عندما يتقرر التخلص من احدي شركات قطاع الاعمال العام بطرحها للبيع أمام المستثمرين الوطنيين أو الأجانب لن تجد تلك الخطوة اعتراضات كبيرة من جانب المواطنين. إلا الذين كانوا يفضلون محاولة اصلاح تلك الشركات قبل التفكير في بيعها. ولكن عندما تكون الشركة ناجحة.. وتحقق ارباحاً غير مسبوقة. مثل شركة إيمسال التي اقيمت برأسمال 110 مليون جنيه.. وحققت هذا العام وحده ارباحاً تقرر ب 65 مليون جنيه.. بما يمثل عائداً اكثر من 60% علي رأس المال.. فإن التفكير في التخلص منه يصبح امراً غير مفهوم. ونجزم بانه لا يوجد أي استثمار مشروع في مصر يحقق مثل تلك النتائج.. وأن ما حققته الشركة من عائد خلال السنوات القليلة الماضية.. يبلغ ضعف رأس المال المدفوع. انما الذي يدعو لبيعها. وهل المقصود بفتح المجال امام الاستثمار الأجنبي.. تمكينه من الاستحواذ علي الشركات المصرية الرابحة. أمام اقامة مشروعات جديدة تستفيد من التسهيلات غير المسبوقة التي قدمتها الحكومة للمستثمرين.. وربما شراء الشركات الخاسرة.. لاصلاح مسارها. انقاذ قارون كانت فكرة اقامة المصنع في البداية. انقاذ بحيرة قارون من التلوث. وتحقيق الاصلاح البيئي للقري المحيطة بالبحيرة. وتنمية الثروة السمكية في البحيرة بعد أن انقرضت بسبب التلوث.. ثم انتاج كلوريد الصوديوم. تأسست الشركة عام 84 بتمويل من بعض البنوك ومحافظة الفيوم وكانت المفاجأة انها تفوقت علي شركات قطاع الاعمال بالنسبة لتحويل كلوريد الصوديوم المستخلص من مياه بحيرة قارون إلي ملح طعام عالي النقاوة. وتنفيذ وحدات انتاجية لاستخلاص كبريتات الصوديوم المستخدمة المنظفات الصناعية والحد من استيرادها. ثم نجحت في انتاج كلوريد الصوديوم الطبي الذي سيحقق مطالب مصانع الأدوية لتصنيع محاليل الملح الطبية التي تستورد حالياً بالكامل.. وانتاج كبريتات الماغنسيوم للاستخدام في المخصبات الزراعية كبديل للاستيراد. نجاحات بالجملة تلك بعض النجاحات التي حققتها الشركة. واشار اليها الخبير اللواء دكتور مهندس مصطفي هدهود. في مقاله الرائع السبت الماضي في "الجمهورية" والذي طالب الدولة بعدم بيع "اميسال" محذراً من ان شركات قطاع الاعمال المنتجة لكلوريد الصوديوم.. في الاسكندرية وبورسعيد. تواجه الامتداد العمراني.. وتحول تدريجياً لأراضي اسكان ما يعني أن "أميسال" والشركة التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية في واحه سيوه يمثلان الأساس في صناعة الملح. وأذا صح ما ذكر علي أن اجراءات بيع الشركة لمستثمر غير معروف الجنسية يجري حالياً علي قدم وساق. فان الأمر يدعو إلي الدهشة وبشكل خطر جسيم علي الاقتصاد المصري والصناعة المصرية. لأن اي مستثمر لن يهتم سوي بما يحققه من ارباح.. وتحويلها إلي الخارج. وهذا حقه.. انما واجب المصريين الحفاظ علي مشروعاتهم الوطنية الناجحة. ومازالت تواجه تجربة صعبة.. عندما قام المستثمر مالك احدي شركات انتاج كربونات الصوديوم. بوقف انتاجها الذي تعتمد عليه صناعات استراتيجية في مصر.. اعتراضاً علي زيادة فاتورة الغاز.. ولم يعد بمقدور الحكومة اتخاذ اي اجراء ضده.. واضطرت للاستيراد من الخارج.. في وقت نحن في اشد الحاجة إلي العملة الصعبة. القفز علي الشركات الناجحة وما يدعو للاستغراب أن عيون بعض المستثمرين الاجانب لا تقع إلا علي الشركات الناجحة التي تعمل في مجالات هامة واستراتيجية توفر للمصريين احتياجاتهم. وتغنيهم عن الاستيراد وتوفر العملة الصعبة بما تصدره من منتجات. بينما تجاربنا مع المشروعات التي يقيمها بعض المستثمرين لا تدعو للطمأنينة. فالمستثمر من حقه أن يوقف انتاج مصارفه. في وقت تعتمد عليه الصناعة المصرية.. ونضطر للاستيراد من الخارج. كما انه يسعي إلي تحويل ارباحة للخارج.. بينما المستثمر الوطني يحتفظ بارباحه في الداخل.. ويستخدمها اما في توسعة مشروعه. أو ايداعها في البنوك المصرية.. ولا يعني ذلك التقليل من اهمية فتح ابواب الاستثمار امام المستثمرين الأجانب. بل الدعوة إلي المزيد من الجهد لجذبهم للاستثمار في مصر. ولكن ليس علي حساب المشروعات القائمة الناجحة.. وانما باقامة مشروعات جديدة تستوعب العمالة وتساهم في التخفيف من ظاهرة البطالة. وتوفر للمصريين منتجات باسعار معقولة. ولابد أن يتدخل رئيس الوزراء. لوقف تلك الصفقة الحرام.. التي سيترتب عليها التفريط في صناعة وطنية ناجحة. يقوم علي اكتافها صناعات عديدة.. تمثل الانقاذ الحقيقي والثابت للاقتصاد المصري.. بعد أن ثبت أن الاعتماد علي السياحة لا يحقق النتائج المرجوة.. بسبب ما تتعرض له من توقف في احيان كثيرة. ولا أعرف موقف الادارة الناجحة لشركة "اميسال" من تلك الصفقة. ولا ردود أفعال المحافظة وهي شريك أساسي في ملكية الشركة.. ويهمها الحفاظ عليها. أرجوكم.. أوقفوا تلك الصفقة الحرام.