جمال عبدالرحيم: نسعى دائمًا لفتح مساحات واسعة من النقاش مع صندوق الإسكان الاجتماعي    إزالة فورية ل 15 حالة إشغال وتحرير 42 محضرا في المنوفية    محافظ المنوفية يشدد على الإزالات الفورية في المهد لأية تعديات أومتغيرات مكانية بنطاق المحافظة    ألمانيا تطالب إسرائيل بالتحقيق في كل الحوادث المتعلقة بالأمم المتحدة في لبنان    حسام البدري: إمام عاشور لا يستحق أكثر من 10/2 أمام سيراميكا كليوباترا    22 نوفمبر.. النظر في دعوى ضد وزارة التربية والتعليم لامتناعها عن تنفيذ حكم قضائي (مستندات)    تأجيل محاكمة 61 متهما في قضية اللجان النوعية بالتجمع الخامس    تعرف على مباريات الأهلي والزمالك في الدوري المصري للسيدات    وزير الشباب والرياضة يفتتح بطولة العالم للبادل بالمتحف المصري الكبير    السوبر المصرى.. السلطات الإماراتية تستدعى ثلاثى الزمالك للتحقيق    الولايات المتحدة تعلن عن دعم مبادرات أوكرانيا    تنهي غش الذهب 100%.. مسئول بالتموين يكشف الفرق بين الدمغة بالليزر والقلم التقليدي    منخفض قبرصي يسيطر على البلاد شتاء.. «أمطار وطقس بارد»    مي فاروق تعود للغناء في الأوبرا..تعرف على تفاصيل حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية    بعد ظهورها الأخير.. سر إخفاء ابنة دنيا سمير غانم لمدة 9 سنوات    الصحة : محافظات الصعيد الأعلى في عدد المواليد    وزير الصحة: مصر من أفضل الدول التي أدارت أزمة فيروس كورونا    غدا.. آخر موعد للتقديم في مسابقة الأزهر السنوية للقرآن الكريم    الخارجية اللبنانية تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مراكز اليونيفيل    وزير الدفاع الأمريكي يصل كييف لمناقشة طلب أوكرانيا الانضمام للناتو    20 صورة ترصد جولة رئيس الوزراء في عدد من مدارس كرداسة اليوم    جامعة سوهاج تكرم الناجحين في برنامج إعداد المدربين المعتمدين    النواب يوافق على 9 اختصاصات للمجلس الوطني للتعليم    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    إيقاف نشاط ورشة وفتح شارع.. محافظ الجيزة يستجيب لطلبات مواطنين    تداول 14 ألف طن بضائع بموانئ البحر الأحمر    هيئة الاستثمار تبحث مع وفد اقتصادي من هونج كونج فرص الاستثمار بمصر    كشف ملابسات تداول مقطع فيديو يتضمن تضرر فتاة من تعدى سائق عليها ورفقائها بالسب والشتم بكفر الشيخ    ضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة المصدر بحملة تموينية مكبرة بالقليوبية    "ولع في التروسيكل".. عامل ينتقم من آخر بسبب خلافات بالمنوفية    إصابة مواطن خلال عبوره مزلقان سكة حديد في قنا    النواب يناقش إقتراح أبو العلا بإضافة بند 10 إلى اختصاصات الوطني للتعليم والبحث العلمي    انطلاق مهرجان «أكتوبر العزة والكرامة» بجامعة القناة (صور)    مهرجان أسوان.. الثقافة تقيم حفلين في "أبو سمبل" ب ليلة تعامد الشمس    إيران: سنواصل التنسيق لوقف التوتر المنطقة    وزير الخارجية يدين التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان    ترامب يهدد بضربة مباشرة وسط موسكو.. والكرملين يعلق    شاهد.. حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر (صور)    تفاصيل أول حالة لاستئصال البروستاتا بالتبخير في مستشفيات الدقهلية    الأمريكي صاحب فيديو كلب الهرم: تجربة الطائرة الشراعية في مصر مبهرة    متحف كفر الشيخ ينظم دورة تدريبية لتعليم اللغة المصرية القديمة    بالفيديو.. وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ "حديقة تلال الفسطاط" بقلب القاهرة التاريخية    