البداية استغاثة وصلت إلي "139 جمهورية" تتحدث عن وفاة أطفال وإصابات غامضة بأعراض متشابهة تجمع عائلتين بينهما نسب. وتوالت الأحداث وتصارعت خلال فترة قليلة. ومن حينها كانت للجمهورية المبادرة في التحرك كعادتها في توصيل الاستغاثة إلي الطب الوقائي بوزارة الصحة وشاركت الفريق المكلف بالكشف عن سبب الإصابات خطوة بخطوة. حيث كان لنا دور كبير في توضيح الكثير من النقاط وكشف الغموض لثقة القراء بنا. لتتوالي الإصابات بعدها لتصل إلي 12 إصابة من بينها ثلاث وفيات. وكنا ملتزمين بعدم النشر لحين الكشف عن هوية الميكروب لعدم إثارة الشائعات والبلبلة. حيث كان اهتمامنا ينصب في المقام الأول علي مساعدة العائلتين في التخلص من الكابوس الذي أصابهم علي مدار ثلاثة أشهر نشر بينهم الفزع والرعب وجعلهم يتركون منازلهم ويفرون منها كمحاولة أخيرة للنجاة من الإصابة الغامضة. وإلي التفاصيل..... تلقت محررة الجمهورية اتصالاً هاتفياً علي "139 جمهورية" من الأم "إ. خ" يوم السبت 25 فبراير الماضي تستغيث خوفاً علي أولادها بعد تكرار حالات الوفاة والإصابات الغامضة التي تحدث بعائلتها وعائلة أقارب زوجها بمنزلين متجاورين وبعد تهدئتها لمعرفة ما يحدث لتسرد لنا قائلة "البداية في منتصف شهر ديسمبر الماضي بعد إصابة أحد أفراد العائلة من المنزل الأول زوج شقيقة زوجي ويدعي "ع.. ر" بعد مجيئه من مأمورية خاصة بعمله بطابا بأعراض مشابهة للتسمم وهي عبارة عن قيء وإسهال شديد وتم حجزه بالمستشفي وخرج إلي المنزل الثاني منزل المتصلة أهل زوجها المجاور بنفس الشارع ومكث عشرة أيام طريح الفراش وفي اليوم الأخير هاجمته الأعراض مرة أخري ليتم حجزه للمرة الثانية بأحد المستشفيات. لتأتي بعدها شقيقة زوجته في يوم 26 يناير الماضي من المنصورة لزيارتهم. ودخلت نفس الحجرة لتستريح من عناء السفر ونامت علي نفس السرير الذي كان ينام عليه المصاب الأول. ومعها ابنتها "ج. أ" والتي تبلغ من العمر سنتين ونصف وشقيقاها في المرحلة الثانوية. ليستيقظوا في الصباح لنفاجأ الأم بإصابتها بقيء وإسهال شديد وذهبوا بها إلي أحد الأطباء وفي أثناء رجوعها أبلوغها أن طفلاها الذكور أصيبا بنفس الأعراض وأخذتهما لعرضهما علي الطبيب. وكانت الساعة الواحدة والنصف صباحاً ووقتها ظهرت الأعراض بطريقة أشرس علي الطفلة الصغيرة. والتي بدأت بإسهال وقيء شديد جداً وخلال دقائق معدودة أصيبت بغيبوبة واعوجاج شديد في الأطراف. أول حالة وفاة علي الفور أخذوها إلي المستشفي وأخبرهم الأطباء بتوقف عضلة القلب وارتفاع نسبة السكر في الدم إلي 500 علي الرغم أنها لم تكن تعاني من السكر. بالإضافة لإنسداد في الرئة وتم تعليق محاليل باستمرار ودخلت لعمل قسطرة ليفاجأ الأطباء بجفاف شديد وعدم وجود مياه نهائياً بجسدها وتوفت في الحال صباح يوم 30 يناير. ليخيم الحزن علي العائلة. ولم يمر وقت طويل لتصاب زوجة المصاب الأول بنفس الأعراض ليتم حجزها بالمستشفي لتعليق محاليل وتركت ابنتها "ل. ع" ثلاث سنوات مع الزوج. وطفلها "س. ع" سبعة أشهر مع والدتها. وبعدها أصيبت الجدة من