موجة من اليأس تجتاح عناصر الجماعة الإرهابية نتيجة الصراع بين قيادات التنظيم المتناحرين وحالة الضياع التي يعيشونها في ظل انهيار كل الوعود والأحلام التي خدعتهم بها الجماعة. ووجود فراغ في الهيكل التنظيمي لها بعد هروب القيادات. أو سجنهم ولم يوجد من يملأ الفراغ الذي تركته مما أدي إلي حالة من التخبط وعدم السيطرة علي عناصر التنظيم. فانفصل العديد من الشباب عن الجماعة واعتزلوا في منازلهم وبعضهم هرب إلي الخارج ويعاني من الإهمال والضياع والأكثر تشددا منهم انضم إلي جماعات العنف مثل داعش والقاعدة. والحقيقة التي يؤكدها كل خبراء الإسلام السياسي أن انشقاق الكثيرين من عناصر الجماعة وخاصة الشباب يضع النهاية الحتمية ل "الإرهابية" بعد 90 عاما من عمر التنظيم الإرهابي العجوز الذي أفسد أبناء الوطن ودمر عقولهم وانتشر في غفلة من الزمن في بعض الأقطار العربية. فكيف يري خبراء الإسلام السياسي موقف الجماعة وبنيتها الإساسية الآن؟ التفكك من الداخل المحامي الشهير ثروت الخرباوي القيادي المنشق عن جماعة الإخوان ومؤلف كتاب "سر المعبد" يقول: هناك عدد من عناصر الجماعة انشقوا منها لأسباب مختلفة فهناك من خرج من الجماعة خوفا من الإجراءات الأمنية ويقومون بدورهم في مواجهة الدولة بشكل فردي بالأدوات الإعلامية وعن طريق صفحات الفيس بوك وتويتر في نشر الإشاعات والفوضي بين المواطنين.. وهناك من الشباب من خرج رافضا الاستمرار في الجماعة وممارسة العمل التنظيمي العادي ويري ضرورة العمل المسلح ضد الدولة وهم عدة آلاف وانضم العديد منهم إلي داعش والقاعدة والخلايا المنفردة لجماعة الإخوان.. وهناك من خرج احتجاجا علي فشل الجماعة في إدارة الأزمة وهم آلاف من الناقمين علي الجماعة وهؤلاء التزموا الصمت وهم غير مؤهلين لتكوين جماعة خاصة بهم وبعضهم في السودان وتركيا وقطر وهناك دعاوي منهم لتكوين كيان مواز للجماعة تكون قيادته من الشباب أنفسهم والابتعاد عن العجائز الذين فشلوا في حل مشكلات الجماعة. وهناك من الشباب من خرج لأنه اكتشف نهج الجماعة الإرهابي في الممارسة وليس الدعوة وهم عشرات وعددهم قليل ويتركزون في البحيرة والشرقية والإسكندرية ويحاولون تكوين مركز دراسات لنقد أفكار الإخوان في مواجهة منظمة مع الجماعة. ويؤكد الخرباوي إن جماعة الإخوان عندما تتعرض لضربات من الخارج تقوي أما عندما تتعرض لضربات من الداخل فإنها تضعف ووضعها الحالي سيئ جدا فالمجتمع كله رافض لها وتتعرض لمواجهة أمنية وإعلامية ضخمة ترتب علي ذلك مشاكل داخلية في الجماعة بين الأجيال المختلفة لذلك فهي تعاني من التفكك من الداخل ولكنها سوف تستمر لبعض الوقت وسوف تظهر منها عدة كيانات متناحرة ومتقاتلة أحيانا. ويضيف: حاليا نسبة قناعة الشباب بأفكار الجماعة لا تزيد علي 9% وسوف تتلاشي هذه القناعة. وهذا يعني إن الجماعة لم تعد جاذبة للشباب لذلك تقوم بالترويج لبضاعتها المعتادة وهي "المظلومية" وذلك لجذب الشباب وهو السلاح الوحيد لديها ولذلك يتم تضخيم بعض القضايا مثل أحكام إعدام