الوطني كان يخطط للفوز ب 380 مقعدا من ..508 لم يكن الحزب الحاكم يسعي إلي تهميش الأحزاب كما أشيع. لكنه لم يكن مستعدا أيضا أن يترك "مستعمرات إخوانية" تعشش في المحافظات وتغسل "أدمغة الشباب" ومن ثم تنطلق بالإرهاب إلي آفاق أخري.. ليس بالسلاح ولكن بالعقل.. الإرهاب الفكري أخطر من الإرهاب المسلح لأنه يستولي علي العقول ويختطف الشباب إلي "عوالم سفلية" ويحولون الفقراء إلي كرات نار مشتعلة. بدلا من تشغيلهم وتحويلهم إلي مواطنين منتجين في المجتمع. الصراع كان مكشوفا بين الوطني والإخوان.. استخدم فيه الوطني الاختراق في العمق الإخواني. وانتزع منهم أهم نقابة مهنية وهي نقابة المحامين. والأكثر من ذلك أصبح مجلس النقابة من الحزب الوطني لأول مرة بعد أن سيطر الإخوان لثلاثة عقود علي هذه النقابة. الوطني خاض المعركة بتحليل خصومه ومعرفة نقاط قوتهم وتقسيم الدوائر الإخوانية إلي دوائر "حرجة" و"ممكنة" وكان النفاذ إلي الدوائر الحرجة بأسلوب جديد هو تفكيك الكتل التصويتية من خلال أعضاء المجالس المحلية واختيار مرشحين محبوبين في دوائرهم والأهم أن يكون لهم تواجد وشعبية وظهور "دائم" مع الناخبين. لذلك قرر الحزب أن يحرك كتله التصويتية مبكرا أمام الإخوان.. وبذل جهدا كبيرا في اختيار مرشحيه من خلال ثلاثة مستويات هي المجمعات الانتخابية واستطلاعات الرأي وقد أجريت علي مليون مواطن من أبريل 2009 علي عينات مختلفة وقام بها احترافيون ثم الانتخابات الداخلية داخل كل دائرة لاختيار الأصلح. لذلك كان الاختيار دقيقا هذه المرة.. وبعد هذه الإجراءات ظهرت فكرة خلق كتل وكثافة تصويت من خلال ترشيح مزدوج أو ثلاثي تمنع الإخوان من الفوز في الجولة الأولي وتضطرهم لدخول الإعادة وقد تم تحقيق الهدف المرجو.. الترشيح الثنائي والثلاثي جعل الوطني يستفيد من 80% من كتلة التصويت في جولة الإعادة بدلا من الاقتصار علي 20% من الجولة الأولي.. وأوضح مثال علي ذلك هو خسارة مرشح الإخوان أشرف بدرالدين في أشمون في انتخابات التجديد النصفي للشوري وفي انتخابات الشعب أيضا.. فاز عليه مرشح الوطني د. حامد سماحة رئيس الخدمات البيطرية السابق والمتمتع بعائلة قوية وقدم خدمات كثيرة لأهالي الدائرة في مجال الزراعة ورعاية الماشية.. حصل علي 33 ألف صوت بينما حصل نائب الإخوان الخاسر علي 7 آلاف صوت فقط.. الوطني درس الدائرة جيدا وعرف أنه من الصعب جدا أن ينجح أحد أمام مرشح له جذور في الدائرة ويخدمها زراعيا وبيطريا.. لذلك اكتسح د. سماحة مرشح الإخوان بالضربة القاضية. ومن ضمن الدوائر الحرجة التي خاضها الحزب الوطني دائرة المنيا التي يشغل مقعد الفئات فيها د. سعد الكتاتني الذي ينتمي لسوهاج وابن عمه نائب عن سوهاج. وفاز في 2005 لأنه يعتمد علي إقامته بالمنيا وتدريسه بالجامعة. الوطني درس الخصم جيدا.. ويعرف أن الصعيد يهتم جدا بالجذور لذلك عيب أن يمثل "الميناوية" سوهاجي.. لعب الحزب أيضا علي مبدأ الكتل التصويتية فهناك شرق المنيا وغربها لذلك تم ترشيح مزدوج في مواجهة سعد الكتاتني فئات حيث رشح الحزب الوطني اللواء سيد أبوالعلا