فتح أبوابه بعد العصر وكان شعاره "يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر" سوق للفقراء وشاربي المر. تمنينا أن يعود ويستمر بعد الفجر وقبل الظهر وكل وقت علي امتداد الشهر يبيع جميع المنتجات لذوي الدخل المحدود ويرحمهم من سعار الأسعار وويلات الفقر بعد أن ضجت الجيوب وفرغ الصبر. جرت العادة أن تحمل الأسواق أسماء الأيام التي تنعقد فيها إلا هذه السوق فتحمل وقت عملها خلال ساعات العصر. وسوق العصر شارع بمنطقة السبتية بحي بولاق أبو العلا بالقاهرة. حمل اسم السوق الشعبي الذي ظهر منذ عشرات السنين ببيع احتياجات الفقراء ومحدودي الدخل من الأدوات المنزلية القديمة التي انتهي عمرها الافتراضي واختفت قطع غيارها في السوق. يبيعها بأسعار زهيدة تتناسب مع دخولهم المحدودة. ظهرت أسواق العصر في دول عربية أخري منها تونس. تبيع الأشياء القديمة وتحدد اللافتات أسعارها البسيطة "كل شيء ب 500 مليم" ونحو ذلك. ظهرت في أحياء هلال والملاسين والسيدة والزوالي منذ أكثر من 100 عام. كانت تنعقد بعد العصر وامتدت أوقاتها قبل ذلك وبعد ذلك بسبب إقبال الناس عليها وتلبيتها لاحتياجاتهم. وفي مدينة قسطنطينة "عاصمة شرق الجزائر" سوق للعصر تسمي أيضاً مدينة الجسور. تنعقد هذه السوق بساحة سيدي الكتاني أو ساحة سوق العصر. وتستقبل الفقراء ذوي الدخل المحدود وتلبي احتياجاتهم بأسعار زهيدة. وسوق العصر مسلسل تليفزيوني عرض 2001 تأليف محمد جلال عبدالقوي وإخراج هاني إسماعيل. بطولة أحمد عبدالعزيز ومحمود ياسين وغادة عبدالرازق. يروي المسلسل قصة الصراع بين الخير والشر بعد ثورة 23 يولية 1952 ضحي بالكثير من أجلها ثم وجد نفسه في مواجهة مع رموز الفساد. المسلسل 40 حلقة. من شوارع السبتية أيضاً شارع سليمان باشا الخادم والي مصر صاحب أول مساجد القاهرة التي بنيت علي الطراز المعماري "مسجد سارية الجبل بالقلعة" 1528 ومسجد سنان باشا بشارع السنانية بالسبتية 1571 والي مصر والصدر الأعظم واستاذ العمارة وجامع الملكة صفية بالدرب الأحمر 1601 وجامع محمد علي بالقلعة .1848 تتبع منطقة السبتية حي بولاق أبو العلا وربما جاء اسمها من باعة الأسبات "السلال" التي تصنع من البوص وتستخدم في حمل الأشياء والشراء من الباعة الجائلين. وفي الجزيرة العربية يطلقون اسم النعال السبتية علي النعال المصنوعة من جلد البقر المدبوغ واسم السبت معناه الراحة. يمتد شارع السبتية من كورنيش النيل إلي ميدان رمسيس وهي أكبر سوق مصري للحديد والخردة والمواسير يتم فرز الخردة وبيع الصالح منها في سوق العصر. كانت السبتية في مطلع القرن العشرين سوقاً للحبوب خاصة الأرز والسبتية منطقة بقضاء المثني في لبنان وقرية بمحافظة بغداد بالعراق. كانت السبتية عامرة بمحلاتها وأنشطتها المختلفة في العصرين المملوكي والعثماني ولما جاءت الحملة الفرنسية "1798 - 1801" قاوم أهالي بولاق أبو العلا الحملة فضربها نابليون بونابرت بالمدافع وسواها بالأرض. عاد العمران إلي المنطقة في عصر محمد علي "1805 - 1848" وازدهرت بالميناء النيلي والمدارس والمصانع خاصة الانتاج الحربي والنسيج والورق والسكر وتحولت إلي تجارة الحبوب مطلع القرن العشرين وبعد ذلك إلي الحديد والخردة والأخشاب. انشئ بها سوق محطة مصر 1910 علي الطراز الاسلامي. تأتيه البضائع في سائر مناطق مصر وهو الآن مقر أثري يحتاج إلي رعاية المتخصصين. انتشرت أخبار فأر السبتية في صحف الخمسينيات من القرن الماضي الذي اتهم بقرض الأسلاك وقطع التيار الكهربائي وتحول إلي شماعة لإهمال المهملين ثم فساد الفاسدين ومن فتوات بولاق حسن لمبي وابراهيم كروم وقيل ان الأخير رفع لافتة تقول "فتوة بولاق يرحب بجمال عبدالناصر فتوة مصر". تقول الروايات ان فتوات بولاق وغيرها كانوا أهل شهامة وإنصاف يدافعون عن المظلومين والضعفاء في مواجهة الظالمين والغرباء. أرجو أن تتحول سائر الأسواق إلي قيم أسواق العصر ترحم ذوي الدخل المحدود وتكتفي بهامش معقول للربح عسي أن يبارك الله لهم في تجارتهم وسائر أعمالهم.