قتلة النائب العام والحديث عن التعذيب في السجون لعناصر الجماعة الإرهابية وكلها أوهام ولا علاقة لها بالواقع. التضحية بالشباب أما القيادي الجهادي السابق نبيل نعيم فيقول: التضحية بالشباب هي طبيعة الإخوان فهم يستخدمونه وقودا لمعاركهم الخاسرة. فالفرد في التنظيم يسمونه "الطلقة" ويعتبرونه "كارت محروق" وقد عاينا ذلك بأنفسنا عندما كنا في السودان وقت أن كان هناك صراع في سوريا بين الإخوان وحافظ الأسد. ويضيف: القيادات يضحون بالشباب من أجل أن ينعموا بالغنائم وهو سيناريو مستمر علي مدي 90 عاما فهي قيادات ديكتاتورية وانتهازية وكذابون والشباب يكتشف ذلك ولكن بعد فوات الأوان وقد حذرنا من ذلك في العديد من اللقاءات والحوارات. لذلك فإن خروج الشباب من التنظيم طبيعي سواء بسبب اكتشاف شعارات الكذب والتضليل التي كانت تروج لها الجماعة أو لامتناع التنظيم عن الإنفاق عليهم خاصة بعد تشريدهم في العديد من الدول ومطاردتهم أمنيا نتيجة لجرائم ارتكبوها في حق وطنهم بتحريض من قيادتهم التي تخلت عنهم وانشغلت بتكديس الأموال خاصة أن أموال الجماعة وتقدر بالمليارات علي مستوي العالم موجودة في شكل ودائع بالبنوك باسم القيادات وعند وفاتهم تئول إلي أبنائهم مثلما حدث مع طارق سعيد رمضان الذي اتهم والده بالجنون ورفض رد أموال الجماعة المودعة باسم والده كما أن خيرت الشاطر باسمه 25 مليار جنيه في البنوك سوف يرثها أبنائه. وعن مستقبل الشباب المنشقين عن الجماعة يقول نعيم: بعضهم من أسر ميسورة فهم لا يحتاجون الجماعة وهؤلاء لزموا منازلهم.. أما الأكثر عنفا وتشددا فقد انضموا لداعش والقاعدة . ويؤكد نعيم أن مستقبل الجماعة الإرهابية تحدده الدولة فإذا استمرت في تصنيفها كجماعة إرهابية ومنعتها من ممارسة أي عمل سياسي أو اجتماعي فسوف يضمحل التنظيم أما إذا فكرت الدولة في التسامح معهم فسوف يعود التنظيم من جديد ويسيطرون علي النقابات والأحزاب والجمعيات وهم يقدمون مبادرات في هذا الاتجاه ويتواصلون مع الدول الغربية من أجل الضغط علي الحكومة المصرية للقبول بذلك ولا أعتقد أن المجتمع المصري سوف يتقبلهم بعد أن مارسوا العنف وقتلوا الأبرياء. فراغ في القيادة سامح عيد القيادي المنشق عن جماعة الإخوان والباحث في شئون الحركات الإرهابية يقول: عقب ثورة 30 يونيو 2013 انهارت وعود الجماعة لعناصرها بعد أن أدت تصرفات وقرارات القيادات خلال السنة التي تولوا فيها حكم مصر إلي غضب عارم من الشعب انتهي بالإطاحة بهم وإيداع قيادتهم التاريخية السجون ولم يوجد من يملأ الفراغ الذي تركته مما أدي الي حالة من التخبط وعدم السيطرة علي عناصر التنظيم فانفصل العديد من الشباب عن الجماعة.. كما كان للأموال التي تصل التنظيم من الخارج سواء من التنظيم الدولي أو تركيا وقطر وطريقة توزيعها بالمحاباة وبلا ضابط علي المقربين من القيادات أثرها في رفع الغضب لدي الشباب وقيامهم بالانفصال عن الجماعة. وعقب ثورة 30 يونيو 2013 والصراع مع الدولة وسقوط عدد من الشباب ضحايا هذه المواجهات