عندما شاهدت المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين يتحدث بانفعال وغرور وغل عقب مؤتمر عقدته الجماعة في دمنهور. وتحدي فيه كافة الأحزاب السياسية في مصر. أن تقدر علي أن تفعل ما فعله قادة الإخوان عندما جمعوا تلك الآلاف المؤلفة بإشارة واحدة في غضون يوم وليلة. قلت في نفسي: إن ذلك الغرور لن يصل بهؤلاء الذين اغتروا بعاجل الأمر إلي شيء مفيد. وسوف يكون عاقبة ما فعلوه هو الخسران المبين. وقد صدقت نتائج الانتخابات ما ظننته. وإن كانوا بالطبع لن يسلموا بتلك النتائج وسوف يرمونها بكافة النقائص. ومنها التزوير. والتزييف ومنع الحضور. وغير ذلك من االموبقات. فقد تربينا جميعاً في ظل ثقافة تؤصل في نفوس أصحابها قدراً كبيراً من الغرور الذي يبعدهم عن تبصر العيب الذي قعد بهم عن النجاح. ويدفعهم إلي البحث عن شماعة أو أمر موهوم يجعلونه سبباً مباشراً لذلك الفشل. وأقل تلك الأسباب: التآمر لإخفاق الخاسرين. وإفشال الراسبين. إن العبرة في الأمور تمآلاتها. وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بنحواتيمها". ومفاد هذا الحديث: إن العبرة بنتائج الأمور وليس بمقدماتها. فقد تكون المقدمات قوية. لكنها تنتهي إلي نتائج ضعيفة خاسرة. وقد تكون تلك المقدمات ضعيفة. لكنها وبسبب ما عجل فيها من الضعف نبهت أهلها. فأصلحوا شأنهم واستدركوا أخطاءهم. واستطاعوا أن يصلحوا الضعف. ويعالجوا الخلل. وقد نبه النبي صلي الله عليه وسلم صراحة إلي هذا المعني حين قال: "وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتي ما يكون بينه وبينها غير مقدار ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها. وأن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتي ما يكون بينه وبينها غير مقدار ذراع فيعمل بعمل الجنة فيدخلها". ومن ثم تكون العبرة بالخواتيم دائماً. ولم يلتفت المتحدث الإعلامي لذلك التوجيه النبوي الشريف. وفي نظري: أن صنيع المتحدث الإعلامي للإخوان المسلمين يستحق وقفة. فقد صدق عليه الحديث الشريف وجرت عليه الأقدار بغير ما كان يتوقعه في ظل ذلك الغرور الذي كان يتحدث به. وسبق عليه قضاء الله بالفشل وخرج من ذلك التصارع "السياسي" والتكالب علي السلطة والحكم بخفي حنين دون أن يحظي من مولد الانتخابات بقطعة من العظم وليس اللحم. وليس ذلك هو موطن الاعتبار من موقفه. بل إن الاعتبار الأصيل من ذلك الموقف المتغطرس المتجهم الفظ. قد جسد الأحوال العامة للمسلمين في كل مكان. فقد فقدوا كل مقومات المنافسة المتكافئة مع خصومهم. واقتنعوا بتلك المواقف العنترية التي تجيد جمع الحشود وتفريقهم بالضغط علي ذر. لكن تلك الحشود لا تملك من أمر نفسها شيئاً. وأصبحت مرمي لسهام كل شارد ووارد دون أن تقدر علي دفع الاعتداء عن نفسها. إنهم يملكون المال والتنظيم والعزيمة. لكن أسلحتهم ورقية لا تتجاوز حدود الهتافات. ولا تتعدي منطقة الشعارات. أما العمل فلم يعدلهم حظ فيه. ولهذا خسروا الانتخابات كما خسروا الدنيا من قبل. وسوف يخسرون الآخرة إذا ما استمروا علي تلك الحال المتورمة من الغرور. توبوا إلي الله أيها الإخوان المسلمين لعلكم تفلحون.