محمد عمارة بعد تألق ناصر ماهر: زعلان على وجوده في الزمالك    كيف أقصر الصلاة عند السفر.. اعرف الضوابط والشروط الشرعية    ناقد رياضي: على «كهربا» البحث عن ناد آخر غير الأهلي    محفوظ مرزوق: عيد القوات البحرية المصرية يوافق ذكرى إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات»    بينيا: قدمنا مباراة رائعة أمام إشبيلية.. وخبرة تشيزني كبيرة    ايرادات السينما أمس .. أكس مراتي وعاشق وبنسيون دلال يتصدرون    أهداف المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية.. خبير يوضح    منها مواليد برج العقرب والقوس والجوزاء.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 على الصعيد المالي    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    وزير العمل: الحكومة حريصة على صدور قانون العمل في أسرع وقت ممكن    إطلاق رشقة صواريخ من لبنان    «دوائر مغلقة» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم    علي جمعة يكشف حياة الرسول في البرزخ    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    عاجل.. كولر «يشرح» سبب تراجع أداء الأهلي أمام سيراميكا ويكشف موقف الإصابات في نهائي السوبر    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألف باء
السيد هاني.. يكتب عن
نشر في الجمهورية يوم 03 - 11 - 2017

* "الصهيونية العالمية" ولدت في مؤتمر "بازل" بسويسرا وبدأت البحث عن وطن قومي لليهود
* جارودي: البحث شمل الأرجنتين. وقبرص. وموزمبيق. والكونغو. وأوغندا.. وظلت فلسطين هي الهدف النهائي..
* هل كان الوعد ثمرة رشوة قدمها زعيم الطائفة اليهودية الي الحكومة البريطانية..؟
* السلطان عبد الحميد الثاني يقول لهرتزل :
"والله لأن قطعتم جسدي قطعة قطعة.. لن أعطي اليهود شبرا واحدا من فلسطين"
* بابا الكاثوليك : القدس أصبحت مقدسة لعلاقتها بالمسيح.. وإذا ذهب اليهود إليها سنقوم بتعميدهم..
* تحقيق صحفي نشر ب "الجمهورية" عام 1976 يكشف عن مخطط لإقامة الوطن القومي لليهود بصحراء مصر الغربية..!
* وزير المالية الروسي يقول لهرتزل :
"سنشجع اليهود علي الهجرة من بلادنا بركلات الأقدام"..!
من لا يملك أعطي من لا يستحق..!
هذا بالضبط ما فعله وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور في 2 نوفمبر عام 1917. عندما أعطي اليهود وعدا بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين. التي كانت تحت الانتداب البريطاني ذلك الوقت..!
وعد بلفور جاء في خطاب موجه الي اللورد روتشيلد.. هذا نصه :
عزيزي اللورد روتشيلد.. يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته. التصريح التالي الذي ينطوي علي العطف علي أماني اليهود والصهيونية. وقد عرض علي الوزارة وأقرته:
"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلي إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي. وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية. علي أن يفهم جلياً أنه لن يؤتي بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين. ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
المخلص
آرثر جيمس بلفور- وزارة الخارجية- في 2 نوفمبر 1917
اللورد روتشيلد.. هو "ليونيل وولتر دي روتشيلد" زعيم الطائفة اليهودية في بريطانيا ذلك الوقت.. ينتمي الي عائلة "روتشيلد" اليهودية التي تأسست بألمانيا في القرن التاسع عشر. وهي عائلة ثرية جدا تمتلك عددا من المصارف في أوربا.. كانت تقرض الدول الأموال والذهب. مما جعل لها تأثير قوي علي سياسات بعض الدول وقراراتها..
