الرابحون في شهر رمضان الكريم هم المستمرون في العبادة المتبعون لأوامر الله عز وجل بإيمان ورضا, ومن لم يترك معصية ويضيع اوقاته في اللهو الخاسر. حيث قال الداعية والمفكر الاسلامي عبدالفتاح عساكر ان كل من يعمل بما أمر الله في القرآن الكريم فهو رابح وكل من عصي لأمر الله فهو خاسر, والاسلام ليس مواسم فهو منهج حياة للبشرية كلها, وعلي سبيل المثال وليس الحصر فمن يعمل صالحا ويصلي ويتلو القرآن الكريم ويعمل لصالح المجتمع والأمة الاسلامية فهو رابح, لأن الفريضة الأولي في الاسلام هي العمل الصالح, ولا عبادات تقبل إلا بحسن أداء العمل. وأكد عساكر أن الشرط الاساسي للفوز برضا الله عز وجل هو أن يعرف الانسان قول الحق تعالي في سورة النجم( وأن ليس للإنسان إلا ما سعي), فالآية صريحة في أن الإنسان لا ينفعه إلا كسبه, وأنه ليس له إلا أجر سعيه وجده, وجزاء عمله وتحصيله. ويقول الشيخ رضا حشاد من علماء الازهر أن الرابحين هم الذين أخلصوا النية وعقدوا العزم علي زيادة الحسنات وهجر السيئات, وصدقوا في توبتهم وأن يتوبوا في كل وقت من الذنوب التي ارتكبوها, ويستغلوا كل ما يملكوا في رضا الله عز وجل, وأكد أن دائما المعصية تحول بين الانسان والطاعة لذلك يجب عليه أن يتوب إلي الله, وأن يعرف الانسان شرف الزمان فلو انتهك شهر رمضان بعدم الصيام, فلو صام الدهر كله هذا لا يعوضه الخسارة التي بنيت علي الافطار بغير وجه حق وأن كان الافطار لعذر فعليه كفارة. كما يربح المسلم الصائم الذي لا يفوته الطوائف, فقال الرسول صلي الله عليه وسلم من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه, والمراد بالإيمان هو الاعتقاد بفريضة الصوم, والاحتساب هو طلب الثواب من الله تعالي, والاحتساب هي العزيمة في قول الخطابي وهو أن يصوم المسلم علي معني الرغبة في ثواب شهر رمضان بطيبة نفسه وبذلك غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه, والاعمال ليست الصلاة وقراءة القران والقيام بل هي كل ما يرضي الله عز وجل من أعمال طيبة كإفشاء السلام بين الناس, وصلة الرحم, وإطعام الفقير, والمسح علي رأس يتيم, وزيارة المريض, ورضا الوالدين, والدعوة إلي فعل الخير وكل ما هو خير يحبه الله ورسوله. وتعد كلمة العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله من أقوال وأفعال, وإقامة الشعائر الدينية, فمن استغل شهر رمضان الكريم في رضا الله هو الرابح. أما الخاسرون في رمضان هم الذين دعا عليهم النبي صلي الله عليه وسلم, والذين لا يعظمون الله سبحانه وتعالي, فقال الإمام الذهبي عن الكبيرة العاشرة في كتاب الكبائر, هي افطار رمضان بلا عذر ولا رخصة, ودليل علي عظم عقاب وسوء تارك صوم رمضان, قال النبي صلي الله عليه وسلم من أفطر يوما من رمضان من غير عذر ولا رخصة لم يقضه صيام الدهر ولو صامه, وقال عليه الصلاة والسلام الصلوات الخمس, والجمعة إلي الجمعة, ورمضان إلي رمضان كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر, وقال عليه الصلاة والسلام بني الإسلام علي خمس: شهادة أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله, وإقامة الصلاة وإيتاء الذكاة, وصوم رمضان, وحج البيت, وعن النبي صلي الله عليه وسلم قال رغم أنف امريء أدرك شهر رمضان فلم يغفر له. * وهناك أنواع للخسارين ومنهم الذين لا يصومون رمضان بغير عذر, الذين يتركون قيام الليل كسلا, والذين يداومون علي مساويء الاخلاق ولا يردهم الصيام عن القيام بالمحرمات, والذين يبدلون أوقات هذا الشهر الشريف إلي الاستماع ومشاهدة المسلسلات والبرامج التليفزيونية التي تنتشر في هذا الشهر الكريم, والذين يضيعون الصلوات ويهجرون المساجد ويوم الجمعة والصلاة في جماعة. واستكمل حشاد الذين يفسدون صيامهم بالمفسدات الحسية( من جماع أو أكل وشرب), والمفسدات المعنوية( الكذب, الغيبة, النميمة, السخرية, الاستهزاء), والذين يستحيون للافطار في رمضان أمام العشيرة والأهل فيسافرون لفعل ما يريدون, والذين يجتهدون في أول الشهر الكريم وتكون عزائمهم في قوة, ثم ينقلبون بعد ذلك في أواخر الشهر الكريم ويعيشون في حياة عبث ولهو والذين يقرؤن ولا يتدبرون في قراءة القرآن الكريم, والذين يبخلون بأموالهم أن ينفقوها في سبيل الله فلا يطعمون جائعا ولا يفطرون صائما, وفي الواقع الحالي يمكن أن نزيد عليهم من يضيعون أوقاتهم في كثرة الكلام عن السياسة وأمور الدولة ولا ينتبهون إلي العمل, وعن كثرة الاصدقاء والاهتمام بالأطعمة والشراب السافر في شهر رمضان, وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها بخير, إلا تحسر عليها يوم القيامة فكل هؤلاء هم خاسرون. * وقال الدكتور عبدالعزيز فتحي رئيس قسم الشريعة الاسلامية بكلية حقوق ان من صام رمضان وأقامه إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه, واستفاد وتأثر من هذه الفريضة التي ترقي بالنفس والروح واستطاع ان يتغلب علي نزاعاته وغايته, فالاساس في العبادة هو تقوي الله لعلكم تتقون وعليه أن يدع قول الزور والكذب والاعمال السيئة التي يقوم بها, ويرد الحقوق إلي اصحابها, هؤلاء هم الرابحون, وأكد الرسول علي ذلك فمن ترك رمضان بلا صيام فهو خاسر, وليس له إلا الجوع والعطش, وإذا كان المسلم يتبع أي سلوك خاطئ فعليه أن يبطله أو يتجنبه, وإن لم يدع تلك الافعال السيئة فليس له حاجة أن يدع طعامه وشرابه, فهو لم يستفد أي شيء من الصيام, وعليه التغلب علي نفسه الامارة بالسوء فهذا هو الجهاد والعزم الذي يوجهنا اليه صيام الشهر الكريم. رابط دائم :