في الحلقة الثانية من ندوات ملتقي الفكر الإسلامي التي تناولت مخاطر الإرهاب وكيفية مواجهته وتحدث فيها كل من الدكتور عبدالله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية وسليمان وهدان وكيل مجلس النواب. قال الدكتور عبدالله النجار إن البعض يحاول إلصاق الإرهاب والتشدد بالإسلام علي الرغم من يسره وسهولته ورحمته التي تملأ العالم بأسره مصداقا لقول الحق سبحانه وتعالي: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ممن يرتكب الجريمة الإرهابية. وأضاف أن الحياة الإنسانية هبة الله والدم الإنساني معصوم وأي مساس به حرام في شرع الله لذا فإن المواجهة تقتضي تخطيطا لمواجهة فكرية وحوار علمي لتصحيح المفاهيم وقد بذلت الأوقاف والأزهر شوطا طويلا في ذلك. أما أهمية المواجهة الفكرية فتتمثل في أن الإرهابيين يزورون حقائق الإسلام حسب هواهم وليس حسب ما يريد الإسلام فقد قال - صلي الله عليه وسلم - "لا يؤمن أحدكم حتي يكون هواه تبعا لما جئت به" لذا فإن كل الإرهابيين الذين كتبوا في هذا المشروع الإجرامي طوعوا دين الله لما يريدون من قتل.. انظروا إلي هؤلاء الذين يتحدثون منهم في الفضائيات عن الوطن في الخارج تجدهم يتحدثون بأسلوب قميء يدل علي أنهم ليس لديهم ذرة من وطنية وقال: إن التمسك بالدولة الوطنية فريضة دينية لأن التمسك بالدولة الوطنية يعتبر من أهم وسائل مواجهة هذا الداء الخطير.. الذي يريد أصحابه أن نجري علي الحدود نمسك بأطفالنا كما حدث لدول أخري حولنا. وقال: إن الالتفاف حول المشروع الوطني والجيش والشرطة والرئيس هو سبيلنا لمواجهة المخطط الذي يراد لأن المحافظة علي البلد فريضة من أجلها نتحمل شظف العيش ولا نفرط في أعراضنا وشرفنا ووطنيتنا.. إنهم قالوا إن الوطن حفنة من تراب كأنهم يريدون أن نتخلي عن وطننا وأرضنا مقابل فكرة فضفاضة هدف من صنعها تدمير العالم العربي كله حتي يقيم العدو مشروعه من النيل إلي الفرات وأكد أنه فزع فزعا شديدا عندما سألني أحد الطلاب هل دراسة القانون تخالف شرع الله..؟ ومبعث فزعي أن مثل هذه الأفكار يعبث بها أولئك الإرهابيون في عقول الشباب. فقلت للطالب هل هناك قانون تقوم بدراسته يبيح الكفر أو يدعو إلي تردي الأخلاق.. فالقانون يأخذ روحه ومواده من الشريعة الإسلامية ويهدف إلي حفظ مقاصد الشريعة المتمثلة في حفظ الدين والنفس والمال والعرض والنسل وأي قانون يخالف الشريعة من حق أي فرد أن يطعن عليه والمحكمة الدستورية تلغي القانون وتلغي الأحكام المترتبة عليه. وأضاف: أن مواجهة السلاح لا تكون إلا بالسلاح فعندما يعتدي أحد عليّ بالأسلحة فهل أحاوره بالمنطق أم أن المنطق أن أواجهه بنفس ما يواجهني به؟ وبالتالي فما تقوم بها الجهات الأمنية من مواجهة بالسلاح للذين يستهدفونها هو الصواب أما الحوار فمع أولئك الذين لا يحملون السلاح ولوث فكرهم آخرون فهؤلاء يحتاجون إلي الحوار وهي تقوم جنبا إلي جنب مع المواجهة المسلحة. وأشار إلي أن مصر تحارب الإرهاب نيابة عن العالم وسوف تطهر سيناء تماما من خلال العملية الشاملة والسؤال إذا كان الإرهابيون في سيناء من بعض المتشددين لدينا فمن أتي بالجنسيات الأخري التي تقبض عليها قواتنا. وأكد أن جيش مصر دائما يدافع عن مصر ولم يعتد علي أحد. أما سليمان وهدان - وكيل مجلس النواب - فقد تناول محاولات ضرب التنمية لدينا بتضخيم كل عمل صغير.. ليس هذا فقط بل عندما تقوم القوات المسلحة بمواجهة الإرهابيين المسلمين نسمع حديثا عن حقوق الإنسان كأن القوات المسلحة لا تواجه مسلحين قتلة مشيرا إلي أن الإرهاب لا دين له ولا وطن وهو عمل ضد الأديان والعقائد ويحتاج وقفة جادة من العالم كله وليس مصر وحدها خاصة أنه يمارس حروب الجيل الرابع التي تعتمد علي الأفكار والشائعات لتمزيق المجتمعات إلي مسلم ومسيحي وسني وشيعي وهكذا فتختلط الأمور علي الشباب وتنتشر الفوضي لذلك فبعد ثورة 30 يونيو أحرق الكنائس وتم التعدي علي الممتلكات لتحدث