقل الركاب والبضائع حيث تمثل المجاري المائية بالجنوب وسيلة نقل رئيسية خاصة في موسم فيضان النيل وغيرها من المشروعات الخدمية التي يحتاجها ابناء الجنوب. نعود للاجابة عن السؤال ونقول ان مشروعات تنمية الموارد المائية التي تنفذها مصر بالجنوب تخدم في المقام الاول والرئيسي ابناء الجنوب ايمانا من مصر بأهمية ان يكون الجنوب مستقرا ومساهمة منها لجعل خيار الوحدة جاذبا فعلي سبيل المثال مشروع سد واو (متعدد الاغراض) علي نهر السيوي انتهت الدراسات الخاصة به ويوفر الكهرباء للمشروعات التي يرغب الجنوب في تنفيذها بالتعاون مع المستثمرين الاجانب او بمفردهم وتحتاج الي طاقة.. زراعة 40 الف فدان متوقعة يستفيد منها ابناء الجنوب لتقليل الفجوة الغذائية وتقليل استيراد الغذاء كل هذا لن يعود بالفائدة او زيادة حصة مصر المائية من السودان لان اتفاقية 59 الموقعة بين مصر والسودان حسمت تلك المسألة فحصة السودان واحدة لشمال وجنوب السودان وذلك وفقا للقوانين الدولية والواقع. المصلحة الحقيقية لمصر من هذا الدعم والمساندة هو استقرار الاوضاع وان يشعر ابناء الجنوب ان مصر الشقيقة الكبري التي استضافت ابناء الجنوب خلال الحرب الاهلية وبعد اتفاق نيفاشا مازالت قادرة وراغبة في تقديم المساندة والدعم لابناء الجنوب. السؤال الثاني وكان مثار اهتمام الجميع من الزملاء يدور حول رفض مصر والسودان التوقيع علي الاتفاقية الاطارية لحوض النيل واصرارهما علي اضافة اتفاقيات 29 ضمن بنود الاتفاقية والانقسام الذي شهدته المبادرة والتوقيع المنفرد وجدت نفسي ارد بهدوء علي الزميل السوداني والذي يشغل منصبا هاما بوزارة الاعلام لحكومة الجنوب حيث اوضحت له اهمية الرجوع للنص الاصلي للاتفاقيات والتي تشير اول مادة فيها الي الحدود السياسية والجغرافية لدول البحيرات الاستوائية وفي حالة الغائها والاصرارعلي ذلك سوف تقوم حروب بين هذه الدول ويفقدون حدودهم المعترف بها دوليا [email protected]