ابن المنيا والمهندس محمود خلف الله من قيادات الوحدات المحلية.. ونجح ابنا المنيا أبوالعلا وخلف الله في محاصرة صقر الإخوان وأعادا المنيا إلي أبنائها وجرت الإعادة بين محمود خلف الله وسيد أبوالعلا "وطني" وكانت أصواتهما 27 ألفا و19 ألفا وحسم محمود خلف الله المقعد لصالحه ومعه أحمد سنوسي "عمال" وكان نصيب الكتاتني 5 آلاف صوت.. التقسيم الجغرافي لعب دورا هاما في العملية.. عرفت قيادات الوطني أين مكامن القوة في شرق المنيا وغربها وأخرجت الناخبين طبقا لهذا التوزيع. في دائرة مينا البصل بالإسكندرية كان الصراع بين حمدي حسن الإخواني والنائب في دورتي 2000 و2005 ومعه حسين إبراهيم الإخواني عن العمال ضد عبدالحميد علام نقيب المحامين بالإسكندرية وابن عم وزير الري وهو من جهينة بسوهاج ومعه محمد رشاد عثمان الذي تغيرت صفته إلي فلاح.. ولعبت العائلات دورها وهذا ليس عيبا في الانتخابات خصوصا وأن تواجد محمد ابن رشاد عثمان في الإسكندرية قديم وله أنصار متعددون في الجمرك وباب شرق ومينا البصل دائرته. نموذج آخر ليس من الإخوان هو علاء عبدالمنعم الذي كان مستقلا ثم انضم للوفد وهو في دائرة الدرب الأحمر.. الحزب الوطني أجري استطلاعا للرأي بين الناخبين حول "منعم" فجاءت نتيجته 13% لصالحه بينما حظي مرشح الوطني أحمد شيحة ب 52% من المبحوثين وكان تدني نسبة علاء عبدالمنعم سببه عدم تواجده في الدائرة وتفرغه للإعلام والفضائيات.. كما أن النائب في مصر مازال يصنف علي أنه نائب خدمات. النائب عباس عبدالعزيز بالسويس من الجماعة المحظورة وهو صاحب التصريح الشهير بالاستشهاد علي الصناديق.. الوطني درس الدائرة جيدا ووجد أغلبية ناخبيها من العمال.. فالسويس كما هو معروف مجتمع عمل وليس تجمع شعارات.. لذلك قدم الوطني مرشحه عبدالناصر مصطفي الذي كان عليه شبه إجماع ونجح معه عبدالحميد كمال "تجمع" وكما هو معروف فإن نجاح اثنين "عمال" هو نجاح صحيح.. ليس عيبا أن الوطني "ذاكر" دوائر المنافسين وعرف طبيعة الناخبين وهواهم السياسي! اصطياد الإخوان نائب آخر هو محمد العمدة وكان مرشحا عن دائرة كوم امبو وهو نائب قوي علي الفضائيات وفي التصريحات الخاصة وتميز بأنه كان عالي الصوت ضد كل السياسات الحكومية. لكن في الوقت نفسه نسي دائرته ولم يقدم لها خدمات خصوصا وانها دائرة في آخر نقاط الحدود المصرية ويبدو أنه تثاقل عن الذهاب إليها فكان أن اختار الوطني اثنين من أبناء الدائرة هما محمد مصطفي سويلم "فئات" وعزالدين منير إسماعيل "فلاح".. الاثنان لهما جذور قوية في الدائرة وهما من المتواجدين باستمرار في الدائرة.. ولم يغيرا انتماءهما الحزبي. وبالتالي فهما ليسا مثل العمدة الذي تنقل من الحزب الدستوري إلي الوفد وغير ذلك.. وبالتالي فإن هويته السياسية محل شك. نائب شهير آخر ليس من الإخوان هو سعد عبود عن دائرة ببا ببني سويف وينتمي لحزب الكرامة.. وقد رشح الوطني أمامه 4 مرشحين 2 فئات و2 عمال وطبعا سقط عبود وحصل مرشح الفئات عن الوطني علي عبدالله مبروك علي المقعد ب 13 ألف صوت وأحمد مختار "عمال" علي المقعد الآخر