القمة رفعت عنوانا براقا وهو الاستثمار والتنمية وخلق فرص العمل ولكن العنوان الأبرز الذى يمكن ان نطلقه عليها " انها فاشلة بكل المقاييس " أولا بسبب غياب اهم الزعامات الاوربية حتى لا يلزموا انفسهم بشىء تجاه القارة التى دمرتها سياساتهم المنحازة لمصالحهم على حساب مصالح ابنائها ثانيا تجاهل من حضر منهم كل المطالب الافريقيةو الخلافات بين الجانبين كانت كبيرة جدا لدرجة ان المشاركين لم يحسموا الا موضوع التعاون فى مجال الزراعة وتم ترحيل باقى الموضوعات المتعلقة بالشراكة حتي تصريحات جيدو فيله وزير الخارجية الألماني التى رفض فيها مطالب الزعيم الليبي القذافي بشأن إعداد برامج بالمليارات من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية دليل على عدم الرغبة الاوربية فى الاستماع الى مطالب القارة ومساعدتها فى الوقوف على قدميها. من جهتها كانت السفيرة منى عمر مساعد وزير الخارجية للشئون الافريقية قد اكدت أن مصر قدمت فى السابق 77 مشروعا وأعلن الجانب الأوروبي التزامه بدعمها وتمويلها لكنه لم ينفذ ايا من هذه التعهدات حتي الان مشيرة الى أن الخلافات بين الزعماء الافارقة والأوربيين تركزت حول قضايا تغير المناخ والزراعة والأمن الغذائي والشراكة والتعاون الاقتصادي حيث أرجعت الموقف الاوروبي الرافض وغير المتحمس لتعزيز التعاون الاقتصادي مع أفريقيا إلي تقديم قائمة طويلة من المشروعات وعدم تحديد اولويات محددة إضافة إلي أن الأزمة المالية والاقتصادية التي تركت ظلالا سوداء مشيرة الى أن الموقف الأوروبي هو نفسه لم يتغير خلال القمة . روشتة مصرية ويمكن تلخيص المطالب الافريقية فى كلمة الرئيس حسنى مبارك للقمة والمداخلات التى قام بها احمد ابو الغيط وتعتبر روشتة عمل ناجحة لتحقيق تعاون حقيقى بين الجانبين قائم على الاحترام حيث أشار الرئيس الى معاناة افريقيا من تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية ما بين تراجع أسعار المواد الأولية وموارد التمويل وتدنى الاستثمارالأجنبى المباشروتفاقم البطالة و ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وتحديات تغير المناخ مؤكدا تواضع نصيب افريقيا فى التجارة العالمية وتزايد أعباء الديون الخارجية فى وقت تحتاج فيه القارة للمساندة الدولية و المزيد من المزايا والتسهيلات لنفاذ منتجاتها للأسواق الأوروبية والعالمية من أجل التنمية وتعزيز سعيها للسلم والأمن والاستقرار وتنمية تضع الإنسان الافريقى على رأس أولوياتها تركز على التنمية البشرية فى التعليم والرعاية الصحية وعلى مشروعات البنية الأساسية وتدفع بمعدلات الاستثمار والنمو والتشغيل للأمام . مداخلات خمسة اما المداخلات الخمسة التى قام بها احمد ابو الغيط وزير الخارجية خلال جلسات القمة فكانت غاية فى الاهمية وتاتى استكمالا للموقف المصرى والافريقى لأنها كشفت بشكل خفى وغير مباشر ان الكرة باتت فى الملعب الاوربى إذا كانت اوروبا راغبة فى التعاون والتعامل بندية واحترام مع الجانب الافريقى حيث أكد الوزير رؤية مصر التى ترى ضرورة ان تفى اوربا بتعهدات مساعدات التنمية الرسمية لإفريقيا واتخاذ إجراءات جدية لتشجيع تدفق الاستثمار الاجنبى المباشر للدول الافريقية وتسهيل دخول صادرات هذه الدول الى الاسواق الاوربية ودعم المواقف الإفريقية