أما الوعد بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.. فتعود قصته الي أواخر القرن ال 19 مع نشأة "الصهيونية" كحركة سياسية عالمية. وضعت لنفسها هدفا أساسيا هو تخليص يهود أوروبا من الاضطهاد بإقامة كيان سياسي خاص بهم.. وقد تبلورت هذه الحركة عندما تمكن "تيودور هرتزل" - يهودي من المجر- من أن يعقد المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة "بازل" السويسرية. في الفترة من 29 الي 31 أغسطس 1897. بحضور 117 جمعية صهيونية جاءت من جميع أنحاء العالم. واتفقت علي تأسيس "المنظمة الصهيونية العالمية" وانتخاب "هرتزل" رئيساً لها..
كان "هرتزل" يعمل صحفياً. وقد تفرغ خلال عمله الصحفي للكتابة عن المسألة اليهودية.. فأصدر عام 1896 كتابه الشهير "دولة اليهود.. محاولة لحل عصري للمسألة اليهودية" الذي رأي فيه أن بقاء اليهود في أوربا سيعرضهم للاضطهاد. وبالتالي فالحل الأمثل هو تأسيس دولة لهم .. قال في كتابه: "اليهود قومية بلا وطن. ولا تُحل قضيتهم إلا من خلال وطن جامع لهم. ولا بد أن يكون هذا الوطن في أرض الله الموعودة فلسطين. إذا لم ننجح بأخذ فلسطين.. يمكن أن يكون وطننا في أوغندا أو الأرجنتين..لكن لا بد أن يكون موعدنا في فلسطين الأرض التي وهبنا إياها الرب"..!!
- بانتخابه رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية.. بدأ "هرتزل" في إجراء الاتصالات بالسياسيين وزعماء الدول الكبري للحصول علي موافقتهم علي إقامة دولة يهودية.. التقي عام 1898 بقيصر ألمانيا "فيلهلم الثاني". كما التقي عدة مرات بالسلطان العثماني "عبد الحميد الثاني" - بين عامي 1896 و1902- وطلب منه الحصول علي قطعة أرض لليهود في فلسطين مقابل سداد ديون الأمبراطورية العثمانية كاملة. لكن السلطان رفض..
كان "السلطان عبد الحميد الثاني" قد علم بالجهود التي يبذلها "هرتزل" لتشجيع الهجرة اليهودية الي فلسطين.. فأمر بتشديد الإجراءات الأمنية علي حدودها وتنفيذ قانون "الإرادة الثانية" الذي صدر عام 1883. ونص علي جعل 80% من أراضي فلسطين "أراضي وقف" تابعة للدولة. و20% منها فقط تخصص للملكيات الخاصة.. من ضمن أراضي الملكيات الخاصة كانت عائلة "سرسق" اللبنانية تمتلك مساحات واسعة تقدر بحوالي0,3% من مساحة فلسطين كاملة.. فباعت هذه الأراضي لليهود بطريقة غير مباشرة.. بذلك تمكن اليهود من الحصول سرا علي قطع أراض لهم في فلسطين..
لذلك عندما طلب "هرتزل" مقابلة "السلطان عبد الحميد الثاني".. رفض السلطان.. فاستعان هرتزل بصديقه "نيوزلينسكي" الذي كانت تربطه علاقة طيبة مع السلطان للتوسط لديه من أجل الموافقة علي مقابلة "هرتزل".. قبل "عبد الحميد الثاني" وساطة "نيوزلينسكي". وتمت المقابلة الأولي بحضور "نيوزلينسكي" في يونيو 1896..
كان السلطان يحرص علي توثيق جميع اجتماعاته ولقاءاته.. وحسب الوثيقة الخاصة بهذا اللقاء.. بدأ "هرتزل" حديثه بالإعراب عن خالص احترامه وتقديره ل"لسلطان الكبير عبد الحميد الثاني".. ثم تطرق إلي موضوع فلسطين قائلًا: "إن الأمة اليهودية ومنذ زمن طويل تتعرض لأقوي وأبشع أنواع الذل والاستحقار والاقصاء. ومن أجل تخليصها من أنواع العذاب الشرسة هذه.. فإن كل ما نريده هو قبولكم لهجرتهم الي فلسطين. لا لشيء سوي إنقاذهم من التمييز البشع الذي يتعرضون له في أوروبا والقيصرية الروسية.. وأتعهد لكم في مقابل قبولكم هذا. بسداد جميع ديون الدولة العثمانية وحتي تزويد الميزانية والخزينة العثمانية بفائض عن حاجتها".