ب 25 ألف صوت. نائب الإخوان حسنين الشورة في دائرة كفرالزيات نجح كفلاح في الدورة الماضية.. الشورة لم ينجح في تقديم أي خدمات لفلاحي الدائرة طوال وجوده بالبرلمان. لكن الحزب لم يعتمد علي انه لم يقدم خدمات ولكن وضع في مواجهته نائبا قويا هو اللواء أمين راضي بعد تغيير صفته إلي فلاح فكان ان اكتسحه ومعه محمد فتحي البرادعي ابن محافظة الغربية والمعروف جيدا لأهالي كفرالزيات. محمد عبدالعاطي مرشح الإخوان في الفيوم تواجد في الدائرة لمدة شهرين فقط بينما ظل 20 عاما بعيدا عن الدائرة ولا يعرفه أحد فيها وكان طبيعيا أن يسقط. ملخص ما أريد قوله ان الوطني خاض الانتخابات بدراسة مستفيضة عن خصومه ودرس الطبيعة الجغرافية للبيئات الساحلية والصحراوية والريفية والصعيدية.. وقدم مرشحين متوائمين مع هذه البيئات. ولعل هذا يتفق مع ما قاله صفوت الشريف الأمين العام للحزب ل "الجمهورية" قبل الانتخابات عندما أكد أننا نعرف مصر ككف أيدينا. الحزب الوطني لم ينجح بالتزوير ولكن بالنفس الطويل والاعداد الجيد واختيار التوقيت. والمساحة المتاحة هنا لا يمكن أن تسمح بتحليل كل دائرة علي حدة.. ولكن طالما أن الشيء بالشيء يذكر فقد تعرض الحزب الوطني لاستبعاد عدد من صناديقه في بعض اللجان وامتثل لقرار اللجنة العليا بينما لم يمتثل آخرون.. وأكثر الأمثلة فجاجة هو ما تعرضت له فيكتوريا فؤاد مرشحة الوطني علي مقاعد الكوتة في الوادي الجديد فبعد استبعاد صندوق فيه 280 صوتا لها خسرت بفارق 70 صوتا عن منافستها مني ذاكر رغم أن فيكتوريا حصدت 15 ألف صوت في الجولة الأولي واكتفت مني بثمانية آلاف لكن استبعاد الصندوق قلب الموازين. ويبقي الأهم ان الحزب الوطني مطالب بأن يحترم مسئولية الأغلبية الكاسحة ويسخرها لخدمة القوانين التي يحتاجها المواطن. يفصصها ويفحصها ويراجعها حتي تخرج خالية من العوار أو شبهة المصالح الخاصة وهي فرصة ذهبية للحزب ليتذكر الناس انه عمل لصالحهم في القوانين ويدحض الفكرة التي يحاول البعض ترسيخها عنه بأنه نحي المعارضة ليستفرد بالناس. لقد فاز الوطني ب 420 مقعدا منهم 53 لأعضاء منه خاضوا الانتخابات مستقلين ولن يضمهم الحزب وسيشكلون معارضة قوية ضده منهم 16 من التنظيميين الذين خالفوا قرارات الحزب بعدم الترشيح وأصروا علي خوض الانتخابات و7 نجحوا في الانتخابات رغم انهم لم يوفقوا في المجمعات الأمر الذي يؤكد الرأي القائل بأن المجمعات ليست هي كل شيء بالإضافة إلي 30 مستقلا أعضاء بالوطني وخاضوا الانتخابات بعيدا عنه.. 53 مستقلا معارضا بالإضافة إلي 16 من الأحزاب الشرعية وواحد من المحظورة.. انه برلمان منوط به تغيير مصر للأفضل. فهل يستطيع والآن دعونا نتأمل كيف طور الحزب الوطني نظامه الداخلي ليتلافي عيوبه واخطاءه وثغراته. هكذا خسر الإخوان !! الفوز الكاسح الذي حققه الحزب الوطني علي جماعة الإخوان المحظورة أو التنظيم السري غير الشرعي فتح الباب علي مصراعيه لاجتهادات جانبها الصواب عن أسباب الانتصار الضخم.. البعض قال التزوير ونسبه آخرون إلي البلطجة وعزاه فريق ثالث إلي منع مندوبي المرشحين من دخول اللجان أو إلي عدم تنفيذ أحكام القضاء.. لم يعرف أحد ماذا حدث؟ ولماذا؟ وكيف؟ ومتي! استسهلوا الإجابة وقالوا إنه التزوير وأن الدولة لا تريد معارضة في برلمانها القادم سواء كانت أحزاباً شرعية أو جماعة غير شرعية! والواقع أن هذا استسهال. فقصة فوز الوطني الكاسح خلفها قصة طويلة من التنظيم والتخطيط والاستعداد للانقضاض ودراسة نقاط القوة والضعف في الخصم وفي الحزب الحاكم نفسه. لكن وقبل أن نبدأ تحليل الفوز الكبير علينا أن نبدأ الإجابة عن سؤال هام.. هل كان الحزب الوطني يخطط لاستبعاد الأحزاب؟ والإجابة طبعا لا.. المعركة الرئيسية للحزب كانت مع التنظيم السري غير الشرعي.. الوطني كان يخوض معركة الدولة المدنية ضد جحافل تيار الظلام.. أعود للأسئلة.. لماذا الهجوم الكاسح اعلاميا وفضائيا علي الحزب؟ لماذا لم تنجح رموز المعارضة؟.. الحزب الوطني لم يقف يوما ضد الأحزاب فهي لا تمنع من عقد مؤتمراتها وليس عليها قيود لضم أعداد أكبر لعضويتها ولم يمنع أي من ال 24 حزباً من خوض أية انتخابات عامة أو نقابية كما لم يمنع أيهم من إيجاد قواعد شعبية في المحافظات أو خلق قيادات قوية.. اكتساح الوطني لانتخابات 2010 بدأ بعد دراسة أخطائه عام 2005 التي خسر فيها مقاعد كثيرة قبل أن يستعيد زمام المبادرة ويشن معركة الهجوم لاستعادة المقاعد بأسلوب علمي وانتشار. والأهم التوزيع الجغرافي الذي كان له أكبر الأثر في حسم النتيجة.. في عام 2005 خاض الوطني الانتخابات بخمسة آلاف مرشح وحدث تفتيت كبير للأصوات وتوترت المعركة وانقلب المرشحون ضد بعضهم البعض.. فاز الحزب في انتخابات 2005 ب 142 مقعدا فقط لمرشحين أصليين محققا نسبة 32% وذلك قبل أن يضم الوطني 172 مقعدا فاز بها أعضاؤه الذين خاضوا الانتخابات بعيدا عن عباءته لتتشكل الأغلبية من 314 عضوا زادت فيما بعد.. من ثم تعلم الحزب من أخطائه ونحاول حصرها فيما يلي: أولاً : الحزب اعتمد علي رأي المجمعات الانتخابية فقط في 2005 وهي تجربة أظهرت أن المجمعات وحدها لا تكفي فهناك من حصل علي 66% من الأصوات وسقط ومن حصل علي 20% ونجح. ثانيا : اكتشف الوطني أنه لا يستغل سوي 20% من قوته التصويتية فقرر أن يستغلها بصورة أفضل ومن هنا ابتكر أسلوب الدوائر المفتوحة وكان علي كل مقعد في كثير من الدوائر مرشحان وفي القليل ثلاثة وفي النادر أربعة.. ثالثا : بدأ الحزب في استغلال الانجازات التي حققها لفئات كثيرة من الشعب مثل المدرسين بعد زيادة الكادر لهم وموظفي الوحدات المحلية الذين زادت مرتباتهم زيادة كبيرة ب30% من الأجر الأساسي و50% في الحافز بالإضافة إلي زيادة أعداد الذين حصلوا علي وظائف من البرنامج الانتخابي.. الوطني استغل جيدا تنفيذه للبرنامج الانتخابي للرئيس في الوقت الذي لم يقدم فيه الآخرون شيئا. ميثاق الالتزام .. ونقابة المحامين رابعا : استغل الحزب هيكله وتنظيمه جيدا فجعل الأعضاء يشاركون في اختيار القيادات وقوي التزامهم الحزبي بحيث ارتفع الحزب فوق المصالح الذاتية.. وباشر الحزب طريقة مبتكرة في اختيار القيادات التي تشغل مواقعها بالتعيين