أسعدني حصول الأنبا أنطونيوس عزيز مطران الجيزة وبني سويف والفيوم علي لقب الكردينال. من قبل بابا الفاتيكان. لا لمجرد كونه ثالث مصري يحتل هذا المنصب.. وإنما لأنه يتميز بالاعتدال والحرص علي الوحدة الوطنية.. والقدرة علي تقبل الآراء المخالفة.. ويؤمن بأن الحوار هو الطريق الوحيد لحل الخلافات. وهو صاحب توجه يندر أن نجده الآن بين رجال الدين.. سواء المسلمون أو المسيحيون الذين يتبنون خطابا آخر مخالفاً.. يتسم بالتطرف واستبعاد الآخر. ويرفضون منطق الحوار. هؤلاء الدعاة والقسس يتحملون جانبا كبيرا من مسئولية تغذية الاحتقان الطائفي. الذي وصل إلي درجة من العنف تهدد مستقبل الوطن.. ولم يعد السكوت عليها ممكنا. لم يكتف هؤلاء باستغلال الكنائس والمساجد لنشر أفكارهم المتطرفة. إنما استخدموا القنوات التليفزيونية التي يقبل علي متابعتها البسطاء في إشعال الفتنة. وما جري منذ أيام في حي العمرانية بالجيزة.. يتطلب أن نتعامل معه بجدية.. وألا نكتفي بالحديث عن وحدة وطنية قوية.. تثبت الأحداث انها تتعرض للخطر. علينا أن نعترف بأن الاحتقان بين الأقباط والمسلمين في الشارع المصري. لم يعد خافيا علي أحد. وان الأساليب التي تتبع لمعالجته لم تعد مقبولة. ولا يكفي أن يؤكد أسقف الجيزة ان قلة من المسيحيين الذين أحدثوا الشغب.. وهاجموا الشرطة. بعد أن شاهدنا عبر شاشات التليفزيون أن المهاجمين كانوا بالمئات. وتبدو محاولة محافظ الجيزة فاشلة. في اقناعنا بأنه تعامل مع الموقف بوعي كامل.. وانه كان ينفذ القانون.. عندما سمح بحشد قوات الشرطة لوقف البناء بالمبني. مما أتاح الفرصة لانتشار الشائعات بأن المحافظة عازمة علي هدم الكنيسة. اعفاء قيادات كنيسة الجيزة من المسئولية.. غير مقبول.. وتبرئة أجهزة المحافظة.. مرفوض. في مثل هذه الظروف نحتاج إلي آراء الحكماء من رجال الدين.. ومن بينهم الأنبا انطونيوس عزيز الذي يتبني هذه الآراء الناضجة. * * * مشاكل الأقباط.. جزء من مشاكل الإنسان المصري.. ما يعانيه المواطن المصري يتعرض له المواطن المسيحي.. مشاكلنا مشتركة. لكن هذا لا ينفي أن لكل جماعة خصوصيتها. وما نطمح إليه أن تؤخذ هذه المشاكل الخصوصية لكل فئة في إطار اهتمام الشأن العام.. وتعالج بسرعة.. بدلاً من أن تبقي معلقة علي الدوام.. لما يؤدي إلي الشعور بعدم الارتياح. وفي هذا الاطار يجب أن تدخل احتياجات الكنائس في إطار الشأن العام. وعلي سبيل المثال.. لقد تأخر صدور قانون أماكن العبادة الموحد سنوات طويلة.. دون مبرر معقول.. مما يؤدي إلي الشعور بعدم الارتياح.. مثل هذه الأمور لا تعالج بالمسكنات. * * * وعن سلبية الأقباط.. يري: السلبية لا تقتصر علي الأقباط وحدهم.. إنما تشمل كل من يشترك في التصويت. ولابد من الاعتراف بأن الطريق أمامنا طويل من أجل إقناع المواطنين بالمشاركة في التصويت.. والاختيار الحر لمرشحيهم. ودور الكنيسة يتمثل في المساهمة في التوعية بأهمية اكتساب القيم الإنسانية والاجتماعية الصحيحة التي يقوم عليها المجتمع العادل الذي يعيش فيه الجميع بكرامة ومساواة وأخوة. ثم نترك كل شخص ليترجم هذه الأطروحات في الانضمام إلي القنوات الشرعية القائمة في المجتمع. فالكنيسة لا تكون أحزابا.. ولا تتدخل في اختيار المواطنين للأحزاب التي يرغبون في الانضمام إليها. ولكنها لا يجب أن تتوقف عن الدعوة للمطالبة بالمشاركة الفعالة. وأن تكثف هذه الدعوة عند استخراج البطاقات الانتخابية.. وبالطبع عند إجراء الانتخابات. * * * وحول الحوار الإسلامي المسيحي.. يقول: * توجد دائرة متخصصة في الكنيسة الكاثوليكية بفتح الحوار مع سائر الأديان والثقافات. وهذا الحوار قائم بالفعل مع المؤسسات الإسلامية سواء الأزهر أو غيره من المؤسسات العالمية الإسلامية المتخصصة. وبقدر صعوبة بل وعدم امكانية أن يجري الحوار حول العقائد. فإنه من السهل تماماً أن يكون حول القيم المشتركة وهي عديدة. مثل قيمة الحياة والعدالة وكرامة الإنسان. وكذلك في مجالات التعاون العملي كالمساعدات في حالات الكوارث والاحتياجات.. وبالتالي فهو تفاعل عملي لا عقائدي. ولقد تجلت أهمية تلك المواقف العملية. في التصدي للأفكار التي كانت تطالب بحرية المرأة في تنظيم ما يسمي بالأمومة المساءلة.. أي اختيار الحمل كما تشاء والإجهاض في أي وقت.. وإباحة العلاقات الجنسية قبل الزواج. هنا تصدي الفاتيكان مع الأزهر لمثل تلك الأفكار.. وتم توجيه الجهات التابعة لهما سواء كانت كنائس.. أم مساجد.. لمعارضة تلك المفاهيم التي تتعارض مع المعتقدات الإيمانية. كما توجد مشروعات اجتماعية ومؤسسات ثقافية مشتركة في مجالات عديدة. لبناء مجتمع إنساني يقوم علي العدل والتعاون والمحبة. * * * وعن الحوار بين الطوائف المسيحية.. يشير: تسعي الكنيسة إلي فتح قنوات للحوار المشترك من أجل تحقيق الوحدة بين الطوائف المسيحية .. لدعم ما هو متفق عليه.. ودراسة مواضع الخلاف في ضوء التعاليم منذ الأجيال الأولي بهدف الوصول إلي صيغ مشتركة مقبولة من كل الأطراف. وتوضيح أسباب اختلاف التعبير عن مضمون عقائدي أساسي واحد.. وهذا ما تم بالنسبة للتعبير عن الإيمان بطبيعة السيد المسيح. هذا الحوار يتم بين المتخصصين..من ثم تعلن نتائجه علي الكنائس المعنية. ونظرا للتباين في التعابير الإيمانية عند مختلف الكنائس. تقيم الكنيسة الكاثوليكية مجموعات حوار مع كل كنيسة أخري. أو مجموعة من الكنائس تتفق عقائديا. وحتي الآن يوجد تقدم كبير في هذه المسيرة.. ولكنها تتطلب وقتا أطول للوصول إلي توافق كامل. * * * وحول تقييمه لممارسات أقباط المهجر.. يؤكد: * المصريون الذين يقيمون في المهجر.. يشكلون كل نسيج المصري بكل مستوياته الاجتماعية والثقافية. وبالتالي فالمستوي الثقافي يتشكل إيجابيا وسلبيا حسب البيئة التي يعيشون فيها. واشهد ان الذين عرفتهم من هؤلاء عناصر طيبة.. ولكن هذا لا يعني انه لا توجد بينهم عناصر لها توجهات وآراء مختلفة عن التوجه العام المتوافق مع الظروف والأوضاع الثقافية في مصر. وهؤلاء يعملون من منطلق ان واجبهم اعلان الفكر المختلف. * بدون شك لن تحل مؤتمرات الخارج. مشاكل الأقباط في مصر. بل قد يزيدها تعقيدا. وأفضل أن يكون الدعم المقدم لحل هذه المشاكل بالحضور إلي مصر.. وعقد المؤتمرات.. والاتصال بالمسئولين.. ومساعدة المؤسسات الكنسية علي أداء هذا الدور. وبعد ذلك علي الكنيسة المحلية أن تعمل ما هو مناسب.