إن يوم "عيد الأضحي" يأتي بين مناسك الحج عبادة العمر وتمام الأمر وكمال الإسلام والدين. وهكذا فإن لعظمة هذا النسك اليوم اقترن اسمه بهذا العيد. فقيل فيما قيل "عيد الأضحي" وقيل أيضاً "عيد النحر" ويقول الفقهاء والدعاة: إن لفظ "الأضحي" جمع اضحاه والاضحاه ما يذبح في وقت الضحي وكذلك الأضحية تذبح يوم العيد. أما اسم "عيد النحر" فقد جاء بها القرآن العظيم "فصل لربك وانحر" "سورة الكوثر آية 2" وهذا يعني ان شعيرة النحر في هذا اليوم لابد أن تكون بعد الصلاة ولذا قال الرسول المصطفي: "من ذبح قبل العيد فقد ذبح لنفسه ومن ذبح بعد العيد فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين" وهكذا فإن هذا الحديث الشريف يؤكد معني عظيم القيمة هو ان الغاية ليست مجرد لحم يؤكل ويتصدق به أو يهدي منه للأقارب والأصدقاء وإنما هي في الالتزام بميقات معلوم ودم يراق باسم الله مقترناً بذكر الله معبراً عن خشية الله الذي خلق الإنسان وكرمه وسخر له هذه الأنعام كما قال سبحانه "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوي منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله علي ما هداكم وبشر المحسنين" "سورة الحج آية 37". - وهذا هو "عيد الأضحية" يقبل علينا بنوره وجماله ويعود بالألباب والخواطر إلي الموقف الباقي علي الزمن والخالد في التاريخ والمردد علي شفتي الأيام. موقف ابراهيم مع اسماعيل عليهما الصلاة والسلام: يوم دعاهما داعي الحق تبارك وتمجد إلي التضحية الكبري والبذل الأعظم فأصغيا للدعاء واستجابا للنداء.. وليس بطريقة الوحي المألوف في وقت اليقظة بل بطريق الرؤيا في المنام وقد كان قال تعالي "رب هب لي من الصالحين.. فبشرناه بغلام حليم فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. ان هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين. سلام علي ابراهيم. كذلك نجزي المحسنين. انه من عبادنا المؤمنين" "سورة الصافات من آية 100 إلي 111". - وفي هذا اليوم السعيد المجيد يحسن بنا أن نتذكر قول الله عز وجل لرسوله الكريم "إنا أعطيناك الكوثر" "الكوثر 1-3" أي الخير الكثير في الدين والدنيا.. فاشكر ربك علي هذه النعم واعبده لأنه أهل للعبادة دون سواه "فصل لربك وانحر" أي اعبده عبادة القلب والروح والحسي والمادة التي يمثلها النحر والتطوع بالأضحية ولا مبالاة بالأعداء والمبغضين "إن شانئك هو الأبتر" لأنهم هم المقطوعو الأثر والخير واما أنت فخيرك باق موصول وذكرك دائم مرفوع وتمر الأجيال بعد الأجيال وترطب شفاهها كل يوم مرات ومرات بذكر اسمك والصلاة عليك وتمجيد سيرتك العطرة. أما الرسول المعلم فقد قال في جوامع كلمه "إن الله كتب الإحسان علي كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته.. يجعلها حادة مسرعة القطع"..وفي هذا العيد الذي يتقرب فيه الإنسان المسلم إلي الله بالأعمال الصالحة وأبرزها الإحسان إلي الفقراء ندعو الله سبحانه لمصر بالأمن والأمان والاستقرار والعمل لزيادة الانتاج لكي يتحقق هدف الخير والرخاء لكل أبناء الأمة.