وكذلك القبض علي بعضهم حمل الشباب القيادات المسئولية عن الدخول في معركة خاسرة مع الدولة وانتقدوا إدارة قيادات الجماعة للأزمة ولم تتقبل قيادات الجماعة هذا النقد وقامت بفصل عدد كبير من الشباب عقب مغادرة الجماعة.. الجزء الأكبر من الشباب ذهب إلي حياته الخاصة بينما هناك بعض الشباب الأكثر تطرفا وتشبعا بأفكار الجماعة اتجهوا إلي تشكيل خلايا إرهابية تعمل بشكل منفرد والبعض الآخر انضم إلي تنظيمات إرهابية قائمة مثل داعش والقاعدة. ويطالب سامح عيد الدولة بالعمل علي تعظيم فكرة تقبل الشباب المنشقين عن الجماعة الذين لم يرتكبوا أعمالا تخريبية خاصة إذا كان هناك خروج فكري للشباب ويري إنه من المبكر الحديث عن انهيار التنظيم خاصة أنها قد تعرضت قبل ذلك لضربات ضخمة وكانت تستمر بعدها مشيرا إلي إن الجماعة نجحت في جذب بعض الشباب عقب فض اعتصام رابعة بالدعاية الإعلامية والضغط علي فكرة المظلومية. الجمود الفكري خالد الزعفراني القيادي المنشق عن جماعة الإخوان والباحث في شئون الحركات الإسلامية يقول بداية من عام 2009 وحتي عام 2010 حدث انقلاب داخل الجماعة بعد ما سيطر الفكر القطبي علي تنظيم الإخوان الإرهابي وهو فكر منغلق مما أدي إلي تغيير أفكار الشباب ولجوئهم للعنف وقد ظهرت نتائج هذا الانقلاب بعد 30 يونيو فقد كان محمد بديع المرشد العام مسئولا عن التربية بالجماعة فقام بتدريس الفكر القطبي للشباب وأصبح بعدها ذلك الشباب مهيأ للعنف والتكفير وبعد فض اعتصام رابعة ومقتل محمد كمال تم تشكيل لجان نوعية من الشباب للقيام بعمليات إرهابية مثل حركة حسم ولواء الثورة والدولة لديها خبرة في مواجهة هذه التنظيمات. ويؤكد الزعفراني إن الشباب وجد إن القيادات مهتمة بنفسها ومشغولة بتحقيق مكاسب شخصية وترفض أي فكرة لمراجعة الأفكار التي تم بناء الجماعة عليه مما أصابها بحالة من التجمد والتكلس وهناك قيادات انشقت وكشفت هذا الأمر مثل عمرو دراج الذي أتهمهم بالجمود وعدم الاهتمام بالشباب. كما أن قيادات الجماعة تقيس ولاء الأعضاء عن طريق ولائهم لأشخاصهم فقط و لذلك لم تهتم بفريق السودان فانشقوا عليهم كذلك الشباب الموجودون في تركيا وشرق أسيا لم يتم الإنفاق عليهم مما أدي لانشقاقهم عن الجماعة وبينما يعيش القيادات وأبناؤهم في تركيا وقطر حياة البذخ والثراء تترك العناصر في مصر والعديد من الدول تعاني شظف العيش والمطاردات الأمنية. مضيفا أن هناك مجموعة من الشباب تسعي إلي العودة إلي أحضان الشعب والوطن وتبحث عن قنوات الاتصال مع الدولة لإعلان التوبة والعودة والتصالح ونبذ العنف والإرهاب. وهناك مجموعة أخري ضائعة في خلايا إرهابية بعضها يشتبك مع الأمن مما يؤدي إلي قتلها أو اعتقال البعض الأخر وتقديمه إلي المحاكمة. ويؤكد الزعفراني أن جماعة الإخوان الإرهابية لا يوجد مستقبل لها في ظل حالة الرفض الشعبي لها ولأفكارها الهدامة فقد ظهرت علي فترات زمنية تنظيمات أقوي منها ولكنها اندثرت مع الوقت مشيرا إلي إن جماعة الإخوان سوف تختفي خلال 10 أو 15 سنة.