المنزل الثاني بنفس الأعراض مع وجود تشنجات وتم التشخيص علي أنه حزام ناري. وفور علم الأم بإصابة والدتها بالتشخيص خرجت من المستشفي بعد كتابة إقرار علي نفسها للاطمئنان علي والدتها وحدث ذلك في 2 فبراير ثم عادت لمنزلها في البيت الأول مع ابنتها وزوجها. ولم تمر ساعات قليلة ليظهر علي الطفلة الصغيرة نفس الأعراض. وتتوقف عضلة القلب لمدة 25 دقيقة وتم احتجازها في الرعاية المركزة وحتي كتابة هذه السطور وظلت الأم في مرافقة ابنتها طيلة عشرين يوماً. وكان يهاجمها المرض من حين لآخر. لتدخل في فترات متتالية من الغيبوبة ثم انتقلت الطفلة لمستشفي أخري يوم الأربعا 22 فبراير. ومنعت الأم من مرافقة ابنتها لتعود إلي منزلها بعد أن أخذت ابنها الرضيع من والدتها. وما هي إلا ساعات وظهرت نفس الأعراض علي الطفل وأسرعوا به إلي المستشفي ليتم التشخيص المبدئي من الأطباء كالعادة بأن الحالة نزلة معوية حادة. وطلبوا إجراء أشعة علي الصدر وكان الوقت متأخراً فلم يجدوا مركزاً يعمل وعادوا به إلي المنزل لشروق يوم جديد. الحالة الثانية وبعد عودتهم إلي المنزل تركوا الطفل علي فراشه. وبعد ساعات قليلة تحول لونه إلي الأزرق وأسرعوا به مرة أخري إلي المستشفي أملاً في إسعافه. ظناً منهم أن عضلة القلب توقفت مثلما حدث مع الحالات السابقة ولكن المستشفي أكدت لهم وفاة الطفل يوم الجمعة 24 فبراير ليبدأ القلق والفزع يصيب جميع أفراد العائلة من جديد وتم استدعاء الوحدة الصحية البيطرية بالقليوبية. وأخذت عينات من الطعام والمياه حيث جاءت الشكوك الأولي للإصابة "بأنفلونزا الطيور" وأكدوا أنهم في اليوم التالي سيتم تعقيم المنزل ولم يأتي أحد!!. ليستيقظ الجميع يوم الأحد 26 فبراير علي كارثة أخري وهي إصابة الجدة 63 عاماً مجدداً بنفس تسلسل الأعراض حيث خرجت من منزلها مستغيثة بأبنائها بعد إصابتها بحالة اختناق وعدم القدرة علي التنفس وإسهال وقيء متتالي أفقدها القدرة تماماً حتي أسرعوا بها إلي المستشفي. الاستغاثة الثانية تم الاستغاثة بمحررة الجمهورية مرة ثانية لتساعد الأسرة المكلومة في إسعاف الجدة وبالفعل. تم الاتصال بمدير مستشفي النيل لسرعة الاطمئنان علي الحالة وعمل اللازم. وتم وضعها بالعناية المركزية وبعدها بدء التحرك من جهة أخري حيث علمنا أن الإدارة الصحية البيطرية أحالت الموضوع إلي الطب الوقائي لعدم اختصاصها بعد تأكيدها أن الحالات ليست مصابة "بأنفلونزا الطيور". وعلي الفور تم التواصل بالدكتور عمرو قنديل رئيس قطاع الطب الوقائي بوزارة الصحة والذي كان وقتها في زيارة لمحافظتي قنا وأسيوط. وطلب مني إبلاغ الدكتور علاء عيد مدير القطاع. ليتم تشكيل فريق بحثي للكشف عن اللغز. وكانت "الجمهورية" مرافقة للفريق للمساعدة في معرفة سبب الإصابات المتشابهة والمتعددة بما لديها من معلومات من الأسرة. وتم نقل الجدة إلي مستشفي حميات إمبابة وعلي الفور توجه الفريق إليها للحصول علي المعلومات الكاملة منذ إصابة أول حالة من أفراد العائلة. ومساء نفس اليوم ذهب الفريق إلي المنزل الموبوء لمعاينته وكانت "الجمهورية" شريكاً