فرد عليه السلطان العثماني بالقول "لا أستطيع بيع حتي ولو شبر واحد من أرض فلسطين. لأن هذه الأرض ليسة ملكىاً لشخصي بل هي ملكى للدولة العثمانية. نحن ما أخذنا هذه الأراضي إلا بسكب الدماء والقوة. ولن نسلمها لأحد إلا بسكب الدماء والقوة.. والله لإن قطعتم جسدي قطعة قطعة لن أتخلي عن شبري واحد من فلسطين"..!
زار "هرتزل" اسطنبول 5 مرات.. وفي كل مرة يلتقي ب "السلطان عبد الحميد الثاني" يسمع منه نفس الكلام ..
البابا يرفض
من بين الشخصيات التي التقي بها "هرتزل" أيضاً من أجل الحصول علي موافقته لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. بابا الكنيسة الكاثوليكية "بيوس العاشر".. المعروف أن الكنيسة الكاثوليكية ظلت متمسكة بموقفها الثابت من اليهود الي وقت قريب.. حيث كانت ترفض التصالح معهم حتي يعترفوا بالمسيح ويعتنقوا المسيحية.. كما كانت ترفض الاعتراف بحق اليهود في العودة الي فلسطين..
- الدليل علي ذلك هو الحوار الذي جري بين البابا "بيوس العاشر" و"تيودور هرتزل". عندما ذهب "هرتزل" الي البابا عام 1903 لكسب موافقته علي إقامة دولة يهودية في فلسطين.. فبعد أن شرح هرتزل خطته للبابا.. دار بينهما هذا الحوار :
* البابا : أصبحت القدس مقدسة لعلاقتها بحياة المسيح.. ونحن لا نطيق ولا نسمح باستقرار اليهود هناك.. اليهود لا يعترفوا بمخلصنا. ونحن لا نعترف باليهود..
- هرتزل : أمن الأنسب أن تظل الأماكن المقدسة بأيدي الأتراك..؟
* البابا : علينا أن نتقبل ذلك. وأن نعمل مصالحة معهم حولها.. لكننا لا نستطيع تأييد الحركة الصهيونية..
- هرتزل : لقد قامت هذه الحركة للضرورة.. ونحن نريد أن نتجنب المشكلات الدينية..
* البابا : حسنا. ونحن لا نستطيع تغيير موقفنا.. طالما أن اليهود ينكرون وجود مسيحنا. وينتظرون مجئ مسيحهم الذي جاءنا فعلا. واليهود هم أولي الناس بالاعتراف به. لكنهم مازالوا ينكرونه حتي يومنا هذا..
- هرتزل: ربما لا تكون الاضطهادات وسيلة صحيحة لكسب اليهود..
* البابا : جاء المسيح بدون أي قوة.. كان فقيرا.. جاء بالسلام.. لم يضطهد أحدا. وإنما هو الذي تعذب واضطهد.. واضطهد الحواريون كذلك وعذبوا.. وقد قامت الكنيسة في وقت متأخر. بعد ثلثمائة سنة. وهي مدة كافية لليهود لأن يعترفوا بألوهيته من غير أي ضغط خارجي.. بيد أنهم لم يفعلوا ذلك حتي الآن..
- هرتزل : لكن يا قداسة الأب. لقد عاني اليهود وتألموا بفظاعة.. ولا أدري إذا كنتم قداستكم ملمين بما حاق باليهود وبحالتهم السيئة.. المضطهدون يريدون أرضا..
* البابا : ولماذا الاصرار علي القدس ؟.. لقد دمر هيكلكم الي الأبد.. أم لعلكم تريدون إعادة بنائه. وتقومون بالمذابح وتقديم الضحايا كما اعتدتم أن تفعلوا في الماضي...؟
- هرتزل : لا نريد سوي الأراضي غير المقدسة..