الفوضي. وقال: إنني قلت لهم في فرنسا إذا نجح الإرهاب في الشرق الأوسط فلن تنجو منه أوروبا لأن ناره ستصل إليها لذا فنحن نحارب الإرهاب نيابة عنكم وعليكم أن تكفوا عن تمويل الإرهابيين وكما طهرنا سيناء من اليهود في أكتوبر سنطهرها من الإرهابيين. صائم بلا صيام العمل في رمضان ب "سبعين" .. والكسل يسرق الأجر كتب - عبدالعزيز السيد: عندما يهل هلال شهر رمضان يبادر كثير من الناس بالانقطاع عن العمل والجلوس في بيوتهم رهبة من الصيام ويضيعون الوقت في أمور تكون أو لا تكون مهملين أعمالهم الدنيوية متكاسلين عن الطاعة والعبادة وغير مقدرين لقيمة الوقت الذي يضيع من أعمارهم دون اغتنام. الدكتور حساني نور - أستاذ الشريعة بجامعة المدينة العالمية يقول: الوقت بالنسبة للإنسان هو حياته وعمره. والوقت أثمن ما عني الإنسان بحفظه. وإن كنا لا نسمح لغيرنا أن يسرق أموالنا. فكيف نسمح لهم سرقة أوقاتنا وأعمارنا فالمال قد يعوض. أما الوقت فلا يمكن تعويض لحظة منه. ومن ثم فالمغبون والخاسر من فرط في أوقاته ويقول رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس.. الصحة والفراغ". ولقد عرف السلف الصالح قيمة الوقت وأهميته فاستغلوه فيما ينفعهم في دينهم ودنياهم فلم يضيعوا ساعة من وقتهم بل كانوا أشد حرصا علي أوقاتهم من أحدنا علي ماله وخاصة في الأوقات الفاضلة كرمضان.. وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول: "ما ندمت علي شيء ندمي علي يوم غربت شمسه. نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي". وأضاف د. حساني إذا كان الوقت بهذه الأهمية فإن قيمته تكبر وتعظم في مواسم الخير والطاعة والأزمنة الفاضلة وأوقات النفحات والبركات ومن أعظمها شهر رمضان المبارك حيث السوق قائمة والأرباح متوفرة والأجور مضاعفة. فحري بمن يضيع وقته في غير أن يعيد النظر في استغلاله.. والعجيب في رمضان أن يضيع المسلم هذه الأوقات الثمينة في أمور تضيع عليه صيامه وتضيع عليه هذا الأجر العظيم والثواب الجزيل. قال الحسن البصري - رحمه الله: "أدركت أقواما كانوا علي أوقاتهم أشد منكم حرصا علي دراهمكم ودنانيركم". الدكتور عبدالغفار هلال - عميد كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الأسبق - يقول: من دلائل أهمية الوقت ما ورد في الخبر أن اليوم ينادي الإنسان حينما يبدأ بالفجر فيقول له "يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلي عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلي يوم القيامة".. أما رمضان بصورة خاصة فاليوم فيه بسبعين يوما والطاعة فيه بسبعين طاعة. علي ذلك هو كما يقولون إن لله في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها فماذا يفعل الصائم حيال الوقت في رمضان. هل يستغله فيما ينفعه أم يضيعه في اللهو والعبث ومما يؤسف له أننا نجد بعض الناس في رمضان لا يستغلون الوقت في طاعة الله ويضيعونه فيما لا ينفع ولا يفيد فهذا كما يقولون قتل الوقت - يعني - ضيعه وهم يقولون الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. وأضاف د. هلال أن الذين ينصرفون إلي اللهو في رمضان ولا يعملون أعمالا نافعة خاسرون لأن شهر رمضان شهر لتحسين الرصيد من الطاعات.. نعم السعي علي المعاش طاعة والعمل في النجارة والزراعة والصناعة وغيرها من الأعمال التي تفيد الإنسان في نفسه وفي أسرته وفي مجتمعه كل هذه طاعات لله سبحانه وتعالي. ولذلك فعمل العاملين منه ما هو دنيوي ومنه ما يتصل بالعبادة الأخروية ولكنها كلها تُعد من أعمال الآخرة بأن يصلي الإنسان ركعات لله - سبحانه وتعالي - لاسيما في رمضان وأن يقرأ القرآن ويجمع الأسرة علي قراءته في رمضان وأن يتصدق في رمضان وكل هذا مفيد ونافع ويعد ذخيرة للآخرة. وقد ورد "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" فالإسلام يجمع بين الدنيا والآخرة ويحذر الذين يضيعون العمر أو الفرص فيما لا يفيد أنهم