هذا المسلسل السوري للمخرج "نجدة اسماعيل أنزوري" والكاتبة د. هالة دياب والذي عرض علي أكثر من قناة فضائية في رمضان هذا العام ويعرض الآن علي إحدي القنوات الخاصة. هذا المسلسل مثير للجدل من عدة نواح تتعلق بالقضايا الإسلامية الشائكة التي تعرضها الكاتبة في أسلوب سردي أكثر منه درامي أو حواري ويحاول المخرج أن يبتدع أساليب تكنولوجية حديثة مثل الانترنت والفيس بوك والدردشة حتي يمزج الجانب الدرامي بالأسلوب السردي الممل والمطول الذي كتبته الكاتبة وهي تجاهد لأن تتعرض لقضايا جدلية مثل الجهاد والتعصب الديني والشذوذ الجنسي سواء من الرجال أو النساء وأيضاً الدعارة وحرب العراق وأفغانستان وتداعيات العولمة علي المجتمعات العربية بتقاليدها وأعرافها مع التطرق إلي التنوع الثقافي والحضاري والسفر إلي الخارج وعلاقة الآباء والأمهات بالأبناء والبنات والزواج المادي والخليجي والتجارة والسرقة وغيرها من الموضوعات التي ازدحم بها العمل فلم يعط كل قضية أو شخصية حقها وكفايتها من العرض والتحليل والتفاعل معها والاحساس بكينونتها الإنسانية وليس مجرد عرض بانورامي يعتمد في تكوينه الفني علي دراما الفكر والعقل والقضية أكثر منه تعبيرا حيا يصيغ الأفكار ويجسد المشاعر عبر شخوص تملك مقومات التشويق والإثارة والتفاعل من قبل المشاهد. التعصب الإسلامي والجهاد والجنس ذلك المزج الذي أسست عليه الكاتبة صراعها الدرامي جاء مبالغاً فيه ما بين شخصية توفيق ووالده الشيخ عبدالوهاب وأخته ليله ووالدتها المتزمتة تلك العائلة قدمت نموذجاً سلبياً لصورة وفكر المجتمع الإسلامي. فالابنة المنتقبة تقع في غرام عامل بناء وتصحبه إلي شقة يعمل بها ثم حين يعرف أخوها توفيق يشوه العامل ويضربها حتي الدماء ثم يقيم عليها حد الزنا بالرغم من ثبوت عذريتها وهو ذاته الذي مارس الرذيلة من قبل مع احدي فتيات الحي وحملت منه سفاحًا لكنه رفض الاعتراف بالطفل بل انه يدخل في علاقات جنسية مع نساء الشهداء من المجاهدين وينصب نفسه أميراً لجماعة من المهووسين دينياً ويدربهم علي القتل ويدخل مع الشيخ عمار في حوارات وسجالات عقيمة عن الجهاد من الوجهة الشرعية وتستعرض الكاتبة براعتها وعلمها وفقهها فتقدم آراء الفقهاء والعلماء من الخلف إلي الآن حول فكرة الجهاد والاستشهاد والانتحار وترويع الصغار أو ما يسمي بالإرهاب. ومن هنا نجد أن تصوير الأسرة المسلمة بصورة صدامية متعصبة لا تحمل المشاعر الطبيعية بين الأم وابنتها أو الأب وابنته فإن هذا أضر بالقضية وحولها إلي نمط لا يتحمل التغير حتي أن "ليلة" حين تسافر إلي باريس مع ذلك الزوج المسالم "محمود" تخلع الحجاب فيقاطعها والدها وترفض أمها الحديث إليها حتي بعد الإنجاب!! وفكرة حلقات الذكر ودروس الدين التي تقام في بيوت النساء تحولت إلي الشذوذ بين المعلمة والشيخة "وداد" واحدي الفتيات وهو أمر بالغ الأهمية في أنه يدق ناقوس الخطر حتي بين النساء. الانحراف الأخلاقي والشذوذ: كما لو أن كل الشخصيات في العمل تعاني مشاكل جنسية حتي المدرس الفاضل يطرد من المدرسة لاتهامه بالتحرش بأحد تلاميذه ولا يستطيع الدفاع عن نفسه. وهذا التخاذل من جانب إدارة المدرسة للتحقيق واكتشاف الحقيقة. وكيف يتم التحرش بالصغار من قبل أقاربهم. ومدي الغربة داخل الأسرة الواحدة لدرجة أن الأم لا تدري من أحوال صغارها أو بناتها. فالأم "علياء" الكوافيرة لا تهتم بابنة تنفق الأموال وهي لا تعلم مصدرها مثلها مثل أم "زينة" ابنة العراق وقد طردت من بلدها بعد الحرب وأصبحت تبيع جسدها نظير المال وتبرر خطأها وتلقي باللوم علي الحرب. بينما ذلك الثري رجل الأعمال "نسيم بيك" يتاجر في السيارات المسروقة ولكنه يصل إلي أن يصبح نائباً في مجلس الشعب ولكأن كل العلاقات الأسرية تعاني الانحراف الخلقي أو الشذوذ الجنسي وهو ما صوّر المجتمع السوري العربي بصورة سلبية قاتمة السواد. وإن كانت كلمة "ما ملكت أيمانكم" ومدلولها الديني عن العبودية وفكرة الإيماء. وحق الرجل في التمتع بالمرأة وسلبها حريتها وإرادتها قد اختلطت علي ذهني الكاتبة والمخرج معاً لأن المرأة الحرة في الإسلام وفي الأعراف لا تقع تحت طائلة ذلك العنوان الخادع. كما أن هذا التشتت والاستعراض الفكري وهذه الكتيبة من الشخصيات النسائية قد حولت المسلسل إلي فكرة مضادة للدين ومعارضة للتدين بكل صوره وأشكاله ولم نر شخصيات متوازنة سوي أسرة المدرس وزوجته "ماجدة" وإن كانت سلبية الأب ومثاليته ومهنة الأم كإخصائية اجتماعية قد أنتجت ابنة مهزوزة نفسياً وعاطفياً لدرجة المرض والاكتئاب والوقوع في مشاكل عاطفية والتعرض لكافة أنواع التحرش. وأخيراً فإن مسلسل "ما ملكت أيمانكم" تعرض بجرأة شديدة وفكر مباشر ووجهة نظر حرة وليبرالية تصل إلي حد رفض الدين وإلقاء اللوم علي المتدين لكل القضايا الإنسانية والعلاقات الحميمة بين النساء والرجال سواء السرية أو المحرمة أو الشاذة. وهو ما يستوجب معه إعادة قراءة الواقع العربي إنسانياً في ضوء الحروب والعولمة وليس فقط من منطلق جسدي حسي كما عرضت الكاتبة والمخرج.