* البابا : لا نوافق علي ذلك.. وإذا نزل قومكم هناك. فلابد من تعميدهم "أي : تنصيرهم"..!!
التفكير في أوغندا
هكذا يأس "هرتزل" من إمكانية إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.. فاتجهت أنظاره الي أوغندا حيث منابع النيل. لكن المنظمة الصهيونية رفضت بشدة هذا الاقتراح..
- محاولات "هرتزل" البحث عن وطن قومي لليهود تناولها المفكر الكبير "روجيه جارودي" في كتابه : "فلسطين- أرض الرسالات الإلهية" - الطبعة العربية- ترجمة د. عبد الصبور شاهين ص 288.. يقول "جارودي" : "والواقع أنه يري - يقصد تيودور هرتزل- أن المشكلة الجوهرية هي خلق دولة قوية في أي مكان تكون.. ولقد تصور علي التوالي أن تكون في الأرجنتين. حيث كان البارون هيرش قد أقام مستعمرات يهودية. ثم تصور أن تكون في شبه جزيرة سيناء والعريش - المصدر: يوميات هرتزل. ترجمة مارفن لونثال ص 336 وص 367- ثم طلب بعد ذلك قبرص من الحكومة الإنجليزية. فلفت وزير الخارجية البريطاني جوزيف تشمبرلن نظره الي أن قبرص يقطنها اليونانيون والمسلمون . فلن يكون بوسعه أن ينزع ملكيات لصالح القادمين الجدد - المصدر يوميات هرتزل ص 375- فبماذا أجاب هرتزل ؟.. لقد قال : "فليذهب المسلمون . وأما اليونانيون فسيكونون سعداء إذا باعوا أراضيهم بثمن غال . ثم يهاجرون الي أثينا أو الي كريت - المصدر : يوميات هرتزل ص 376-. ثم طلب بعد ذلك أرضا من البرتغال في مستعمرتها موزمبيق. ومن بلجيكا في الكونغو - المصدر : يوميات هرتزل ص 386- وأخيرا اقترحت عليه الحكومة الإنجليزية أوغندا- المصدر: يوميات هرتزل ص 393- وهي في الواقع جزء من كينيا . ولقد تقدم هرتزل بهذا الاقتراح يؤيده فيه ماكس نوردو الي المؤتمر العشرين الصهيوني في أغسطس 1903 وكانت فضيحة. فقد صوت 295 مندوبا معه. وصوت 177 ضده وغادروا قاعة المؤتمر. وعندما تراجع هرتزل وأعلن أن هذه لم تكن سوي مرحلة . وأن الهدف النهائي لا يمكن أن يكون سوي فلسطين- المصدر : يوميات هرتزل ص 409- وقد أضاف هرتزل في خطابه الختامي قوله : اسمحوا لي أن أكرر أيضا بلغة أسلافنا القسم القديم الذي يقيدني كذلك: "لو نسيتك يا أورشليم فلتنسني يميني"..
يقول جارودي في كتابه - الطبعة العربية ص 289- : "لم يستمر هرتزل بعد ذلك في مساعيه في نفس الإتجاه . وفي 23 من يناير 1904 التقي بملك إيطاليا الذي بدأ يتكلم عن سبتاي زفي. المسيح المزيف. الذي كان أحد أجداده قد تواطأ معه - المصدر : يوميات هرتزل ص 425-.. وقد أثارت هذه المقارنة هرتزل . الذي خاطبه الملك بقوله بأنه عامله أولا علي أنه كاهن رباني.. ورد هرتزل : لا يا سيدي إن حركتنا ذات صبغة قومية محضة- المصدر: يوميات هرتزل ص 426- وحدد له هرتزل عندئذ موضوع مساعيه . علي أنه إطلاق حركة التهجير اليهودي الي أقصاها في طرابلس الغرب "ليبيا" في ظل القوانين والنظم الليبرالية لإيطاليا - المصدر: يوميات هرتزل 427-.. وكانت إجابة الملك . التي ذكرها هرتزل نفسه في يومياته ص 427 ذات مغزي - تماما كما كانت إجابة تشمبرلين عن قبرص -.. قال له : ولكن هذه الأرض ديار إناس آخرين.. وقد أجاب هرتزل علي هذا بعقلية استعمارية وامبريالية غاية في الصفاء.. قال : ولكن تقطيع أوصال تركيا قريب"- انتهي الاقتباس..
