بدأ الحجيج يعودون إلي مواطنهم الأصلية بعد ادائهم مناسك الحج وهم يشعرون بالأمن والطمأنينة لأداء هذه الشعيرة التي فرضها الله علي المسلم مرة في العمر ولكن الذي يؤديها مرة يشتاق لادائها مرة أخري فإذا عاد بعد المرة الثانية اشتاق للأداء مرة ثالثة وهكذا والحج يتفرد بهذا الشوق من بين العبادات التي فرضها الله علي المسلمين والحاج عندما يكون في ارض المناسك يباشر هذه الفريضة ينسي حياته السابقة علي عبوره خط الميقات لانه يعيش في ضيافة الله سبحانه وتعالي يرجو رحمته ويستغفر من هفواته وكله أمل في القبول من الله عز وجل والحج بذلك ينفرد من بين العبادات بالرغبة في التكرار. فالمصلي لا يصلي الفريضة مرتين والصائم لا يصوم الشهر المفروض مرتين وهكذا في سائر العبادات ماعدا الحج فالذي يؤديه مرة يجب ان يؤديه مرة ثانية وثالثة إلي آخر ما يستطيع من الاداء وكل ذلك له علاقة بثمرة الحج والفيوض الربانية التي يمنحها الله لمن يؤديه وحسبنا في ذلك قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" وهذا العطاء الرباني من المغفرة يمنحه الله تعالي لعباده المخلصين ولذلك فإن الحاج قبل ان يذهب لأداء المناسك يتحري نفقاته لتكون من حلال خالص طيب فالله تعالي طيب لا يقبل الا طيبا. والعائدون من الحج يتذاكرون مواقفهم فيه وسعيهم بين المناسك مستمتعين بهذه الذكريات والصداقة التي تنشأ بين الغرباء منهم وهم في ارض المناسك تظل باقية في علاقاتهم بل هي تمثل اقوي العلاقات الطيبة فيتصلون ببعضهم بشتي وسائل الاتصال سائلين عن الحال ومهنئين بالمناسبات وداعين ان تظل رحمة الله تغمرهم وتفيض عليهم ورعا وتقوي. والحاج حين يعود. يعود والامل يملأ قلبه وعقله ان تظل رحمة الله باقية في تصرفاته فلا يأتي من هذه التصرفات الا ما هو خير فإذا بدرت منه هفوة أو غلطة غير مقصودة فإن الآخرين يذكرونه بادائه للحج ومعني ذلك ان الناس ينزهون صاحب هذا الاداء من الاخطاء والهفوات وهذا يجب ان يحيط العائدين من الحج بسياج من التقوي لا يرتكبون معه أي خطأ من الاخطاء. وهذا يدعو المؤمنين إلي ان يتخلقوا باخلاق الحج بعد ان يعودوا فعودتهم كيوم ولدتهم أمهاتهم تتطلب الحرص علي هذه الطهارة البالغة التي اغتسلوا من أجلها بادائهم مناسك الحج.