فجعلها 70% اختياراً و30% انتخاباً وهكذا جعل القواعد تشعر بأهميتها ومسئوليتها إلي جانب برامج للتدريب لكافة القيادات والقواعد الحزبية والتي شملت الرد علي كافة الاستفسارات التي تتردد علي الفضائيات والصحف الخاصة مثل بيع الغاز لإسرائيل وإلغاء كامب ديفيد ولجنة شئون الأحزاب وحق التظاهر والمادة 76 وتعديل الدستور.. وهكذا أصبح أمين الوحدة الحزبية مطع�'َما ضد كل الهجوم والنقد الذي يشنه الآخرون.. وفي الوقت ذاته لم يتوفر ذلك للآخرين.. وفي المجتمعات الريفية يحظي الشخص الذي يجيب عن الأسئلة المحرجة بردود قصيرة وبسيطة ومقنعة بتقدير واحترام. خامسا : الوطني عبأ ذخيرته قبل أن يطلقها وذلك في صورة 6889 وحدة حزبية علي مستوي الجمهورية و319 أمانة حزبية فرعية و29 أمانة محافظات.. واختلفت صفات أمين الوحدة الحزبية عما سبق فأصبح هناك 467 أمينا للوحدات الحزبية بسمات مختلفة أهمها أن بعضهم محاسبون ومهندسون وأطباء. بالإضافة إلي أعضاء بهيئات تدريس الجامعات.. من ثم فإن المستقبل سيكون لأمناء الوحدات الحزبية فهم قادمون للحياة السياسية وقادرون.. وقد تعلموا شيئا جديدا هو أن الانتخابات معركة تنافس مع الآخرين وليس لتصفية الحسابات الانتخابية والصراعات والانتقام من الزملاء الذين فازوا في انتخابات سابقة. وهكذا تم تطعيم مرشحي الوطني ضد فيروسات الانتقام والأنانية وتم صياغة وثيقة التزام حزبي أوكلت قيادتها لأمناء المحافظات الذين كان هدفهم الأساسي هو منع الجماعة المحظورة من الوصول مرة أخري للشعب من خلال خطة قوية أهمها الالتزام.. فإذا كان عدد من خاضوا انتخابات 2005 من التنظيميين 1290 عضوا مخالفين بذلك توجيهات الحزب فإنهم لم يزيدوا علي 121 في انتخابات 2010 . مع بداية العام الجديد حرب خاطفة ضد سوريا ذكرت صحيفة "الواشنطن بوست" أن إسرائيل تستعد لتوجيه ضربة عسكرية لمخازن أسلحة في جنوب سوريا حيث تعتقد أنها تخزن فيها أسلحة لها طبيعة خاصة "صواريخ وكيماويات" لإرسالها إلي حزب الله! الخبر نشر في الصحف العربية بتوسع وفي صحيفتين مصريتين علي استحياء.. لكن ما لم ينشر هو ما دار بين ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي حول العملية وكيف ستتم.. والأهم كيف ستحظي بدعم دولي وتأييد أمريكي. إسرائيل -بمساعدة واشنطن- تزعم أنها جهزت فيلما التقطته الأقمار الصناعية عن هذا المخزن الذي يقع بالقرب من الحدود اللبنانية. وقالت: إن قوات سورية تتولي النقل والتركيب والتدريب. وهي القوة 100. القوة 108 والقوة .112 إسرائيل شرحت خطتها لأمريكا وأن القصف لن يمتد إلي داخل سوريا وسيقتصر علي تدمير المخزن الذي أشاعت إسرائيل أنه يحوي صواريخ سكود تم إرسالها إلي حزب الله. وهو ما نشر في أبريل من العام الحالي. * وقد زعمت الدولة العبرية أن هذا المخزن به 40 ألف صاروخ تم تصدير 10 آلاف منها للحزب.. الولاياتالمتحدة أقنعت إسرائيل بتأجيل الضربة الجوية المكثفة لبداية العام القادم ولم تخف قلقها من الأسلحة المتطورة التي تنتقل للحزب زاعمة انها ستتسبب في زعزعة استقرار المنطقة. الخبراء يقولون إن