خسائر الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمته إيران مع القوي العالمية في 2015 لن تتوقف علي أمريكا أو إيران فقط .. لكنها ستمتد إلي أوروبا وشركات أخري حول العالم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طالب في 12 يناير الماضي باتفاق مع الأوروبيين لسد الثغرات الفظيعة في النص المخصص لمنع إيران من حيازة السلاح الذري. ويري ترامب أنه لا يحل المسألة علي المدي الطويل. كما يسعي الرئيس الأمريكي تطويق أنشطة إيران البالستية وفرض عقوبات قاسية عليها إذا واصلت تطوير وتجربة صواريخ قادرة علي حمل رءوس نووية في المستقبل. في المقابل يدافع الأطراف الموقعون علي الاتفاق. وعلي رأسهم الأوروبيون. عن الاتفاق مع ايران بقوة. باعتبار أن أي إعادة نظر قد تغذي انتشار السلاح النووي وتهدد بإشعال الشرق الأوسط. تتسع دائرة الخاسرين من مواقف ترامب وأولها هو الاقتصاد الإيراني الذي عاد النمو إليه في السنوات الأخيرة بفضل رفع العقوبات . لكنه لا يزال هشًا. وانخفض الريال الإيراني مقابل الدولار الأمريكي في الأشهر الأخيرة. وفقدت العملة الإيرانية ما يقرب من ثلث قيمتها خلال العام الماضي. فيما تشير تقارير إعلامية إلي أن الانخفاض كان أكثر حدة في بورصات السوق السوداء. أما علي الصعيد العالمي فإن إيران تمتلك رابع أكبر احتياطي من النفط الخام في العالم فضلا عن نحو خمس احتياطيات الغاز الطبيعي وزادت من الإنتاج منذ تخفيف العقوبات إلي حوالي 3.8 مليون برميل في اليوم. بمقدار مليون برميل نفط يوميًا بشكل إضافي علي معدل عام 2015. قبل التوقيع علي الاتفاق. وبالتالي فإن فرض عقوبات جديدة علي صادرات النفط الإيرانية من شأنه أن يؤثر علي المعروض العالمي من النفط. وقد يتسبب في ارتفاع الأسعار. إضافة إلي ذلك . تعد أكبر الصفقات التي وقعتها طهران مع شركات أجنبية كانت مع شركتي "بوينج" و"إيرباص" للطائرات لتحديث أسطول إيران المتهالك . ووقعت "بوينج" صفقة بقيمة 8 مليارات دولار. لبيع 80 طائرة لشركة الخطوط الجوية الإيرانية بعد رفع العقوبات. ومن المقرر تسليم أول دفعة من الطائرات خلال العام الجاري. شركات عالمية أخري تقف علي المحك وهي جنرال إلكتريك وفولكس فاجن وتوتال . فظلت العديد من الشركات الأجنبية الكبري تتخوف من إقامة علاقات تجارية مع إيران بسبب إمكانية عودة العقوبات لكن قرر عدد منها خوض مغامرة الاستثمار بالفعل. ووقعت شركة "توتال" اتفاقًا بقيمة ملياري دولار. للمساعدة في تطوير حقل غاز الشمال جنوب فارس العملاق بالاشتراك مع شركة النفط الوطنية الصينية .. لكن الشركة الفرنسية حذرت من أن اتباع نهج صارم من ترامب يمكن أن يغتال تلك الصفقة. كما فازت شركة جنرال إلكتريك الأمريكية بعقود بملايين الدولارات من الطلبات من إيران عام 2017. وفقًا لوثائق الشركة عن أعمالها في مجال النفط والغاز. وفي عام 2017. أعلنت شركة فولكس فاجن الألمانية. أنها ستبيع السيارات في إيران لأول مرة منذ 17 عامًا. وبشكل خاص استأنفت شركات الطيران الأوروبية مثل الخطوط الجوية البريطانية ولوفتهانزا الألمانية بتسيير رحلات مباشرة إلي إيران.. كما استفادت سلسلة فنادق عالمية من ذلك الانفتاح. حيث كانت مجموعة فنادق "أكور" الفرنسية أول سلسلة فنادق دولية تفتح فرع لها في إيران وذلك في عام 2015. سياسة عزل إيران وإعادة وضع العقوبات الاقتصادية عليها سوف تجعلها أقرب إلي خيار التسلح النووي من أي وقت مضي. قد تكون حالة الارتباك الأمريكي في معالجة ملف كوريا الشمالية النووي. حافزًا إضافيًّا للمتشددين في طهران لتبني خيارات المواجهة والتصعيد. والتي ليس من المستبعد أن تكون تحت غطاء شعبي نتيجة حالة الإحباط الداخلي من فشل الدبلوماسية الدولية.