أساسياً ترشد الفريق وتمده بمعلومات وبيانات عن كيفية التحرك داخل المنزل. والتي بدأت بزيارة شقة المصاب الأول. وتم اكتشاف أن الزوجة تعاني من "إسهال مصاحب بدم" وتم إبلاغ مدير الفريق ليتغير مسار التحاليل. ولكن لم يسفر البحث عن أي نتيجة رغم مجهودات الفريق لأننا لا نعرف عما نبحث؟!! وكل ما كنا نفعله محاولة ربط الخيوط ببعضها لحل الألغاز التي تحيط بالمرضي وأسبابه. اكتشاف ميكروب في الدم ومن وقتها فريق البحث يعمل ليل نهار. بأخذ العينات باستمرار لعمل كافة التحاليل وزيارات متتالية للمنازل المصابة لأخذ جميع العينات ورصد أي تغييرات لربط الأحداث. حيث كانت تحوم جميع الشكوك في بداية الأمر في الاشتباه بإصابة الحالات "بفيروس كورونا" ثم "الالتهاب السحائي" والتي تبددت تلك الشكوك بعد إجراء جميع التحاليل والفحوصات وفي مساء يوم 2 مارس تلقت المحررة استغاثة جديدة من أحد أفراد المصابة تستنجد لمساعدتها في توفير عقار "ديفلوكان" حيث طلبته إدارة المستشفي بعد إجراء تحاليل "واكتشاف ميكروب في الدم". ولكن العقار غير متوافر بالصيدليات لأنه ضمن الأدوية غير المتوفرة في الفترة الأخيرة. وبالفعل تم التواصل مع روابط الصيدليات بعد معاناة شديدة والحمد لله تم العثور علي العقار المطلوب ليكتشف ووقتها احتمالية تعرض الضحايا لإشعاع نووي أو تناولت طعاماً تعرض للإشعاع. وعلي الفور توجه فريق الطب الوقائي بالأجهزة المتخصصة للكشف علي جميع محتويات المنزل وعمل زيارات متعددة ومتتالية للمنازل الموبوءة. وفي اليوم التالي فوجئ الجميع بإصابة الحالة العاشرة للجد والد الحالة الأولي وتم دخوله إلي العناية المركزة بجوار الجدة. وبعد مرور عدة أيام تحسنت حالته وخرج. كما تحسنت حالة الجدة نسبياً من العناية المركزة. الهدوء الذي يسبق العاصفة وأثناء عمل الفريق الطبي بإجراء التحاليل المعملية المختلفة. حيث علمنا أنه تم إجراء تحاليل وفحوصات غير متواجدة بمصر للكشف عن هوية الميكروب الذي يتسبب في الحالة المرضية. وحيث ينتج عنه نوبات إسهال وقيء متكرر للشباب. لا يتحمله كبار السن والأطفال. وبعد مرور سبعة أيام لم يصاب أحد دق الفزع مرة أخري تلك المنازل بإصابة الطفلة "م. م" سنتين ونصف من المنزل الأول بنفس الأعراض وذلك فور تعاملها مع المصاب الأول بعد تناولها "ساندوتش" كان يتناوله. وعلي الفور تم نقلها إلي حميات إمبابة بعد ظهور نفس الأعراض عليها بشراسة. وتبعها علي الفور الفريق الطبي ليصاحب أول حالة للأطفال فور إصابتها وتتبع الحالة لحظة بلحظة. وتم أخذ العينات منها ولكن القدر لم يمهل الفريق الحصول علي عينة براز حيث توفيت في صباح الجمعة 10 مارس وبعدها بيومين فقط أصيب أخيها "م. م" ذات التسع سنوات بنفس الأعراض ودخل المستشفي ومازال يتلقي العلاج وساد الذعر بجميع المحيطين ليخرج السر إلي العلن بعد وفاة الطفلة الأخيرة. ليفروا من منازلهم خوفاً علي ما تبقي منهم وأطفالهم. وليهاجم المرض مرة أخري المصاب الأول. ومازال البحث جارياً للكشف عن هذا الميكروب بالتعاون مع الطب الوقائي. حفظ الله مصر.