فى مفاوضات متعددة الاطراف لمنظمة التجارة العالمية فى جولة الدوحة خاصة فيما يتعلق بملف الزراعة . طالب الوزير اوربا بدعم القدرات المؤسسية والبنية التحتية للقطاعات الإنتاجية والخدمية وتشجيع القطاع الخاص الافريقيى خاصة فى المشروعات الصغيرة والمتوسطة إضافة إلى مساندة أوربا لجهود ربط شبكات الطاقة من الكهرباء والغاز فى القارة لكى يتم الربط بين مواقع الانتاج والاسواق الاستهلاكية لتامين احتياجات الدول الافريقية من إمدادات الطاقة . اكد ابو الغيط حاجة القارة ايضا إلى مساندة الشركاء الأوربيين و الدول المتقدمة فى مجالين أساسيين يتعلقان بالمناخ هما التمويل ونقل التكنولوجيا لاقامة آليات لمكافحة تدهور الغابات والتصحر وفق اتفاق كوبنهاجن مع وفاء الدول الاوربية بالتزاماتها وفقا لاتفاقات باريس وأكرا وإعلان أبوجا المتعلقة بالتنمية بشكل عام و التنمية الزراعية بشكل خاص لانها تمثل عمودا فقريا فى الاقتصاد الافريقي وبالتالى تحتاج القارة للمزيد من الاستثمار المباشر كعناصر أساسية لتحقيق الامن الغذائى الذى يتضرر كثيرا من الممارسات الحالية فى التجارة الدولية فى مجال السلع الغذائية بسبب فرض بعض الدول المتقدمة لسياسات حمائية وسياسات الدعم الزراعى بها . الشراكة وليس المنح أهم نقطة اكدت عليها مصر على لسان ابو الغيط هى ان الجوهر الحقيقى للشراكة الافريقية الاوربية يتمثل فى التحول من مجرد تقديم المنح لافريقيا الى تعاون أكثر رسوخا فى مجالات التجارة والاستثمار والتدريب وبناء القدرات عملا بمبدأ اعطنى سنارة ولا تعطنى سمكة حتى استطيع ان اعتمد على نفسى وتتحول القارة السمراء من مجرد متلق وتبلغ سن الفطام الذى طال والمحور الاخر المهم ايضا يخص موضوع الهجرة والتنقل والتشغيل وكانت مصرواضحة فيه بلا مواربة وهوضرورة ربط موضوعات الهجرة بقضايا التنمية بمفهومها الشامل ومستويات النمو على وجه الخصوص وأن دعم أفريقيا فى الاستثمار والنمو واتاحة فرص العمل يصب بشكل مباشر فى مكافحة الهجرة غير الشرعية وأنه كلما ارتفعت معدلات التشغيل فى أى مجتمع بالقارة تتراجع معدلات الهجرة لأوربا بالاضافة الى المحور الذى نادت به مصر ليكون الخطاب الفصل بانشاء واستضافة مركز افريقي لإعادة البناء والإعمار فى مرحلة ما بعد تسوية النزاعات المسلحة و يتبع الاتحاد الافريقي ويتعامل مع كيفية بناء المجتمع بعد النزاع حتى لا يقتصرالأمرعلى عملية حفظ السلام وانما يمتد الى مساعدة اى مجتمع على النهوض مرة اخرى حتى يمكنه تحقيق بعض التقدم والاستقرار . الحسنة الوحيدة ربما تكون الحسنة الوحيدة فى هذه القمة هى المكاشفة التى ظهرت من ضيق بعض الدول الافريقية لعدم التزام اوربا بما تعهدت به وكذلك استماع الاوربيين لوجهات نظر الدول الافريقية والتى تمثلت فى مطالب العديد من هذه الدول التى كانت فى مقدمتها مصر وليبيا التى طالبت بشجاعة على لسان زعيمها معمر القذافى الاوربيين بتقديم خطوات عملية لتحقيق التعاون المنشود حيث قال القذافى بدون مواربة فى لهجة اعتبرها المراقبون تهديدا مبطنا للأوربيين إن اوربا اذا فشلت فى مساعدتنا للتعاون معها فأمام افريقيا خيارات باللجوء الى التعاون مع امريكا اللاتينية والصين والاتحاد الروسي وغيرها من القوى الاقتصادية التى تحترم ثقافتنا ولا تتدخل فى شئوننا .