* وينشر جارودي في نفس الكتاب ص 322. نص الرسالة التي بعث بها وزير خارجية روسيا فياشسلاف بلف الي هرتزل في 30 من يوليو عام 1903وجاء فيها : "فمادامت الصهيونية تستهدف إنشاء دولة مستقلة في فلسطين . وتسمح بتنظيم الهجرة من روسيا لعدد من الرعايا اليهود. فإن الحكومة الروسية يمكن أن تتعاطف معها تعاطفا كاملا . ولكن بمجرد انحراف الصهيونية عن هذا الهدف الأساسي. لتحل محله دعاية لتركيز اليهود قوميا في روسيا . فمن الطبيعي ألا تستطيع الحكومة في أي حال أن تتسامح مع هذا المسلك الجديد للصهيونية"..
* ويروي جارودي في صفحة 325 من الكتاب نقلا عن يوميات هرتزل. نص المحادثات التي جرت في مدينة سان بطرسبرج يوم 9 أغسطس 1903 بين هرتزل والكونت ويت وزير المالية الروسي.. "كتب هرتزل يقول : وأخيرا سألني عما أريد من حكومته ؟.. فقلت له : بعض التشجيع.. قال : ولكننا نشجع اليهود علي الهجرة. مثلا بركلات الأقدام أو "الشلاليت"..!"
الصحراء الغربية
إذا كان لي أن أضيف الي ما ذكره المفكر الكبير "روجيه جارودي" في كتابه عن محاولات اليهود البحث عن مكان لإقامة وطن قومي لهم.. فهو أن منطقة الصحراء الغربية في مصر وصولا الي الساحل الشمالي علي البحر الأبيض المتوسط. كانت من بين المناطق المرشحة لإقامة الوطن القومي لليهود.. هذا ما اكتشفته خلال تحقيق صحفي قمت به في صيف 1976 حول طرق الاستيلاء علي أراضي الدولة. ونشر بجريدة "الجمهورية" عدد الأحد 26 سبتمبر 1976 صفحة 8. تحت عنوان: "فصل جديد لمهزلة اغتصاب أراضي الدولة".. حيث وجدت أن بعض اليهود قد استولوا علي مساحات شاسعة من الأراضي المصرية في هذه المنطقة. وبالبحث وجدت أن المساحات التي استولوا عليها هي كالآتي :
- ايليا ليفي : استولي علي 13 ألف فدان في مناطق العامرية وكنج مريوط وعلي امتداد الساحل الشمالي..
- فيلكس دي منشه : استولي علي 3 آلاف فدان بامتداد الساحل الشمالي غرب الإسكندرية..
- جاك دي منشه : استولي علي 2500 فدان بنفس المنطقة..
- أوجست مجليه : استولي علي 1000 فدان بمنطقة كنج مريوط..
- جوردانو : استولي علي 900 فدان غرب الإسكندرية..
- هان لوظة : استولي علي 450 فدانا غرب الإسكندرية..
وذلك بالإضافة الي أسماء أخري كثيرة تتراوح ملكياتها بين المائة والألف فدان..
يتضح من اتساع هذه المساحات أن الهدف من الاستيلاء عليها لم يكن الاستثمار الزراعي فيها. إنما كان الهدف هو "وضع اليد" تمهيدا لإعلان قيام الدولة اليهودية عليها..!
أسباب وعد بلفور
عندما صدر وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917. كانت نسبة اليهود في فلسطين لاتتعدي 5 بالمائة فقط من مجموع السكان.. ثم بدأت هذه النسبة تزداد تدريجيا مع زيادة الهجرة اليهودية الي فلسطين. التي كانت تشجعها أطراف متعددة : حكومات بعض الدول. ورجال أعمال يهود. ومنظمات يهودية علي رأسها المنظمة الصهيونية العالمية..
