* حتي منتصف القرن العشرين كانت معادلة الأرض والسكان في القرية المصرية سواء في الدلتا أو الصعيد كانت متوازنة بحيث يكفي انتاج القرية من أرضها الزراعية وثروتها الحيوانية حاجة السكان وكانت القرية توفر فرص العمل لأبنائها من الفلاحين والموظفين والمدرسين للمدارس القليلة التي كانت موجودة. * كانت قريتنا في وسط الدلتا يحتضنها الرياح المنوفي كمثال يبلغ عدد أهلها حوالي 12 ألف نسمة وزمامها من الأرض الزراعية حوالي 2200 فدان من أخصب الأراضي الزراعية وكانت المساكن بسيطة من الطوب اللبن "الطين" وكانت حيوانات الفلاحين تبيت مع اصحابها خوفاً من سرقتها اذا تركت في الحقول. * وفي بداية النصف الثاني من القرن العشرين كانت هناك أراضي فضاء بين البيوت وكانت هناك أراضي بور كثيرة لا تجد من يزرعها من الأيدي العاملة وكانت مياه الري متوفرة تنساب من الرياح والترع لتروي الأرض "بالراحة" أي دون حاجة لطلمبة رفع أو ساقية ولم تكن أساليب الزراعة الحديثة قد دخلت القري. * وشيئاً فشيئاً وصل عدد سكان هذه القرية المقيمون بها الآن حوالي 25 ألفاً بالاضافة إلي اعداد أكثر من هذا الرقم نزحوا إلي القاهرة الكبري والإسكندرية ودول اخري خارج مصر. * ومع الزحف العمراني المتواصل صار زمام هذه القرية حوالي 1800 فدان داخل الكردون وهذا الكردون يمتد تدريجياً بمعرفة الدولة أو رغماً عنها كما أقام الناس بيوتهم علي شواطئ الرياح وامتد العمران حتي فوق المصارف التي تم ردمها وحول المقابر كما تم ردم كل البرك التي كانت تمتليء بالمياه في فصل الشتاء. * القرية المصرية الآن تستورد الخبز من خارجها وكل أنواع الأطعمة واللحوم المعلبة والمنتجات الصناعية بأموال الذين ذهبوا للعمل في الدول العربية وغيرها وارتفعت العمارات بالقرية وبها المصاعد الكهربائية وهي مطلة علي شوارع مختنقة وبها جميع أنواع المدارس حتي الثانوي العام والفني والزراعي والمعاهد الأزهرية ويطالب أهل الريف بكلية تكنولوجية بكل قرية. * وبقيت في هذه القرية عادات موروثة مثل السوق الإسبوعي حيث يفترش البائعون الأرض ويسدون الشوارع يوم هذا السوق كما امتدت المحلات الصغيرة والكبيرة في كل شوارع وحواري القرية مع اشغالاتها. * كان الإنجاب في النصف الأول من القرن العشرين يصل إلي 4 فقط من البنين والبنات ثم تضاعف الانجاب في النصف الثاني إلي حتي 10 من الأبناء والبنات لكل أب وأم وهذا هو اساس الانفجار السكاني الآن الذي يلتهم كل تنمية مهما بلغت حيث تسجل مواليد القرية حوالي 400 - 500 مولود كل عام وبإجمالي 5000 قرية ومدينة تتجاوز زيادة السكان 2.5 مليون نسمة كل عام. * مهمة الدولة صعبة للنهوض بالريف المصري لوقف الزحف العمراني علي أخصب الأراضي الزراعية التي كونها طمي فيضان النيل والذي لم يعد يأتي لمصر وصعبة لوقف الزحف السكاني والتلوث والتخلف في كل مظاهر الحياة ويبقي المحافظ في الريف والمدن هو أداة الدولة للتقدم والحضارة بالشفافية والإخلاص هو وكل مرءوسيه في المحافظة ومعاونهم والشعب المصري ونظراً لارتفاع أسعار المساكن والإيجارات الجديدة فإن الكثير من أهل الريف يبقون في مساكنهم في القرية ويعملون خارجها في المصانع والمرافق القريبة وكذلك ابناء الريف يذهبون إلي كلياتهم في المحافظة وخارجها يومياً وهنا تبرز أزمة النقل والمواصلات ولكثرة السكان ولكثرة مخلفاتهم برزت كثرة القمامة وتكدسها وعدم وجود خطط لجمعها والاستفادة منها وهنا تبرز أهمية التعاون الوثيق بين المحافظة وكل اجهزة الدولة لخدمة المواطن وإشعاره بحرص الدولة عليه وعلي الترقي بالخدمات.