الولاياتالمتحدة نصحت إسرائيل بالتروي لأن حزب الله في موقع صعب. وإذا أدانتهم المحكمة الدولية في قضية الحريري فإنه لن يقف ساكنا أمام ذلك وربما يسعي لعمل أحمق ضد اللبنانيين.. فلو قامت إسرائيل بضرب سوريا في هذا التوقيت فسيكتسب حزب الله -حليف دمشق - شعبية وشرعية وربما يفجر ذلك أعمال إرهاب ضد الأجانب. ورغم قلق الولاياتالمتحدة البالغ من تنامي القدرات العسكرية لحزب الله. إلا أن واشنطن لا تريد الانسياق في مغامرة تدفع بإيران وسوريا إلي تحرك معاد وهو ما لن تسمح به واشنطن الآن في ظل عدم استقرار المنطقة. كما أن جموح إسرائيل ربما يؤدي لكارثة.. الإسرائيليون لم يقتنعوا بوجهة نظر أمريكا ويصرون علي الاغارة علي المخزن بسرب من القاذفات الحديثة التي لا تظهر علي شبكة الرادار وذلك تحصينا لأمن تل أبيب التي تنتهك أمن الدول العربية وفلسطين ولبنان وسوريا والسودان علي وجه الخصوص ولا تجد من يقول لها قفي.. الاصرار الإسرائيلي علي ضرب سوريا سيكون له مردود خطير جدا علي المنطقة.. لماذا تشاجر مشعل مع هنية؟! يبدو أن الخلافات بدأت تعرف طريقها إلي صفوف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة.. فقد علمت "الجمهورية الأسبوعي" أن حواراً حادا دار بين اسماعيل هنيه رئيس وزراء حكومة حماس في غزة وخالد مشعل زعيم الحركة يوم 5 ديسمبر الحالي اثر اعلان الأول أن حماس لا مانع لديها من الاعتراف بدولة فلسطينية علي حدود 1967. وذلك في مقابلة مع الصحفيين الأجانب. وهو الأمر الذي اعتبره مشعل حديثا لا يليق وأن رئيس وزرائه ليس له الحق في الحديث عن الاستراتيجية العليا.. كان هنية قد أعلن في مؤتمر صحفي مع المراسلين الأجانب أن حماس ستوافق علي أي استفتاء فلسطيني يقبل باتفاقية سلام مع إسرائيل وانها ستحترم هذا الاتفاق شرط أن تكون حدود الدولة الوليدة هي حدود 1967 وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين والافراج عن الأسري. وقد احتد خالد مشعل في حواره مع هنيه حول هذه التصريحات وقال له -كما علمت الجمهورية الأسبوعي- إن ما قاله للصحفيين الأجانب يعد اعترافا منه بالشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية كي يعيد المجتمع الدولي التعامل مع حركة "حماس".. وأهم هذه الشروط الاعتراف بإسرائيل. في الوقت الذي ينص فيه ميثاق حماس علي تدمير إسرائيل والقضاء عليها. رد هنية انه أراد أن يحسن الصورة المأخوذة عن "حماس" في الاعلام الخارجي. ورد خالد مشعل عليه قائلاً: إن تحسين صورة الحركة ليست مسئوليته وكل ما يتعلق بصورة الحركة لابد أن يصدر عن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي وليس مسموحاً لأحد اتخاذ قرار من تلقاء نفسه.. ومضي مشعل قائلاً في صوت ارتفع فجأة: إننا بنينا سمعتنا علي "المقاومة" ولن نضيعها بالاستفتاء أو أحاديث للاستهلاك الاعلامي.. وأكد أن الحركة لا تملك سوي ميثاقها وعليها أن تحافظ عليه. وإذا تحدثت مثلما تتحدث "فتح" فسيفقد كثيرون الثقة بها.. لكن السؤال الهام: هل مازال أحد يثق في "حماس" بعد كل ما فعلته بالفلسطينيين؟!