* دراسات كثيرة تناولت الأسباب التي تقف وراء صدور وعد بلفور..
- بعض الدراسات تقول إن وعد بلفور كان ثمرة "رشوة" قدمها "اللورد روتشيلد" زعيم الطائفة اليهودية في بريطانيا ذلك الوقت. الي الحكومة البريطانية.. عبارة عن مبالغ مالية ضخمة ساعدتها علي الخروج من الأزمة المالية الطاحنة والظروف الاقتصادية الصعبة التي عانت منها بريطانيا في نهاية الحرب العالمية الأولي..
- بعض اليهود ينسب الي نفسه دورا في صدور وعد بلفور.. منهم علي سبيل المثال "حاييم وايزمان" أول رئيس لإسرائيل. وثاني أهم شخصية في تاريخ الصهيونية بعد هرتزل.. هذا الرجل حاصل علي درجة الدكتوراة في الكيمياء مع مرتبة الشرف. وهاجر الي بريطانيا عام 1904 ليعمل أستاذا لمادة الكيمياء في جامعة "مانشستر".. استطاع من خلال أبحاثه تطوير طريقة جديدة في "التخمر الصناعي". أدت الي إنتاج مادة "الأسيتون" - التي تستعمل في إزالة طلاء الأظافر. كما تستعمل أيضا في تصنيع مادة "الكوراديت" المتفجرة.. قدم لبريطانيا هذا الاختراع. فكان الأساس في تصنيع الذخيرة التي استخدمتها في الحرب العالمية الأولي.. بذلك أصبح حاييم وايزمان مقربا من الشخصيات البارزة في بريطانيا وزاد اهتمام البريطانيين به.. فاستغل ذلك في الضغط علي وزير الخارجية البريطاني جيمس آرثر بلفور وإقناعه بإصدار وعد بلفور الشهير بمنح فلسطين لليهود لتكون وطنا قوميا لهم..
كان "وايزمان" أحد الذين رفضوا بشدة عام 1903 فكرة "هرتزل" بجعل أوغندا وطنا قوميا لليهود بدلا من فلسطين. التي اقترحها هرتزل بعد أن فشل في الحصول علي موافقة السلطان العثماني عبد الحميد الثاني علي هجرة اليهود الي فلسطين.. لذلك عندما التقي "وايزمان" ب"بلفور" عام 1906 قال له: "إن اليهود يعتقدون أن استبدال فلسطين بأي بقعة أخري في العالم هو نوع من الكفر. فهي أساس التاريخ اليهودي. ولو أن موسي نفسه جاء ليدعو إلي غيرها ما تبعه أحد, وسيأتي اليوم الذي سننجح فيه في استعادة بلادنا فهذا أمر لا شك فيه"..
- من الشخصيات اليهودية التي ذكرت بعض الدراسات أن له دورا في صدور وعد بلفور. "فلاديمير زيف جابوتنسكي" الذي يعتبرونه أحد أشد زعماء الحركة الصهيونية تطرفا.. كما يعتبرونه الأب الروحي لكل من مناحم بيجين. وآريل شارون. وبنيامين نتنياهو. وكل الغلاة المتطرفين في حزب الليكود الإسرائيلي. باعتباره المؤسس الأول لهذا الحزب.. يرجع دوره في صدور وعد بلفور الي أنه قام بتأسيس "الفيلق اليهودي" الذي شارك في الحرب العالمية الأولي الي جانب بريطانيا. كما تولي قيادة الكتيبة 38 في الجيش البريطاني.. كان يعتقد دائما أنه يجب علي اليهود مساعدة بريطانيا في الاستيلاء علي فلسطين وإلغاء الولاية العثمانية عليها.. لذلك عندما انتهت الحرب العالمية الأولي دعا إلي الاستمرار في تجنيد شباب اليهود بحجة حماية المستوطنات في فلسطين. وأسس عصابة "الهاغاناة"..
* هناك أيضا من يقول إن وعد بلفور لليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين.. قد صدر بايعاز من الحكومة الأمريكية ذلك الوقت !..
* تلك قصة أخري نتناولها في مقال قادم إن شاء الله تعالي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.