خسروا أنفسهم ولذلك قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمني علي الله". وقد قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" فهؤلاء الذين يجلسون أوقاتا طويلة في شيء لا يفيد صيامهم ناقص وثوابهم قليل. الدكتور محمد فوزي عبدالحي - الأستاذ بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر - يقول: إن من العادات السيئة التي أصيبت بها فئات كثيرة من المجتمع الاعتقاد بأن شهر رمضان هو شهر للنوم والتكاسل ومضيعة الوقت والحقيقة أن شهر رمضان هو شهر الجد والعمل والجهاد وليس الصوم فيه سوي أحد المحفزات التي تدعم حياة المرء العملية والبدنية والصحية فما نراه من جلوس البعض متكاسلين عن العمل بدعوي أنهم صائمون أو يتغيبون عن العمل في أثناء رمضان وانفضاضهم عن الأعمال مبكرا وقضائهم جُل الأوقات في المسليات في اللهو واللعب أو مشاهدة ما لا نفع فيه. وأضاف د. فوزي أن النبي - صلي الله عليه وسلم - يقول: لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتي يُسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وهذان سؤلان يختصان بالوقت والقوة وهما رأس المال في هذه الحياة. وهما سبيل المال والسلطان والعمارة والقيادة فإذا توفر الوقت والقوة صارت كل هذه الغايات من الممكنات وقد ذكر القرآن المؤمنين بأعمال رمضان فقال تعالي "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه".. إلي قوله تعالي: "ولتكبروا الله علي ما هداكم ولعلكم تشكرون" فأفادنا أن شهر رمضان شهر لصحبة القرآن وتمحيص الأعمال باتباع هدي الفرقان فيها ولزوم الصيام وذكر الله عز وجل وخاصة التكبير والتفكر فيما أنعم الله وإسداء الشكر عليه. أولئك العباقرة بقلم: شكري القاضي الشيخ عكاشة حسنين.. مع القرآن مائة سنة عاش الشيخ محمد عكاشة حسنين القصير مائة عام 1882- 1982 وما بين مولده ورحيله تتلمذ الشيخ عكاشة علي يد مؤسس دولة التلاوة الشيخ أحمد ندا قبل أن يطوف بجميع محافظات مصر ليرتل القرآن بصوته المفعم بالخشوع ولذا فقد اختاره زعيم الشعب عام 1919 سعد باشا زغلول في منتصف العشرينيات قبيل رحيله ليكون قاريء السورة بمسجد الحنفي.. الطريف ان الشيخ عكاشة كان يشكو في سنواته الأخيرة من بعض شباب القراء - غير الإذاعيين - الذين كانوا ينتحلون اسمه ويشيعون أنه مات. بينما هو علي قيد الحياة حي يرزق. وعلي الرغم من ان الشيخ محمد عكاشة قد امتد به العمر طويلا فإن اسمه لا يذكر إلا نادرا ضمن قائمة رواد القرآن الكريم لسبب ما.. جدير بالذكر ان الإذاعة المصرية قد منعت تسجيلاته من الوصول إلي آذان المستعمين منذ منتصف الخمسينيات ربما لأسباب سياسية ويبدو ان الإذاعة البريطانية قد تعاطفت معه فور منع تسجيلاته وتعاقدت معه لإذاعة ستة عشر شريطا بصوته مرتين أسبوعيا علي مدي عشر سنوات 1955- 1965 مقابل ثلاثة جنيهات عن كل نصف ساعة. لكن التعاقد لم يستمر وانتهت العلاقة بين الإذاعة البريطانية والشيخ بعد أن تنكرت له ولم تسدد له مستحقاته. وبالرغم من انتهاء التعاقد مازالت الإذاعة البريطانية تذيع للشيخ عكاشة تسجيلا شهريا من يوم الجمعة. أخبرني المستشار رفعت عكاشة الابن الأوسط للشيخ محمد عكاشة انه خرج للحياة أثناء زيارة الشيخ رفعت لوالده وأسماه والده باسم الشيخ رفعت تيمنا بالشيخ وأضاف ان الشيخ زكريا أحمد قد وضع لحن أغنية "هو صحيح الهوي غلاب" في منزلهم بحي المنيرة حيث استنبط مطلع اللحن من أداء الشيخ عكاشة فيما تيسر من سورة المعارج في قوله تعالي: سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع. من الله ذي المعارج. تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. فأصبر صبرا جميلا".. الآيات 1:5 قضية فقهية لمن "يعطِّشون" السوق: عليكم لعنة الله تخزين السلع لتعطيش السوق.. يستوجب لعنة الله كتب - محمد زين العابدين السلع المخزنة لدي التجار إذا ارتفع سعرها هل يجب عليهم أن يبيعوها بالسعر القديم أم بالزيادة الطارئة عليها؟ عرضنا هذا السؤال علي العلماء فأجابوا عنه بالإجابات التالية.. يقول الدكتور صبري عبدالرءوف - أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: إن التاجر الذي يشتري السلعة ويقوم باختزانها ومنعها عن الناس وينتظر حتي يرتفع سعرها فإنه يكون محتكرا قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "من احتكر سلعة ليغليها علي الناس فهو ملعون وضرب الله عليه الجزام" وفي حديث آخر: "المحتكر ملعون" أما من اشتري السلعة بقصد بيعها ولم يمنعها عن الناس ثم تغير السعر فله أن يلتزم بسعر السوق ارتفاعا وانخفاضا وإلا انصرف الناس عنه. ولكن من باب الأمانة في البيع والشراء أن التاجر إذا ارتفعت السلعة وقد اشتراها قبل ذلك بسعر قديم فمن الأمانة أن يبيعها بسعرها الذي كانت تباع به بالأمس. وهذا من أخلاق الإسلام وتعاليمه والرحمة لأبناء المجتمع. أوضح الدكتور محمد نجيب عوضين - أستاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة القاهرة - أنه من باب الأمانة والخوف من الله تعالي البيع بنفس السعر القديم ولا يطبق عليها السعر الجديد لأنه يكون قد حصل علي ربحين في آن واحد دون جهد وهو مؤتمن قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "أد الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك" وفي هذا خيانة للأمانة وأكل لمال غير مستحق خاصة إذا كان قد نوي احتكار هذه السلع لتحسبه نقصها في الأسواق وارتفاع أسعارها فيعتبر مستغلا ومحتكرا قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "ولا يحتكر إلا خاطئ" وليس هذا مقصورا علي المطعونات فقط وإنما يسري علي كل ما يباع ويشتري. أضاف الدكتور عطية عبدالموجود - أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر - أنه إذا كانت الزيادة نتيجة للعرض والطلب وليس بتعمد منه ولا يد له في ذلك فجائز شرعا ولا يدخل في معني الاحتكار. أشار الدكتور محمد راشد - أستاذ الفقه بجامعة الأزهر - إلي أنه علي التاجر في ظروف الأزمات التي تمر بها البلاد أن يكون رفيقا بأبناء مجتمعه فلا يحمله الجشع علي الزيادة حتي ولو أقرتها الدولة لأنه يعلم يقينا أن له ربحاً طيباً لو باع بأقل من السعر المحدد. وهذا من باب الرحمة والإحساس بظروف الآخرين والتراحم الذي رغب فيه الإسلام قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن". حديقة الصائم التسليم بغير عقل قال الإمام محمد عبده: من ربي علي التسليم بغير عقل والعمل ولو صالحا بغير فقه فهو غير مؤمن. فليس القصد من الإيمان أن يذلل الإنسان للخير كما يذلل الحيوان بل القصد منه أن يرتقي عقله وترتقي نفسه بالعلم فيعمل الخير لأنه يفقه أنه الخير النافع المرضي لله ويترك الشر لأنه يفهم سوء عاقبته ودرجة مضرته. أنا أعلم من الهدهد دخل أبوالعيناء علي إسماعيل القاضي. وأخذ يرد عليه إذا غلط في اسم رجل وكنية آخر. فقال له بعض من حضرك أترد علي القاضي أعزه الله؟ قال: نعم لم لا أرد علي القاضي وقد رد الهدهد علي سليمان وقال أحطت بما لم تحط به وأنا أعلم من الهدهد وسليمان أعلم من القاضي. قصة المال الضائع يروي أن رجلا جاء إلي الإمام أبي حنيفة ذات ليلة. وقال له: يا إمام! منذ مدة طويلة دفنت مالا في مكان ما. ولكني نسيت هذا المكان. فهل تساعدني في حل هذه المشكلة؟ فقال له الإمام: ليس هذا من عمل الفقيه. حتي أجد لك حلا. ثم فكر لحظة وقال له: اذهب. فصل حتي يطلع الصبح. فإنك ستذكر مكان المال إن شاء الله تعالي. فذهب الرجل. وأخذ يصلي. وفجأة وبعد وقت قصير. وأثناء الصلاة. تذكر المكان الذي دفن المال فيه. فأسرع وذهب إليه وأحضره. وفي الصباح جاء الرجل إلي الإمام أبي حنيفة. وأخبره أنه عثر علي المال. وشكره. ثم سأله: كيف عرفت أني سأتذكر مكان المال؟! فقال الإمام: لأني علمت أن الشيطان لن يتركك تصلي. وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك.