بدون مقدمات ندخل في الموضوع ويمكننا الإيجاز في عدد من النقاط: ** النقطة الأولي: منذ أكثر من ألفي سنة قال المؤرخ الاغريقي "بلوتارك" من الممكن أن نجد مدينة بلا أسوار ولا ملوك ولا ثروة ولا ثقافة لكن لم ير إنسان قط مدينة بلا معبد ولا يمارس أهلها عبادة والمعبد الذي يقصده بلوتارك مهما كان اسمه أو وصفه أو صفته التي تتربع في القلوب وينبع منها وتسيطر علي النفوس وتستهوي العقول وترسم للأفراد ومن ثم للأمم الطريق والسلوك والمنهاج انه الضمير والضمير هو عنوان الحق وهو ميزان العدل وهو مقياس الحكم وهو منبع الصدق وهو ضد العنف والارهاب والعدوان وهو أخيراً جوهر الدين أي دين ولا يمكن للضمائر أن تموت وأبداً لن تموت. ** النقطة الثانية: أجمعت كل الأديان وضعية أو سماوية علي الدعوة إلي المساواة وإعلاء قيم العدالة والمحبة والسلام والأمن والأمان والخير إلي الرحمة حتي مع الحيوان كما أجمعت علي رفض الكراهية والظلم والعنف والغدر والتطرف والاغتياب والعدوان والارهاب حسب ما ذكر بموسوعة "قصة الحضارة" للفيلسوف الأمريكي "ديورانت". ** النقطة الثالثة: يؤكد المؤرخ البريطاني "ارنولد توينبي" ان الدين أي دين ليس أمرا ثانويا لبناء الحضارات وصونها بل هو عنصر يمدها بكافة الأخلاق والقيم الروحية كما يمدها بالمعاني الحقيقية والأصيلة للخير والحق والجمال وبنفس القوة هو عنصر رئيسي وأساسي في تكوين الضمير الجمعي. هذا رأيي الدستور.. وانفصام فكري مجدي زكي سيدهم "نائب رئيس مجلس الإدارة - مدير عام الجمعية المصرية للتنمية الشاملة" أصبح يشغلني كثيراً في الآونة الأخيرة مظاهر كثيرة بعد قراءتها أجد ان هناك فجوة بين الفكر والممارسة العملية. فعلي سبيل المثال لا الحصر قانون الكنائس. أحداث المنيا. الزي المدرسي للفتيات الصغيرات وغيرها من الممارسات اليومية التي تصدر عن مسئولين أو أفراد طبيعيين أو شخصيات اعتبارية. كيف يستقيم أن يقوم الشعب المصري بالملايين بثورتين متتاليتين رافضاً الفكر الوهابي السلفي المتطرف الذي يشوه سماحة الإسلام ويحول مصر إلي دولة وهابية ويوجد للأسف بعض المسئولين يمارسون نفس الفكر الوهابي فكأننا قضينا علي أشخاص وليس علي فكر وكأننا كنا ننوي تغيير شكل الحاكم وليس تغيير الفكر الذي يحكم به. وبالرغم اننا اتفقنا علي دستور مدني إلا ان القائمين علي التنفيذ بعيدون عن هذا الدستور مخالفون فلسفته وفكره وكأن لهم دستورا لا نعرفه غير الذي يحكمنا ووافقنا عليه. مفارقة غريبة جداً أن نجد أبناء النيل يبذلون الدماء الزكية بطول المحروسة وعرضها محاربين خفافيش الفكر المتأسلم وفي نفس التوقيت نجد المسئولين يكرسون حياتهم بتنفيذ مبادئ هذا الفكر كسلوك يومي محمود. فأي انفصام هذا؟ كيف يستطيعون أن يفعلوا ذلك؟ يمارسون نفس الفكر الذي يحاربونه! كيف لنا أن نرفض فكراً ونعيشه في نفس الوقت! وهنا يأخذني لسؤال آخر يلح عليّ هل فعلاً لدينا عزيمة وإرادة لعودة الروح المصرية وعودة الدور الريادي لمصر في المنطقة العربية وقيادتها ضد خفافيش الفكر الوهابي. أما ان الفكر المتأسلم سينتصر ويتجرأ لجرنا للهاوية من أجل حفنة من المال. وكيف لنا أن نتشدق طول الوقت ان إسلامنا وسطي جميل يقبل الجميع ونصدر هذا الكلام للغرب حتي لا يتهمنا بأننا من نصدر الإرهاب ثم نمارس تعنتا وتسلطا ضد هذه السماحة ومن المعروف ان لمصر تاريخاً طويلاً في الحياة اليومية المشتركة لجميع الأطياف والجنسيات وهي الفكرة التي يجب أن تؤكد عليها ويتم تصديرها للعالم.